ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها عن سِفر راعوث - خدمات ليجونير
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر القضاة
۱۲ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها بشأن سِفري صموئيل الأوَّل والثاني
۱۹ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر القضاة
۱۲ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها بشأن سِفري صموئيل الأوَّل والثاني
۱۹ مارس ۲۰۲٤

ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها عن سِفر راعوث

نحن نحبّ سِفر راعوث لأنه يروي قصة رومانسية مُفرحة تحدث بين راعوث وبوعز. ونحبّ هذا السِفر لأنّه مليء بمفارقات مثيرة في الأحداث تجعلنا نضحك فرحين أمام صلاح الله. كما نحبّه أيضًا لأنه لا يُركّز على الأعمال البطوليَّة التي قام بها المحاربون أو القضاة أو الملوك، بل على امرأتين معوزتين تحاولان إيجاد طريق العودة إلى السَّلامة والأمل. لكنَّ سِفر راعوث يعلّمنا أكثر من ذلك بكثير.

  1. الخطوات التدريجيَّة في الخطيَّة

أولاً، في السّرد الافتتاحي لقصّة نعمي وأليمالك وقت اتّخاذهما للقرار المصيري بالمغادرة، نجد قراراتٍ معقولة منطقيًا بحسب الظاهر، لكنّ كلاً منها قاد العائلة، خطوة بخطوة تدريجيًا، بعيدًا عن وعود الله. إن مأساة موت أليمالك وابنيه، محلون وكليون، وعودة عُرفة إلى موطنها وبيت أبيها في موآب بدلاً من الرجوع إلى إسرائيل مع نعمي وراعوث، كلّها أمور تخبرنا عن عائلة سارت في الماضي بأمانة مع الله، لكنَّها ضلَّت طريقها. معنى اسم أليمالك هو "إلهي مَلك". لكنّ زواج ابنيه كليهما من بنات وثنيّات وتركِه لأرض الموعد مقابل الوفرة الظاهرية في أرض موآب، كلّها أمور تشير إلى قصر نظره. كانت المجاعة إحدى اللعنات التحذيرية التي وعد الله بإرسالها على شعبه عند كسرهم للعهد (تثنية 28: 15-18، 38-40). ولكن يبدو أنَّ بدلاً من تذكّر كلمة الله، والبقاء في الأرض، والتوبة عن كسر العهد، سعى أليمالك إلى تفسير التدبير الإلهي وفق المنطق القائل، "بما أنّه لا توجد مجاعة في أرض موآب، فلابدَّ أنّ ذلك يُشير إلى ضرورة انتقالنا إلى هناك." لكن لا يمكننا أبدًا أن نثق في تفسيرنا الخاص لتدابير الله في عالمنا. يجب أن نترك كلمة الله تحكم في حياتنا، وليس استنتاجات أحكامنا الشخصية.

  1. نعمة الله الغنيَّة

على عكس عُرفة، اتّخذت راعوث قرارًا حاسمًا بأن تتابع طريقها مع نعمي وأن يصبح شعب نُعمي شعبها، وإله نُعمي إلهها. لقد تحوّلت للإيمان بالرَّب. وبقيّة القصّة تُبيّن لنا بشكل رائع الترحيب الذي حظيت به هذه الموآبية ضمن جماعة العهد. وفي ملكوت يسوع المسيح، الخطاة الذين يؤمنون به من كل قبيلة وأمَّة ولسان يحظون بترحيب مماثل. كما يتبين في القصَّة، إنّ نُعمي، الأرملة العبرية، هي التي تصرّفت كموآبيّة أكثر من زوجة ابنها التي تأتي من خلفيَّة وثنيَّة. فعلى سبيل المثال، يبدو أنّ النّص الكتابيّ يشير إلى أنَّها شجعت راعوث على الضغط على بوعز بزيارته في البيدر في وقت متأخر من الليل في محاولةٍ منها لتدبير زوج لراعوث. لكنَّ بوعز كان رجلًا تقيًّا، واستقامته ولطفه سمحا لراعوث أن تنضمّ إلى شعب العهد عن طريق الزواج، ولنُعمي أن تتخلّص من المرارة وتجد الفرح من جديد. يمكننا حتّى أن نقول إنَّ سفر راعوث يخبرنا عن شفاء نفس نعمي من تَيهانها وانكسار قلبها بقدر ما هو يخبرنا عن راعوث نفسها وعن قصّة لجوئها للرب لتسكن تحت ظل جناحَيْ الله القدير.

