ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر القضاة - خدمات ليجونير
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر يشوع
۷ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها عن سِفر راعوث
۱٤ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر يشوع
۷ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها عن سِفر راعوث
۱٤ مارس ۲۰۲٤

ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر القضاة

في سفر القضاة مُقدّمتان (قضاة 1: 1-2: 5؛ 2: 6-3: 6)، وخاتمتان (قضاة 17: 1-18: 31؛ 19: 1-21: 25)، واثنتي عشرة قصّة عن قضاة (ستة قضاة كبار وستة صغار)، وقصّة شخص واحد لم يكن قاضيًا نزيهًا، وهو أبيمالك (قضاة57 -1 :9 ). سفر القضاة هو عمل أدبيّ مُعقّد عن فترة في تاريخ بني إسرائيل تبدأ من وفاة يشوع بن نون (قضاة 1: 1؛ 2: 8) حتّى فترة ما قبل ظهور مملكة إسرائيل. من الناحية اللاهوتيّة، يروي سفر القضاة انحطاط بني إسرائيل التدريجيّ كخائني العهد عن طريق عبادة الأوثان، على الرغم من أمانة الربّ الثابتة لترتيب العهد نفسِه. إليكم ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفوها بينما تقرؤون سفر القضاة.

  1. القضاة في سفر القضاة هم نماذج عن المسيح.

أقامَ الربُّ القضاةَ ومكّنهم الروح لإنقاذ شعبِ الله وتوفيرِ الراحة في الأرض، والتشجيع على طاعة العهد (قضاة 2: 16-19). يعتبرُ المفسّرون المعاصرون عادة القضاة أشخاصًا فاسدين من الناحية الأخلاقيّة شاركوا في الفساد الذي ساد عصرهم. ولكن هذه ليست وجهة نظر العهد الجديد أو التفسيرات المبكّرة للسفر.

تأمل في التقييم الوارد في الرسالة إلى العبرانيّين. يوصَف جدعون وباراق وشمشون ويفتاح (وهم بعض أسوأ المذنبين)، إلى جانب داود وصموئيل، أنّهم "بِٱلْإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ ٱلنَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ ٱلسَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضَعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي ٱلْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ (عبرانيّين 11: 33-34). وتتابع الرسالة في مدح هؤلاء الخدّام الأمناء حتى الآية 40، ويوصفون لاحقًا بأنّ "ٱلْعَالَمُ لَمْ يَكُنِ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ" (عبرانيّين 11: 38).

يتوافق هذا جيّدًا مع أحد أقدم التقييمات التاريخيّة المعروفة عن القضاة، إذ نقرأ في سفر يشوع بن سيراخ: "والقُضاةُ كُلٌّ مِنهم بِٱسمِه، لم تَزْنِ قُلوبُهم على الرَّبّ ولم يَرتَدُّوا عنه، فلْيَكُنْ ذِكرُهم مُبارَكًا، ولْتُزْهِرْ عِظامُهم مِن قُبورِهم، ولْيَتَجَدَّدِ ٱسمُهم في بَني أُولٰئِكَ المَشْهورين" (يشوع بن سيراخ 46: 11-12).

بينما تقرأ قصص القضاة، تذكّر أنّها كُتبت "لِأَجْلِ تَعْلِيمِنَا" (رومية 15: 4) لكي نركّز أنظارنا على يسوع (عبرانيين 12: 2)، مثل شمشون الذي أقامه ربّه ليُقدّمَ حياتَه لأجل خلاص شعب الله (قضاة 16: 30).

  1. بُنية سفر القضاة بنية لاهوتيّة وليست مرتبّة بالترتيب الزمني.

بينما تقرأ سفر القضاة، ستواجه على الأقلّ ثلاث مجموعات مُختلفة من الأرقام: مجموعة تُشير إلى سنوات استبداد العدوّ، ومجموعة عن السنوات التي شهدت فيها الأرض الراحة من هذا الاستبداد، ومجموعة عن السنوات التي كان يخدم القاضي خلالها. مثلًا، أقام الربّ إيهود بعد ثمانية عشرة سنة من استبداد عجلون ملك موآب (قضاة 3: 14-15)، وبعد ذلك استراحت الأرض ثمانين سنة (قضاة 3: 30). وبالمثل، سجّل السفر مرّتين أنّ شمشون قضى لإسرائيل عشرين عامًا (قضاة 15: 20؛ 16 :31).

حاول بعض المفسّرين استخلاص المدّة الزمنيّة للقضاة من خلال جمع كلّ الأرقام. ولكن بعض الروايات تتداخل فيما بينها، كما أنّه يوجد فَجوات في الفترات الزمنيّة التي تغطيّها. كان مُعظم القضاة مُنقذين محليّين، ولم يُنقذوا إسرائيل بالكامل في أيّ وقت من الأوقات. إضافةً إلى ذلك، في الخاتمة الأولى للسفر، تمّ تنصيب يوناثان حفيد موسى ككاهن غير شرعيّ في دان (قضاة 18: 30). ولا بدّ أنْ يكونَ هذا قد حدثَ في وقت مُبكّرٍ من فترة القضاة، وليس في نهايتها. وهكذا، تُعتبر بُنية السفر لاهوتيّة وليست بالترتيب الزمني.

