لا يعِد الله بحماية كاملة من التجارب والمِحَن في عالم ساقط، أو من غربلة العدو وهجماته. ولكنّه يعِد دائمًا بأن يكون معنا، وأن يسندنا، وأن يحفظنا بيده القويّة.

يمكننا أن نفهم تردُّد يونان حين دعاه الربّ للذّهاب إلى نينوى لينادي برسالة الإيمان والتوبة. ومع هذا، لم تكن مقاومة يونان علامةً على البرّ بقدر ما كانت مؤشِّرًا على التمرُّد. فقد كان يظنّ أن محبّة الله ورحمته لأهل نينوى في غير مكانهما.

تعلَّم أيوب من خلال الألم أنّ الله غير مُطالَب وغير مُلزَم بأن يقدِّم سببًا لما نمرّ به من مِحَن وصعوبات. ليس مهمًّا أن نفهم. الأمر المهمّ الوحيد هو أنّ الله يفهم السبب، ونحنُ نثق به.

تُعلِّمنا امتحانات داود ومِحَنه دروسًا ثمينة. أوَّلًا، استنتاج أن عملًا ما هو إرادة الله بسبب ظروف تصادُفيّة هو استنتاجٌ متجرِّئ وقح.

مؤكَّد أنّ الله لم يمتحن إبراهيم ليكتشف شيئًا فيه لم يكن يعرفه. فالله، عارف كلِّ الأشياء، الذي يعرف النهاية من البداية (إشعياء 46: 10)، مؤكَّد أنّه كان يعرف طبيعة إيمان إبراهيم وصفاته. ولكنّ الله امتحن إبراهيم ليعلِن ويقوّي ويزكّي حقيقة إيمانه.

في بعض الأحيان يأتي الله بنا إلى البرّيّة ليُعلِن الحقّ البشع عن حقيقتنا، نحنُ الذين حرَّرَنا الله من عبوديتنا. ما نزال خطاةً – بعمق. ما نزال ناسًا غير مؤمنين يجدون الإيمان جهادًا مستمرًّا.

يكون التحدّي الذي نواجهه في فهم المِحَن والتجارب وامتحان إيماننا أشدّ حين لا يتوافق اختبارنا الشخصي مع توقّعنا الاعتيادي بشأن الاتّساق الأخلاقي والعدالة.

ما لا يقتلنا فإنّه بنعمة الله يجعلنا أضعفَ في اعتمادنا على ذواتنا، وأكثرَ اعتمادًا على قوّة الله. وكل هذا بالذي احتمل مِحنة الصليب حتّى نستعيد الحياة المُعتمِدة. وبنعمته فقط نبقى معتمدين بالكامل (مثلما نحيا متبرِّرين بالإيمان وحده) على الذي نعمته كافية تماماً لنا.