
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر ملاخي
۲۹ يونيو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر حجَّي
۸ يوليو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر هوشع

1. هوشع، الرجل الذي معنى اسمه "الخلاص،" فريدٌ بين الأنبياء في كونه من مواطنَي مملكة إسرائيل، وقد وجّه رسالته إلى شعب المملكة الشماليّة.
يؤرِّخ سفر هوشع 1: 1 خدمة هوشع في فترة مُلك يربعام الثاني ملك إسرائيل، وعزّيا ويوثام وآحاز وحزقيال ملوك الجنوب. وهذا يجعله معاصرًا ليونان (٢ ملوك 14: 25)، وهو نبيّ آخر من المملكة الشماليّة خدم في فترة حُكم يربعام الثاني، مع أنّ ما كتبه يونان اختصّ باختباره الشخصيّ في ما يتعلَّق بنينوى.
وكان هوشع معاصرًا لعاموس أيضًا، وهو (عاموس) مُرسَل من المملكة الجنوبية إلى الشمال، وكذلك لإشعياء وميخا، وهما نبيّان خدما في المملكة الجنوبيّة. ومع أنّ مجموع سنوات حكم هؤلاء الملوك يتجاوز المئة سنة، فالراجح أن خدمة هوشع بدأت في السنوات الأخيرة من مُلك يربعام (حول العام 753 ق.م.)، وسنوات حزقيا الأولى (حول العام 725 ق.م.)، قبل سقوط السامرة بيد الأشوريّين عام 722 ق.م. كان هذا وقت أزمة سياسيّة وفوضى دينيّة، وقد وعظ هوشع بشعورِ الأهمّيّة والإلحاح لشعب كان على حافّةِ كارثةٍ وطنيّة.
2. عكستْ حياة هوشع الشخصيّة رسالتَه.
كان زواج هوشع من جومر صورةً مرئيّة أو درسًا رمزيًا ملموسًا للرسالة التي نادى بها. وتربط هوشع 3: 1 بصورةٍ واضحة ما بين زواج هوشع من جومر وزواج الله من إسرائيل. كان الحبُّ وراء إنشاء علاقة هوشع بجومر وعلاقة الله بإسرائيل (النعمة الإلهيّة)، وصارت محلَّ احتقار بفعل الخطيّة (الاستياء الإلهيّ)، ويُحافَظ عليها بالأمانة (الأمانة الإلهيّة). كانت محبة هوشع وولائه المستمرّان لجومر صورةً جميلة لمحبة الربّ وولائه الثابتين تجاه إسرائيل. وقد كانت خيانة جومر لهوشع صورةً واضحةً بصورة مأساويّة لخيانة شعب إسرائيل وعدم أمانته للربّ. يُستخدَم الزواج في مواقع عدّة من العهد القديم صورةً ترمز إلى علاقة الله بشعبه، وأوضح مثالٍ على ذلك هو سفر هوشع.
مع أنَّ زواج هوشع مهمّ لرسالة السفر، فهو يشكِّل في بعض الأحيان مشكلةً تفسيريّة كبيرة. يتعلَّق جوهر المشكلة بأمر الله لهوشع بأن يتزوّج من زانية: "اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى" (هوشع 1: 2). من الظاهر أنّ هذا الكلام يُثير أزمةً أخلاقيّةً ومبدئيّة، إذ يبدو متعارضًا مع التعاليم والضوابط التي سنّها الله للكهنة، حيث منعهم من الزواج بزانياتٍ (لاويّين 21: 7، 13). فإنْ كان من العار أن يتزوّج كاهنٌ من زانية، فيبدو أنّه من العار أيضًا أن يتزوَّج النبي من زانية. وبالإضافة إلى هذا، فإنَّ سفر التثنية 22: 13، 20-21 حكم بالموت على أيّة امرأة ثبت أنّها لم تكن طاهرةً عند زواجها. قد يبدو مناسبًا أكثر لهوشع أن يبدأ التحضير لمراسم جنازة لا لاحتفال زفاف. تقع حلول هذه المشكلة في اتجاهين أساسيّين في التفاسير: التفاسير التي تعتبر الزواج افتراضيًّا، والتفاسير التي تعتبر الزواج حرفيًّا.
