الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة - خدمات ليجونير
مُحاربةُ الشعور باليأس
۳۰ يناير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التكوين
۷ فبراير ۲۰۲٤
مُحاربةُ الشعور باليأس
۳۰ يناير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التكوين
۷ فبراير ۲۰۲٤

الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [السابع عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ مملكة الله].

يُمكننا الاستفادةَ من تحديد تمييزٍ لاهوتيّ عند التأمّل في الكنيسة، وهو طبيعتها المنظورة وغير المنظورة. هذا يعني ببساطة أنّنا نستطيع أنْ ننظرَ إلى الكنيسة الواحدة من منظورَيْن مختلفَيْن: منظور الله ومنظورنا. من منظار الله، الكنيسة هي مُختاريه. هي مكوّنة بالكامل من الذين فداهم المسيح، والذين تجدّدوا بروحه ويعيشون في شركة حيّة معه. هذه هي "كَنِيسَةُ ٱللهِ ٱلَّتِي ٱقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أعمال الرسل 20: 28). ولكن، بما أنّنا لا نستطيع معرفة قلب الشخص الذي يجلس في المقعد بجانبنا، لا يمكننا بالتالي أنْ نحكمَ إنْ كان عضوًا في هذا الواقع غير المنظور. من وجهة نظرنا: "إنّ الكنيسة المنظورة... تتألّف من جميع أولئك الذين في كلّ العالم يعتنقون الديانة الحقيقيّة؛ ومن أطفالهم." (إقرار إيمان وستمنستر 25،2). لكنّ يسوعَ حذّر قائلًا: "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ." (متّى 7: 21). بمعنى آخر، ما نراه أو نسمعه لا ينسجم دائمًا مع الواقع.

من المهمّ تبيان هذا التمييز بين المنظور وغير المنظور لأنّه أمر كتابيّ. كان يهوذا ينتمي إلى التلاميذ الاثني عشر، وكان حنانيا وسفيرة عُضوَين في الكنيسة في أورشليم، وجميع هؤلاء كانوا ينتمون إلى أمّة إسرائيل. ومع ذلك، كتبَ بولس: "لِأَنْ لَيْسَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ" (رومية 9: 6). وهذا التمييز مهمّ أيضًا لأنّه يجعل ما يؤكّده الكتاب المقدّس عن الكنيسة أمرًا منطقيًّا. إنّها كنيسة مُقدّسة (1 كورنثوس 1: 2) لأنّ الكنيسة غير المنظورة – أي المختارين – تتميّز باتّحادها بيسوع المسيح. لن تغيّر اعترافاتُ الإيمان الكاذبة داخل الكنيسة المنظورة ذلك، ولا يمكنها ذلك.

أخيرًا، هذا التمييز مهمّ لأنّه يُرغمنا على التفكير مليًّا في كيفيّة قيام الكنيسة بالخدمة. هدفنا أنْ تعكسَ الكنيسةُ المنظورة أكثر فأكثر الكنيسةَ غير المنظورة. أي أنّنا نريد من كلّ من يدّعون معرفةَ المسيح أنْ يعرفوه معرفةً حقّة. إذًا، ما الذي يجب على الكنيسة أنْ تقومَ به لحمايةِ طهارتها ولرؤية المعلّمين الكذبة يتحوّلون إلى مُتجدّدين حقيقيّين؟

الكرازة بالمسيح

إنّ الخدمةَ الأهمّ فيما يختصّ ذلك، هي الكرازة الواضحة بالمسيح وإيّاه مصلوبًا. دعونا لا ننسى بالطبع، أنّ الإنجيلَ ضروريّ للمسيحيّين. إنّه ليسَ شيئًا نؤمنُ به فقط بهدف "الانضمام" إلى الكنيسة، أو نقبله قبل لحظات فقط من موتنا. إنّ الإنجيلَ ضروريّ في كلّ الحياة المسيحيّة. إنّ الإيمانَ والتوبة لا يحدثان مرّة واحدة، بل هما عملان مُستمرّان. نحتاج باستمرار أنْ نتخلّى عن الخطيّة ونعودَ إلى إله النعمة في يسوع المسيح. مراحمُه جديدة كلّ يوم، وعلينا أنْ نسمعَ عنها كلّ يوم.