ثنائيّة المقدّمات والاستنتاجات تعكس بعضها البعض. تعكس المقدّمة الأولى والخاتمة الثانية بعضهما، وتؤرّخان أزمة ميراث إسرائيل، وتحديدًا فشل إسرائيل في امتلاك الأرض (قضاة 1: 1-2: 5) والانقراض شبه الكامل لسبط بنيامين بسبب ارتكابهم خطيئة مشابهة لخطيّة سدوم (قضاة 19: 1-21: 25). تعكس المقدّمة الثانية والخاتمة الأولى بعضهما البعض أيضًا، وتؤرّخان أزمة إيمان إسرائيل، والتي عُبّر عنها من خلال عبادتهم المستمرّة للأوثان، الأمر الذي يشرح سبب عدم قدرتهم على امتلاك الأرض وفسادهم الأخلاقيّ (قضاة 2: 6-3: 6؛ 17: 1-18: 31).

ونجد بين هاتَين المقدمتَين والخاتمتَين قصصًا عن القضاة. تمّ جمع القضاة الستّة الرئيسيّين في مجموعتَيْن من ثلاثة: عثنيئيل وإيهود ودبورة/باراق، ثمّ جدعون ويفتاح وشمشون. ما يُسمّى بالقضاة الصغار هو عبارة عن قصص قصيرة جدًّا (ثلاث آيات أو أقلّ) وتفتقر إلى معظم عناصر صياغة القصص الواردة عند القضاة الكبار. تمّ تضمين القضاة الصغار لبلوغ العدد اثني عشر الموافق لعدد أسباط إسرائيل. تمّ وضعهم ضمن مجموعات لتحديد ذروة قصص القضاة الرئيسيّين. يشير شَمْجَرُ إلى ذروة قصّة دبورة/باراق باعتبارها القاضية الذروة في القصّة. ثمّ نجد تولع ويائير في قصّة يفتاح. وأخيرًا، يظهر إبصان وإيلون وعبدون في قصّة شمشون باعتباره القاضي الذروة في القصّة.

ومع تقدّم قصص كبار القضاة، يتقدّم أيضًا فساد إسرائيل. وتزداد تكلفة إنقاذ القضاة أيضًا، حيث كان على القاضي الأخير أنّ يُضحّي بحياته لكي يهزم العدوّ (قضاة 16: 30).

  1. يمهّد سفر القضاة الطريق أمامَ إسرائيل كمملكة.

تُعتبر العبارات الأربع المتطابقة في  خاتمات السفر بشكل عامّ توقّع لإسرائيل كمملكة: "وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ" (قضاة 17: 6؛ 18: 1؛ 19: 1؛ 21: 25). يتبع هذه العبارة في مكانَيْن وصفٌ لطبيعة هذا الزمن: " كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ" (قضاة 17: 6؛ 21: 25). احتاج بنو إسرائيل إلى ملك يعرف شريعة الله ويطيعها ليقودَ الشعبَ في هذه الطاعة نفسها (راجع تثنية 17: 14-20).

يُجهّزنا سفر القضاة بطرق غير مُتوقّعة لتكشّف المملكة التي ستظهر مع وصول شاول وداود، أوّل ملكَيْن على إسرائيل. تتخلّل سفر القضاة جدليّةُ تأييد يهوذا (داود) ومناهضة بنيامين (شاول). مثلًا، نجد في الإصحاح الأوّل من السفر تسعة عشرة آية مُخصّصة لنجاح قصّة امتلاك يهوذا النسبيّ للأراضي المُخصّصة لهم (قضاة 1: 2-20). ويتبع هذه القصّة مباشرة آيةً واحدة تسجّل فشل بنيامين في امتلاك أراضيهم بالكامل، واستمرارهم في التعايش مع الكنعانيّين: "وَبَنُو بَنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا ٱلْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ ٱلْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بَنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ" (قضاة 1: 21). وأخيرًا، نجد في سفر القضاة 19 أنّ البنيامينيّين يسقطون في جبعة في خطيئة سدوم (تكوين 19) فيُصبح السبطُ بأكمله تحت خطر أنْ يُقضى عليه بالكامل (قضاة 20-21). وهكذا، عندما طلب بنو إسرائيل مَلِكًا "كَسَائِرِ ٱلشُّعُوبِ" (1 صموئيل 8: 5)، حقّق لهم الربّ بالضبط مطلبهم، وأعطاهم شاول من مدينة جبعة من سبط بنيامين. كان هذا الاختيار بالتأكيد يُنذر بالخطر، لأنّ شاول فشل بشكل مأساويّ في دوره كملك.

+++++++

هذه المقالة جزءٌ من مجموعة بعنوان، EveryBook of the Bible: 3 Things to Know

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

مايلز ڤان بيلت
مايلز ڤان بيلت
الدكتور مايلز ڤ. ڤان بيلت هو بروفيسور آلان هايز بيلشر لمادّة العهد القديم ولغات الكتاب المقدّس، ومدير الكليّة الصيفيّة للغات الكتابيّة في كليّة اللاهوت المصلَحة في مدينة جاكسون في ولاية ميسيسبي. قام بتأليف العديد من الكتب، منها كتاب Basics of Biblical Hebrew and Judges: دراسة لمدّة 12 أسبوعًا.