
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة يهوذا
۱۹ يونيو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عزرا
۲٦ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر يونان

مغامرة يونان هي إحدى أشهر القصص في الكتاب المقدس. اسأل أيَّ طفلٍ في الكنيسة عن محتوى القِصّة، وستحصل على جواب كافٍ ومقنِع. يكون هذا أقلَّ احتمالًا إن سألتَ عن أيّ نبيٍّ صغير آخر، مثل حبقّوق. ولكنْ، مع أنّه يمكن تذكُّر محتوى هذا السّفر، فإنّ هذا لا يعني أنَّه يُفهَم بصورة صحيحة. فالنبي العنيد والسمكة الكبيرة ليسا النقطة المركزيّة في القصّة، بل إنّ السفر، الذي ينتهي بعلامة استفهام، يطالب بالتفكير الحريص في معنى حياتنا في ضوء مجد الله ونعمته.
1. يستطيع يونان أن يساعدنا في اتّباع الله بطاعة.
يقدِّم يونان ورشة عَمَل حول كيفيّة عدم الاستجابة لله الذي ينبغي أن يُطاع. يُعلِن السفر سيادة الربّ. فالله لا يقترح، بل يأمر. وحتّى البحّارة الوثنيّين أقرُّوا بقدرة الله الكلّيّة قائلين: "...يَا رَبُّ فَعَلْتَ كَمَا شِئْتَ" (يونان 1: 14). عَمِل الله بطريقة حاسمة: "فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً" (يونان 1: 4). "وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا..." (يونان 1: 17). أحداث القصّة تحتَ سيطرة الله سيطرةً تامّة.
أوامر الله واضحة. تعليماته البسيطة تبدو كأنّه يكلِّم طفلًا: "قُمْ،" "اذْهَبْ،" "نَادِ عَلَيْهَا." عصى يونان ليس لأنّه لم تكن لديه المعلومات اللازمة، أو لأنّه شعر بنوعٍ من الاستعجال، أو لأنّه تعرَّض لضغطٍ من تأثيراتٍ خارجيّة. فهو بكلّ بساطة لم يُرِد أن يطيع، وقد تسبَّب هذا التحدّي بكارثةٍ. وبسبب عصياننا نحنُ أيضًا نرفض بإراداتنا بركة الله ونستدعي يدَه الثقيلة علينا.
ومع أنّ الطاعة أحدَ الأدلّة على الديانة الصحيحة، فإنّ الخضوع يتدفَّق من قلب يحبّ الله. تفاخر يونان بسموّ ديانته، وتكلَّم بلاهوتٍ راقٍ، ولكنّه بالغ بشأن خوفه من الله (يونان 1: 9). ففي قلبه وبأعماله، كان هاربًا "...مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ" (يونان 1: 3، 10). كان يونان في حالةٍ روحيّة غير صحيّة. فمن صلاته، التي بدت تقيّةً، ولكنّها كانت في الحقيقة تمتدح الذات في بطن الحوت العظيم، إلى نوبة انفعاله الغاضبة الشديدة قرب نهاية السفر، كان يونان في احتياج إلى تغيير القلب الذي اتّصفت به نهضة نينوى.
تقف طاعة الريح والأمواج والنباتات والحيوانات، بل والوثنيّين على النقيض تمامًا مع استعداد النبي المتعجرف. ولذا، ليكُن يونان تحذيرًا لنا.
2. سفر يونان دليلٌ إرشاديّ في الخدمة الإرساليّة.
قد تكون هذه الحقيقة واضحةً أو مفاجئة. لكنْ واضحٌ أنَّ سفر يونان يتعلّق بإرساليّة الله. فبسبب شفقة الله على الهالكين الضالّين أرسل يونان ليحذِّر أهل نينوى من غضبه الآتي (يونان 4: 2، 11). ولكنْ، بدا أنّ الله اختار المُرسَل غير المناسب! فليس في يونان شيءٌ يبدو مثاليًّا في هذه القصّة، ولكنْ يبدو أن هذا هو قصد السفر بالضبط. فمن المُفترَض أنَّ تردُّد يونان في إرساليّته يُشعر قرّاء السفر بالخجل إذْ يدرِكون أنّ "النُّورَ لِلْأُمَم" كان بالكاد مرئيًّا (إشعياء 49: 6). فينبغي لمَن ظهرت له الرحمة والشفقة أن يكون متحمِّسًا في أن يشارك مع العالم رسالة شفقة الله.
