ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها بشأن سِفري صموئيل الأوَّل والثاني
۱۹ مارس ۲۰۲٤العلّة الوسيليّة للتبرير
۲ يوليو ۲۰۲٤ثلاثة أمور ينبغي أن تعرفها عن سفري الملوك الأوَّل والثاني
- كُتب سفر الملوك أثناء السَّبي لتوضيح سبب سبي إسرائيل ويهوذا.
إنَّ سفر الملوك بجزئيه الأول والثاني، هو آخر سفر من أسفار الأنبياء الأوَّلين (يشوع، والقضاة، وصموئيل، والملوك) في العهد القديم. تروي هذه الأسفار تاريخ إسرائيل منذ وقت وصول الشّعب إلى أرض الموعد إلى وقت إخراجه منها أثناء السبي الآشوري والبابلي. أبكر تاريخ ممكن لكتابة سفر الملوك بشكله النهائي هو بعد إطلاق سراح الملك يهوياكين من السجن عام 561 ق.م. (ملوك الثاني 25: 27)، وبما أنَّ السِّفر لا يذكر العودة من السبي، فمن المرجَّح أنَّه قد كُتب في وقت ما خلال النصف الثاني من السَّبي البابلي.
سِفر الملوك هو سفر تاريخيّ لاهوتيّ هدفه أن يفسِّر لماذا سلَّم الله شعبه إلى أممٍ أجنبيَّة. يتكرَّر الجواب مرارًا في النّص، فمنذ حدوث انقسام للمملكة بعد مُلك سليمان، عمِل شعب الله ورؤساؤه "الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا" (ملوك الأوَّل 14: 22). وحتَّى عند ظهور ملكٍ تقيّ من حين لآخر، كان نسله من بعده يساهم في استمراريَّة الانحدار الروحيّ لإسرائيل/يهوذا. إنَّ الشَّرح اللاهوتيّ الموسّع الوارد في ملوك الثاني 17: 7-23 يُلخِّص رسالة السِّفر بأكمله: " وَسَبَى إِسْرَائِيلَ... (إذ) أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمِ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ تَحْتِ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَاتَّقَوْا آلِهَةً أُخْرَى، وَسَلَكُوا حَسَبَ فَرَائِضِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ أَقَامُوهُمْ. (الآيتان 7-8).
لا توجد أيُّ وعود أو نبوءات مباشرة عن العودة من السّبي في سفر الملوك، إلا أنَّ خبر إطلاق سراح الملك يهوياكين في آخر السِّفر يُنبئ بنهاية سعيدة. وكما نقرأ في تثنية 4: 25-31 وفي جميع أسفار الأنبياء، فإن تلك النهاية كانت ستتمّ فعليًّا، وتتحقّق للتمّام عندما يأتي من نسل داود العظيم، الابن الأعظم منه على الإطلاق، يسوع المسيح، الذي يجلس إلى الأبد على كرسيّ داود.
- لا يسجّل سفر الملوك أخبار الملوك فقط، بل أخبار الأنبياء أيضًا.
أدَّى تصاعد الملوك في إسرائيل إلى ازدهار الخدمة النبويَّة، وذلك لسبب وجيه: فالملوك المتمردون كانوا بحاجة إلى سماع كلام الله التحذيريّ، والملوك الأمناء كانوا بحاجة إلى سماع كلام الله التشجيعيّ. في أصحاحات سفر الملوك، نقرأ عن العديد من الأنبياء الذين يقدّمون المشورة والإرشاد والتحذير ويتنبأون بالمستقبل لتذكير الحُكّام في إسرائيل (والقارئ) بأنَّ لكلمة الله السلطة العليا والقوَّة المطلقة.
يلعب العديد من الأنبياء المذكورين في السِّفر وغير المذكورين أدوارًا مهمَّة في الأحداث، لكنَّ إيليا وأليشع يحتلان مركز الصدارة. لقد أقامهما الله في عهد بيت آخاب (أسوء فترة ارتداد في إسرائيل) لدعوة المملكة الشمالية على وجه الخصوص إلى العودة إلى الله وكلمته. كان هذان الرجلان التقيّان والشجاعان قادةً لمجموعة "بَنِي الأَنْبِيَاءِ" الذين اجتمعوا لأول مرَّة في فترة خدمة صموئيل النبيّ. إنَّ إعلانات ومعجزات إيليا وأليشع تُنبئ بخدمة الكلمة والمعجزات التي كان يسوع مزمعًا أن يقوم بها، بصفته النبويَّة كالنبيّ الأعظم من موسى كما يُشير الكتاب في تثنية 18.