إنْ كانَ الإنجيلُ ضروريًّا للمؤمنين، فكم بالحري لغير المؤمنين الذين "لَا رَجَاءَ لَكُمْ، وَبِلَا إِلَهٍ فِي ٱلْعَالَمِ" (أفسس 2: 12)؟ على وعظ الكنيسة أنْ يعكسَ الحاجةَ المُلِحّة بأنّه ينبغي على كلّ نفسٍ بشريّة أنْ تلتقيَ بالمُخلّص. لا ينبغي أنْ تفترضَ أيّ كنيسة أنّها قد أدركت بالفعل الهدف (فيلبي 3: 12)، وأنّ الوحيدين الذين يحتاجون إلى الأخبار السارّة هم أولئك الذين هم من خارج الكنيسة. لا تقتصر الكرازةَ بالإنجيل فقط على الشوارع، أو الاجتماعات الانتعاشيّة، أو المؤتمرات، أو المناسبات الخاصّة. الكرازة بالإنجيل هي أيضًا لأيّام الآحاد، لأنّه يحتاج إليها كلّ شخص جالس على مقاعد الكنيسة. وهذا الأسبوع، بنعمة الله، قد يقبلُها لأوّل مرّة أحدُ الأعضاء الذي أمضى فيها كلّ حياته.

ممارسة التأديب الكنسي

تؤكّد حقيقةُ الكنيسة المنظورة كجسد متنوّع من المؤمنين وغير المؤمنين، على ضرورة ممارسة التأديب الكنسيّ لاستعادة الإخوة المذنبين "ولأجل نزع ذلك الخمير الذي قد يُفسد العجينَ كلّه" (إقرار إيمان وستمنستر 30،3). يحرس قادةُ الكنيسةِ القطيعَ وينشرون اسم المسيح الطاهر من خلال المحافظة على طهارة كنيسته. قال يسوعُ بنفسه عن عضو الكنيسة غير التائب: "وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ٱلْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَٱلْوَثَنِيِّ وَٱلْعَشَّارِ" (متّى 18: 17). الرعاة والشيوخ الذين لا يأخذون التأديب على محمل الجدّ، يُخاطرون بتعميق التفاوت بين الكنيسة المنظورة وغير المنظورة.

توقّع المجد

في حين أنّ وجودَ الخطيّة بين شعب الله أمر يدعو للإحباط، إلّا أنّ هذا التمييز يعطي أملًا في الواقع من خلال التأكيد على أنّ الكنيسة هي أكثر ممّا تراهُ العينَيْن. ما قاله جون نيوتن فيما يتعلّق بالتقديس الشخصيّ مناسبٌ لوصف الكنيسة أيضًا: "أنا لست ما ينبغي أنْ أكونَ عليه، ولست ما أريد أنْ أكونَ عليه، ولست ما أتمنى أنْ أكونَ عليه في عالم آخر؛ ومع هذا، أنا لست كما كنت عليه من قبل، وبنعمة الله أنا ما أنا عليه الآن."

يُقال إنّ الكنيسةَ على الأرض تُشبه صرحًا كبيرًا تحجب السقالات جماله. مع أنّ السقالات تُفسدُ منظرَ الصرح، إلّا أنّها تُفسده بشكل مؤقّت فقط، ولهدف عظيم: الترميم. تمتلك الكنيسة المنظورة في داخلها بواسطة الروح القدس الحالّ فيها، كلَّ العناصر الضروريّة لترميمها بشكل خلّاب، وسيتمّ رفع الستار عنها قريبًا (رومية 8: 23). لذلك، لدينا كلّ ما يُبرّر سعينا لنواصل الخدمة بإصرار، والقيام بذلك بثقة ملؤها الأمل بأنّه لا يوجد أيّ قدر من الخطيّة أو الإخفاقات قادر على هزم شعب الله.

هذا المسارُ المجيد يعني أنّ الكنيسةَ المنظورة هي المكان الذي يجب أنْ يلتجئَ إليه الجميع. لهذا السبب، نرحّب بلهفة بالذين هم خارجها، ونشجّع بنشاط من هم داخلها. نحن نحتضنُ كلّ الذين اعترفوا بإيمانهم بالمسيح، تمامًا كما يحتضننا الله، دافعين جانبًا أي شكوك أو تحيّزات جانبًا لنعتبرهم جزءًا من العائلة. وفي الوقت نفسه، نحن ندرك أنّه قد يوجد بالفعل في كنيستنا أشخاص غير مؤمنين، لذلك نحرص أنْ يتغلغل الإنجيل في كلّ ما نقوم به. من خلال الاتّكال على الروح القدس والإيمان الراسخ بوعد المسيح لبناء كنيسته، نشجّع بنشاط، ككنيسة منظورة، الانضمام إلى الكنيسة غير المنظورة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جوناثان لاندري كروز
جوناثان لاندري كروز
القسّ جوناثان لاندري كروز هو راعي جماعة الكنيسة المشيخيّة في مدينة كالامازو، في ولاية ميشيغان، حيث يعيشُ مع زوجته وأولاده. قام بتأليف أكثر من خمسين ترنيمة، وعددًا من الكتب، بما في ذلك Hymns of Devotion، The Christian’s True Identity and The Character of Christ.