يفسِّر الرأي الافتراضيّ صورة الزواج بأنّه ببساطة وسيلة مجازيّة للحديث عن علاقة الله بإسرائيل وعدم أمانة إسرائيل تجاه الله. لهذا التفسير ميزة تجنُّب المشكلة الأخلاقيّة مع الاستمرار بالسماح لفكرة الزواج بأن تصوِّر المقصد اللاهوتي الذي هو محبة الله لشعبٍ غير مستحقّ. نقطة ضعف هذا الرأي هي أنّه مبنيٌّ على الملاءَمة اللاهوتيّة لا الدليل النصّيّ.
تُوجَد صِيغ عدّة للتفاسير التي تتبنّى زواجًا حرفيًّا، وجميعها تتّفق على أنّ زواجًا حقيقيًّا حدث، ولكنَّهم يختلفون بشأن طبيعة أو وقت الزنى المنسوب لجومر. يدّعي البعض أنّ جومر كانت زانيةً حين تزوّجت، وبالتالي فإنَّ الله تجاوز معاييره التي صرّح بها سابقًا بشأن الزواج من أجل التأكيد على محبّته ونعمته للخطاة غير المُستحِقّين. ويدّعي آخرون أنّ هذا الزنى يُشير إلى وثنيّة روحيّة لا إلى زنى جسديّ. هذا يستبعد مشكلة الزواج من امرأة غير طاهرة من الناحية الجنسيّة، ولكنّه يخلق مشكلة ليست أقلّ صعوبة إذْ يرى أنّ الله أمر النبيَّ بالزواج من امرأةٍ عابدة أوثان. وقد كان نهيُ الربّ بالزواج من الوثنيّين وأتباع الديانات الأخرى واضحًا (تثنية 7: 3-4).
ثمة تفسير آخر يتبنّى فكرة الزواج الحرفيّ يُدعى "الرؤية الاستباقيّة"، وهو يقول إنّ جومر كانت طاهرةً عندما تزوّجت، ولكنّها صارت زانيةً لاحقًا. ولكنّ النصّ الكتابيّ يصرِّح بما كانت جومر عليه، لا بما ستصير عليه. وثمّة حلّ آخر مُقترَح هو فهم "الزنى" باعتباره وصفًا لصفةٍ داخليّة لا لسلوكٍ خارجيّ. فالراجح أنّ هذا الزنى يُشير إلى ميل جومر الخفيّ نحو الفساد الأخلاقي التي ظهر ليس بعد الزواج بفترةٍ طويلة. وفي هوشع 3: 1 نرى أنّها في الحقيقة صارت زانيةً، ممّا يُشير إلى أنّ ميولها ظهرتْ في زنى فعليّ. بحسب هذا الرأي، المقصد هو أنَّ الله أعلن لهوشع من البداية وبصراحة أمرًا بشأن ذات جومر الداخليّة سيمثِّل خطرًا على قدسيّة الزواج. ومعرفة هوشع من البداية باحتمال أنْ تتسبَّب جومر بالأذى له أكّدت على كون حبِّه غير أنانيّ. هذه هي النقطة الرئيسيّة بها تُرى صورة روحيّة موازية بالنسبة إلى المؤمنين: الله يحبُّنا على الرغم ممّا يعرفه عنّا.
3. رسالة هوشع تُنبئ بنعمة الله في المسيح.
لم يُصغَ إلى تحذيرات هوشع ودعواته إلى التوبة، ولذا كانت دينونة الأمّة أمرًا لا مفرّ منه. ومع هذا، فقد كانت عواقب جهل وحماقة رفض إسرائيل لرسالة النّبي تُنبئ بنعمة الإنجيل. فبحسب ٢ ملوك 15: 29، كانت أرض نفتالي أولى الأراضي التي تعرَّضت لدينونة الله التي أنبأ هوشع بها. وبحسب متّى 4: 12-16، كانت هذه أوّلَ منطقة شهدتْ خدمة يسوع. وهكذا ستتلاشى ظلمة زمن هوشع أمام نور المسيح. فقد كان وقت الظلمة خطوةً نحو ملء الزمان الذي فيه سيُشرِق النور، مُظهِرًا أنَّ مقاصد الله وخططه تأتي معًا دائمًا.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.