- لم يشعر النبيّ إيليا بالخوف والشَّفقة على النَّفس في ملوك الأوَّل 19.
إنَّ العديد من المفسّرين ينظرون إلى إيليا في هذا الأصحاح كجبان متذمر، يهرب من إيزابل بخوف وعدم أمانة ليحكي قصَّة "خُذ نفسي" بأنانيَّة أمام الرَّب. لكنَّ تفسير بولس الرّسول لكلمات إيليا يوجهنا في اتجاه مختلف إذ يُفسّر أنَّ إيليا كان: "يَتَوَسَّلُ إِلَى اللهِ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ" (رومية 11: 2). بحسب المفسّر الدكتور دايل رالف ديفيس، ينبغي، لعدّة أسباب، رفض الرأي القائل إنَّ إيليا هرب بعدم إيمان.
- مع أنَّ البعض يقرأون العبارة العبريَّة في ملوك الأوَّل 19: 3 بمعنى "فخاف"، إلا أنَّها بحسب النصَّ العبري التقليدي تُقرأ "فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ". وهذه القراءة الأخيرة تُفسِّر الأولى بشكل أفضل. إذ أنَّ إيليا رأى – وأدرك – أنَّ هزيمة أنبياء البعل في جبل الكرمل (ملوك الأوَّل 18: 17-40) لم تحقَّق شيئًا، فإنَّ إيزابل عابدة البعل لا تزال تدير كلّ الأمور في إسرائيل. لذلك انطلق إيليا ليسلّم نفسه وحالة إسرائيل إلى الله.
- تُظهر الخريطة أن رحلة إيليا لم تكن رحلة تتسّم بالذعر أو التقصير في الواجب، بل كانت رحلة لها هدف وتبرهن عن وجود خطّة. كان بإمكانه أن يبقى آمنًا في مملكة يهوذا، لكنَّه سافر مسافة طويلة وصولًا إلى بئر سبع، على بُعد مئة وستين كيلومترًا جنوب يزرعيل، ثمَّ من هناك ذهب رحلة يوم آخر في البريَّة (ملوك الأوَّل 19: 3-4). ألحّ عليه ملاك الرَّب ليأكل ويتقوَّى لأنَّ الرحلة ستكون أطول بعد (ملوك الأوَّل 19: 7)، إذ أنَّه يتوجّه إلى حوريب، حيث أراد الله أن يسمع منه.
- إن التشابهات مع موسى تقودنا أيضًا إلى النَّظر لكلمات إيليا واعتبارها كما فعل بولس. لقد تلقى موسى الوصايا العشر على جبل حوريب/سيناء في البداية، وبينما كان يصوم لأربعين يومًا وليلة، انتهك شعب إسرائيل الوصية الثانية وما كانوا لينجوا من غضب الله لو لم يسمع الله لشفاعة العهد من موسى. وفي أيَّام إيليا، كان شعب إسرائيل غير مخلص لعهد الله بشكل فاضح وأسوأ من قبل، إذ كانوا يعبدون آلهة أخرى بالجملة. لم يتكلّم إيليا مع الله كشفيع، بل كمحامٍ للعهد، مقدمًا أدلة للادّعاء.
لذلك فإنّ إيليا، بدلاً من الارتعاش بقلق أو التمادي بأنانية، قد سافر إلى جبل حوريب كنبيٍّ مُنكسر القلب، يئنّ من خيبة أمله في القلوب القاسية وغير التائبة الموجودة في إسرائيل. لم يوبّخه الله عند صعوده إلى حوريب، بل اقترب برأفة وعدل من عبده اليائس إيليا ليسمعه يوجّه ضدَّ شعب إسرائيل اتّهامًا بنقض العهد. ثمّ شجَّع الرّب نبيَّه بكلام فيه دينونة ورجاء، وأعطاه اتجاهًا جديدًا في الخدمة، ممهّدًا بذلك الطريق للأحداث التي تلي.
+++++++
هذه المقالة جزءٌ من مجموعة بعنوان، EveryBook of the Bible: 3 Things to Know
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.