مُحاربةُ الشعور باليأس - خدمات ليجونير
أولادُ اللهِ الراضون
۲۵ يناير ۲۰۲٤
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤
أولادُ اللهِ الراضون
۲۵ يناير ۲۰۲٤
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤

مُحاربةُ الشعور باليأس

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [السادس عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ مملكة الله].

في مكانٍ ما جنوب مدينة أنكوراج في ألاسكا، على طريق سيوارد السريع، كان صديقي تائهًا وبحاجة إلى توجيهات ليصلَ إلى مكانٍ يُدعى "هوب" في ألاسكا، وهي قريةُ صيدٍ نائيةٍ في شبهِ جزيرة كيناي. سألَ الرجلَ العجوزَ في محطّةِ الوقود: كيف أصلُ إلى "هوب؟" فأجابه العجوز مُبتسمًا كممثّلٍ حائزٍ على جائزة الأوسكار يتفوّه بعبارة تمرّن على إلقائها بشكل جيّد: "اذهب إلى الكنيسة وصَلِّ."

جميعُنا سيفعلُ حسنًا إنْ سمعنا بنصيحتِه. لقد ضلَّ كثيرون طريقَهم نحو الأمل. أصبح اليأسُ وروحُ الانتقاد وباءً في ثقافتنا وفي الكنيسة. اليأسُ هو شعور بالقنوط والهلع. يرتبطُ فُقدانُ الرجاءِ بالانتحار والاكتئاب وإيذاء النفس والاعتقادِ بأنّني شخص غير مرغوب فيه في المجتمع. أصبح اليأس مُعلِّمًا صارمًا.

تعلّمنا درسًا من السنوات القليلة الماضية، وهو أنّ الحكومةَ والاقتصادَ والسياسةَ والوعي الاجتماعي لن يضمنَ مستقبَلنا. فكيف نصلُ إلى الأمل؟ كيف يبدو الطريق إلى الأمل؟ كأيّ رحلة أخرى، يبدأ الطريقُ إلى الأمل بمعرفةِ أين نحن موجودون. إنْ كنتَ تقرأ هذه الكلمات وتشعرُ باليأس لدرجة أنّك تفكّر في إيذاء نفسك، فاتّصل براعي كنيستك أو صديقِك أو أحد أفراد أسرتك. عندما يُسيطر اليأسُ عليك، سترغب في القوقعة والاعتزال عن الله والآخرين. لا يرغبُ الله لك أبدًا بالانتحارِ والعزلة وإيذاءِ النفس. قد يبدو لك أنّ إلقاءَ نظرةٍ صادقةٍ على حالتك محفوف بالمخاطر في ثقافتنا التي تمُيّزها عبارة: "كُن إيجابيًا" و"ليس عليك إلّا أنْ تبذلَ جهدًا أكبر."

يتسلّل اليأس إلينا عندما نضعُ رجاءَنا في شيء غير ذي ثقة، أو غير قادر على سدّ أعمقِ أشواقِ حياتِنا. يبدأ الطريقُ غير المتوقَّع إلى الأمل عندما نُدركُ أنّ مُخطّطاتِنا غير ناجحة وغير قادرة على إزالة حزنِ هذا العالم الساقط. ومن السخرية بمكان أنّ اليأسَ هو الخطوةُ الأولى لاكتشاف الأمل الحقيقيّ. لم يقصدِ اللهُ أبدًا أنْ نرضى بشكل كامل بالأمور التي تقدّمها هذه الحياة. لا يريدُ اللهُ أنْ ينشغلَ أبناؤه بآلهة أخرى. لقد خُلقنا لنتمتّع بعلاقة مع الله؛ لذلك، نحن نشعرُ باشتياقٍ إلى تلك العلاقة المُسترَدَّة مع الله، وكذلك مع الآخرين ومع أنفسِنا. بمجرّد أنْ نرفعَ الضغطَ عن شريكِ حياتِنا أو أولادِنا أو وظائفِنا أو حكوماتِنا لتلبية رغباتِنا العميقة، عندها يمكننا أنْ نبدأَ في الاستمتاع بهذه الأمور لِما يُمكنها أنْ تقدّمه لنا. لنْ نتمكّنَ أبدًا من الوصول إلى الأملِ إنْ كنّا نظنُّ أنَّ الحلَّ هو مُجرّد تحقيقِ تغييرٍ في ظروفِنا.