وفي هذا الصدّد، إنّ بوعز، الوليّ الذي افتدى راعوث، يرمز إلى الرَّب يسوع المسيح. كان واجب الوليّ أن يتملّك أيّ أراض امتلكها في السّابق قريبه المتوفي من أجل ضمان بقاء نصيب ذلك القريب في إسرائيل ضمن أسرته. بطبيعة الحال، هذا يجعل احتمال استلام ذلك الدور أمرًا مُربحًا. لكن في هذه الحالة، كان الأمر يحمل واجبات إضافيَّة تتمثل في إعالة نُعمي، والزواج من راعوث، وإنجاب وريث لأليمالك. أيّ طفلٍ يلد من الزواج يرث أرض أليمالك، ولا تعود ملكًا للوليّ.

في سِفر راعوث، كان هناك وليًّا آخر من الأقرباء له الأولويَّة على بوعز. عندما علم بالأراضي والأملاك المحتملة، بدا متحمسًا في البداية. ولكن عندما سمع عن وجود امرأتين وعن واجبه بتوفير وريث لأليمالك، أسرع في الاعتراض. فإنَّ واجبه تجاه عائلة أليمالك بدا أنَّه في الأغلب سيكون أكثر تكلفة بكثير من أيّ منفعةٍ ستجلبها له الأرض. لكن بوعز لم يكن لديه مخاوف كهذه. بل كان على استعداد لدفع كلّ التكاليف وتحمُّل كلّ الأعباء. إليكم لمحة أخرى عن الإنجيل في سِفر راعوث، لأنَّ لدينا وليًّا حقيقيًا وكاملًا في شخص يسوع المسيح، الذي، على حساب حياته وبموتٍ رهيب، بذل كلّ شيء بكل سرور، ليجعل الكنيسة عروسًا له.

  1. أصول عوبيد غير الاستثنائيَّة 

ينتهي السِّفر بزواج راعوث وبوعز وبولادة ابنهما عوبيد، وريث أليمالك. لوَصف حمل راعوث، يستخدم الراوي عبارة قد تمَّ استخدامها مرَّتين فقط في العهد القديم، والمرَّة الأبرز كانت في لعنة حواء في تكوين 3: 16. كانت حوّاء ستحبل وتلد أطفالًا بالأوجاع، لكنَّ نسلها ذات يومٍ سيسحق رأس الحيَّة. يتمّ تصوير راعوث كحواء الجديدة، وابنها كابن الموعد الذي سيخدم مقاصد الله (اسم عوبيد يعني "الخادم"). ونقرأ أنَّ عوبيد هو والدُ يسَّى، ويسَّى والد داود.

بدأ سِفر راعوث بتحديد زمان حصول الحدث في أيَّام القضاة، عندما لم يكن هناك ملك، وكان كلّ واحد يعمل ما يَحسُن في عينيه (قض 21: 25). لكننا الآن نرى أنَّ خطة الله المطلقة كانت تتحقّق في التفاصيل العاديَّة في حياة عائلة عديمة الأهميَّة. كان الله ينسج كلّ التفاصيل معًا ليحرص على ولادة الملك داود، ومن خلال داود، على مجيء ملك الملوك، الرَّب يسوع المسيح، العبد المتألم. يسوع يأتي من أصول عاديَّة. إنَّه واحدٌ منا. ولأنَّه كذلك، يمكنه أن يضع نفسه مكاننا، ويتعاطف معنا في ضعفاتنا.

+++++++

هذه المقالة جزءٌ من مجموعة بعنوان، EveryBook of the Bible: 3 Things to Know

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

ديفيد ستراين
ديفيد ستراين
الدكتور ديفيد سترين هو كبير وزراء الكنيسة المشيخية الأولى في جاكسون بولاية ميس. وهو مؤلف كتاب الوعظ التفسيري وتعليق على راعوث وإستير في سلسلة التركيز على تعليقات الكتاب المقدس.