والأمر الأهمّ هو أنّ فشل يونان يُثبِت أنّه ليس بطلًا إرساليًّا، بينما الله هو ذلك البطل الإرسالي. فكرازة يونان الممتلئة بالتردُّد أعدَّت شعب إسرائيل لانتظار نبيٍّ أعظم سيسعى بكلّ رغبةٍ وإرادة إلى أن يبحث عن الضالّين ويخلِّصهم (لوقا 19: 10). يسوع المسيح هو الوحيد الذي يستطيع أن يتمِّم وعد الله الجريء والمبادر بأنّ يُبارك "جَمِيعَ قَبَائِلِ الأَرْضِ" (تكوين 12: 3). كانت نهضة نينوى بمثابة إنباءٍ بيوم الخمسين وإضعاف قبضة الشيطان على الأُمَم. وبسبب المسيح، الذي هو هبة الله التي لا تُوصَف، يومًا ما "رَبَوَاتُ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفُ أُلُوفٍ" من المفديّين سيرنّمون للحمل الذي يستحقّ ما لا يمكن تقديمه (رؤيا 5: 11-12). حقًّا "لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ" (يونان 2: 9).
يُعلِن يونان قلب الله المُحِبّ تجاه الضالّين الهالكين. لا يعمل النّبي هذا الأمر بفضيلتنا، بل بكونه نموذجًا ومثالًا للمسيح. انتبهوا إلى يونان، لا لأنّه نموذجٌ للتقوى، بل لأنّنا مثله في احتياجنا إلى المسيح الذي يصوِّره يونان.
3. يتعلَّق يونان بيسوع المسيح.
حين طلب نقّاد يسوع منه آيةً تُعطي شرعيّة لما كان يدّعيه عن نفسه، وجَّه جيله إلى يونان (متّى 12: 39). فسَّر يسوع النقطة المحوريّة في قصّة يونان بأنّها صورة لموته وقيامته. فقد مات يونان رمزيًّا، لأنّ البحّارة ظنّوا أنّهم بإلقائه إلى البحر كانوا يقتلونه (يونان 1: 14). لم يكن من المفترَض أن ينجو من "النَّوْءِ العَظِيمِ" الذي هدّد بتحطيم السفينة، أو من فترة بقائه ثلاثة أيّام في بطن الحوت (يونان 1: 4). فقد كان الحوت بمثابة قبرٍ مائيٍّ له، وكان تقيُّؤ الحوت إيّاه على الشاطئ بمثابة بداية حياة جديدة. فيونان القديم، الذين كان يُبغِض الأمم ويشتهي الراحة الأنانيّة، يرمز إلى "الإنسان العتيق" (أفسس 4: 22). أمّا يونان الجديد، الذي ما يزال غير كاملٍ بصورةٍ راديكاليّة، فهو صورة غير مُتقنة لـ"الإنسان الجديد" (أفسس 4: 23-24). كما أنّ يسوع سيموت ويقوم. والاتّحاد معه هو الطريقة الوحيدة التي بها نصير خليقة جديدة وندخل إلى مجازاة الله (رومية 6: 8).
كما أعطى موتُ يونان وقيامته الرمزيّان شرعيّةً لرسالة التوبة التي نادى بها لأهل نينوى. ونحنُ لدينا عذرٌ أقلّ ممّا كان عند أهل نينوى في عدم استجابتنا لإنجيل المسيح: "رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!" (لوقا 11: 32).
يحدِّثنا يونان عن يسوع المسيح (لوقا 24: 44-47). ففي المسيح وحده نجد الطاعة الضروريّة للوقوف أمام الله والمعونة لنبدأ سيرنا بتقوى. فيه نختبر شفقة الله، وهي الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يحفِّزنا على أن نُشفِق على الآخرين.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.