غالبًا ما يُشيرُ الكتابُ المقدّس إلى أنّ الظروفَ التي نمرّ بها لا تُحدّد آمالنا. إنّ العيشَ بأمانة في منفى هو دعوة لرؤية الصورة الكبرى وراء الآمال الصغيرة للسعادة الوقتيّة. يبدأ الطريق إلى الأملِ عندما نَصِلُ إلى نهاية ذواتنا وجهودنا التي نبذلها لجعل حياتِنا مثاليّة. على الرغم من العقبات وخيبات الأمل، يمكننا أنْ نعيشَ من أجل هدفٍ أعظم وأن يكون لدينا أمل نهائيّ. في الكتاب المقدّس، عاش شعب الله في السبي، لكنّ اللهَ وعدَهم بالرجاء. كتب بولس من السجن عن الرجاء والتشجيع. والكنيسة نمَت وسْط الاضطهاد لأنّ رجاءَها لم يكن في الظروف، إنّما في الله وحدِه. تبدأ الرحلة نحو الرجاء عندما نصل إلى نهاية ذواتنا ونركّز على مَنْ نحن في المسيح كأشخاص مخلوقين على صورة الله، بدلًا من التركيز فقط على الظروف.

لن نصلَ أبدًا إلى الرجاء الحقيقيّ عبر محاولة خداع أنفسنا بالشعور بالرضا بأهداف صغيرة يمكن تحقيقها. لا يُمكن العثور على الأمل في التفكير الصغير الأنانيّ. يتطلّب الوصولُ نحو الأمل تبنّي الحقّ بأنّ الله صمّمنا لنحيا قصّة مجده. الشخص الذي فَقَدَ الأملَ لا يُفكّر بأمور كبيرة، بل بالأمور الصغيرة جدًّا. إذن، بينما تتّسع طريقُ الأملِ أمامَك، اعلمْ أنّه يوجد قصد لحياتِك. في المسيح، أنت ابنٌ اختارَك الله، وبالتالي أنتَ جزءٌ من عائلته.

بعدَ أنْ نتجاوزَ ظروفَنا ونُدركَ القصدَ الأكبرَ الذي منحنا إيّاه الله، يُصبح النظرُ في مرآة الرؤية الخلفيّة أمرًا مُفيدًا. تذكّر كيف كان الله أمينًا معك في الماضي. اقرأْ وادرسْ مقاطعَ من الكتاب المقدّس تُظهر أمانتَه. انظرْ حولَك وستكتشف أنّك لست وحيدًا. لم يُقصد بالحياة أنْ تعيشها وحيدًا. علينا أنْ ندركَ أنّ أشخاصًا آخرين يقفون قربنا، وآخرون يُكافحون أيضًا، وسيحتاج آخرون إلى مساعدتِنا وتشجيعِنا كلّ الطريق. فلنبحث عن كثب، وسنرى رفيقَنا الحقيقيّ. المسيحُ فينا وروحُه يقوّينا.

بعد أنْ أصبحَ لديك هدف جديد، وقصد أسمى، ورفاق يُحيطونك من كلّ جانب، وبعد أنْ تجعلَ المسيحَ قوّتَك، ستحتاج طريق الرجاء إلى الامتنان والصلاة. من المستحيل أنْ يجتمع الامتنان واليأسُ في آن واحد. ولكي نستمرّ في طريق الرجاء، نحتاج أن نشكر الله في صلواتِنا.

سنلاحظُ في هذه المرحلة من رحلتِنا نحو الرجاء وجودَ بعض المقاومة. يُشبه اليأسُ رجلًا مُخادعًا يمنعنا من اختبار المحبّة والمحاولة والحُلُم. يُمكن بطريقةٍ غريبةٍ أنْ يصبحَ اليأسُ مُريحًا لنا. نريدُ الأملَ، لكنّنا نريد أنْ تكونَ المسؤوليّة تحت عاتقنا. نريدُ الأملَ، لكنّنا نريد تبريرَ عدم محبّتنا للآخرين ولله. يدعو الله أولادَه في سفر إشعياء إلى المشاركة في خطّته، والثقةِ والعيشِ تحت عهوده، وتوقّع عنايتِه بنا: "لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟ ٱسْتَمِعُوا لِي ٱسْتِمَاعًا وَكُلُوا ٱلطَّيِّبَ، وَلْتَتَلَذَّذْ بِٱلدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ." (إشعياء 55: 2)

بينما ننطلقُ نحو الأمل، فلنتذكّر أنْ نحافظَ على منظورنا وأنْ نركّز على الربّ. دعونا لا نبذّر حياتَنا بأهداف غير مُرضية. كان الرجلُ العجوز مُحقًّا حين قال: "صلِّ واذهب إلى الكنيسة." هناك سوف نتذكّر مرّة أخرى أين يَكمُن الرجاء الأبديّ الحقيقيّ.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جيمس كوفيلد
جيمس كوفيلد
الدكتور جيمس كوفيلد هو مدير خدمة البالغين في كنيسة عهد المسيح في مدينة نوكسفيل، في ولاية تنسي، ومحاضر زائر في المشورة في كليّة اللاهوت المصلحة.