ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التكوين - خدمات ليجونير
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر الخروج
۸ فبراير ۲۰۲٤
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر الخروج
۸ فبراير ۲۰۲٤

ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التكوين

لا يعتبرُ مُعظمُ القُرّاء المعاصرين سفرَ التكوين عملًا أدبيًّا مكتوبًا بشكل مُتقن. لقد اعتدنا على قراءَته بأجزاء متفرّقة. إنّ عادات القراءَة العامّة والشخصيّة عند المسيحيّين تَحُدُّ من فِكرةِ أنّه لا بدّ أنْ يُفهم على أنّه سفر واحد مترابط. نتيجةً لذلك، تفوتنا منه جوانبَ مُهمّة. اسمحوا لي أنْ أذكرَ ثلاث خصائصَ مُهمّة نحن بحاجة إلى ملاحظتها في سفر التكوين.

  1. كُتب سفر التكوين لتتبّعِ تاريخ سلالة عائلة فريدة.

أوّلًا، كُتِبَ سفر التكوين لتتبّع تاريخ سلسلة عائلة فريدة تُسلّطُ الضوءَ على رجلٍ واحد في كلّ جيل ("نسب أبويّ"). الكلمة اليونانيّة للتكوين تعني "سلسلة أنساب." يبدأ النسب الأبويّ بآدم، ويمتدّ عبر ابنه الثالث، شيث، إلى نوح (راجع تكوين 5 :1–32). يستمرّ النسبُ الأبويّ من نوح عبر سام وصولًا إلى إبراهيم (تكوين 11: 10-26). بعد ذلك، تتباطأ وتيرة القصّة، لكن الاهتمام بالخطّ العائليّ الفريد يستمرّ. يُعتبرُ عدم إنجاب سارة عائقًا كبيرًا أمام استمراريّة هذا النسب، لكنّ الله مكّن سارة فأنجبت ابنًا وهو إسحاق. بعد إسحاق، يستمرّ النسب الأبويّ مع يعقوب (الذي سُمّيَ فيما بعد إسرائيل)، الأخ التوأم الأصغر لعيسو. كان ينبغي أنْ يكونَ عيسو هو الشخصَ التالي في النسب الأبويّ، لكنّه احتقر بكوريّتَه وباعها لأخيه الأصغر يعقوب - الذي كان يرغب في أنْ يكون جزءًا من النسب الأبويّ - مقابل طبق من طعامٍ مطبوخ (تكوين 25: 29-34). وبعد يعقوب، يرتبط النسب الأبويّ بيوسف (راجع ١ أخبار الأيّام 5 :1–2) وابنه الأصغر أفرايم، الذي قدّمه يعقوب على أخيه الأكبر منسّى (تكوين 48 :13–20). الأمرُ المثير للاهتمام هو أنّ سفر التكوين غالبًا ما يُقدّم تلميحات حول سبب انتقال الابن البكر في النسب الأبويّ (مثلًا، ارتباط رأوبَيْن غير المقبول مع بِلْهة؛ راجع تكوين 35: 22).

بينما كان يوسف يتمتّعُ بالأولويّة على إخوته الأكبر سنًّا، يقدّم سفر التكوين انحرافًا مُهمًّا في تاريخ النسب الأبويّ. في تكوين 38، وهو مقطع غالبًا ما يتمّ تجاهله باعتباره يعترض قصّة حياة يوسف، يتمّ لفتُ الانتباه إلى يهوذا. إنْ قرأنا النسب الأبويّ بإمعان، نجد أنّ سفر التكوين 38 يدور حول تتبّع نسل يهوذا، الذي يبدو أنّه في خطر مُحدق عندما ضرب الله ابنَيْه الأكبرَيْن وأماتهما. أحدث تدخّلُ ثامار غير الاعتياديّ تحوّلًا جذريًّا في حياة يهوذا، وأدّى إلى ولادة تَوْأمَيْن. عند هذه الولادة، ينعكس مرّة أخرى مبدأ البكوريّة (حقّ الابن البكر في الميراث) عندما يندفعُ فارص أمام زارح. وفي وقت لاحق، سوف يبارك يعقوب يهوذا، الأمر الذي يشير إلى أنّ المَلَكيّة سترتبط بنسله (تكوين 49 :8–12). وقد ظهرت هذه البركة بعد قرون في زمن صموئيل (راجع مزمور 78: 67-72).

لماذا هذا النسب الأبويّ مُهمّ جدًّا؟ ابتداءً من تكوين 3: 15، يتمّ تقديمه على أنّه سيقود إلى نسل مستقبليّ لحواء سيقضي على الحيّة، عدوّ الله الأكبر. وبينما تتكشّفُ أحداثُ سفر التكوين، نكتشفُ أنّ هذا النسلَ الموعودَ سيكون مَلِكًا يلعب دور الوسيط لبركات الله إلى أمم الأرض، وسيؤسّس ملكوتَ الله باعتباره النائب الكامل عن الله. سفر التكوين يتطلّع إلى مجيء يسوع المسيح بهذه التوقّعات.

  1. يقطعُ الله عهدًا أبديًّا مع إبراهيم جاعلًا إيّاه أبًا لأمم كثيرة.

ثانيًا، بناءً على النسب الأبويّ المذكور في سفر التكوين، أسّس الله عهدًا أبديًّا مع إبراهيم، مُصرِّحًا أنّه سيكون أبًا لأمم كثيرة (تكوين 17: 4-5). يركّز معظمُ قُرّاء سفر التكوين وعلماء لاهوت كثيرين، على العهد المذكور في تكوين 15، والذي يتحدّث عن كون إبراهيم أبًا لأمّة واحدة هي إسرائيل. ومع ذلك، إنّ العهدَ المذكورَ في تكوين 17 هو أهمّ بكثير، ومع تضمين العهد السابق، تمتدّ أبوّة إبراهيم إلى الأمم. هذه الأبوّة ليست بيولوجيّة بطبيعتها، بل روحيّة. يضمنُ عهدُ الختانِ أنّ واحدًا من نسل إبراهيم سيأتي ببركةِ الله إلى أولئك الذين يعترفون به كملك عليهم. لهذا السبب، فإنّ توقّعَ الأمم بأنْ تخدُمَ ملكًا مستقبليًّا ينعكس في البركة الأبويّة التي منحها إسحاق ليعقوب (تكوين 27: 29) ويعقوب ليهوذا (تكوين 49: 10). عندما ننتقلُ إلى العهد الجديد، نرى أنّ الرسولَ بطرس ينظر إلى يسوع المسيح باعتباره الشخص الذي يتمّمُ الوعودَ التي أُعطيت لإبراهيم (أعمال الرسل 3: 25-26). وبالمثل، بحسب الرسول بولس، فإنّ الوعود المرتبطة بعهد الختان هي الأساس لضمّ الأمم إلى شعب الله (غلاطية 3: 15-29).

  1. يرتبط موضوع البركة بالنسل الأبويّ الذي سيقود في النهاية إلى يسوع المسيح.

الخاصيّة الثالثة في سفر التكوين، والتي في كثير من الأحيان لا تحظى بالتقدير، هي الطريقة التي يرتبطُ بها موضوع البركة بالنسل الأبويّ الذي سيقودنا في النهاية إلى يسوع المسيح. نتج عمّا ارتكبه آدم وحواء في جنّة عدن حلول لعنات إلهيّة ستؤثّر سلبًا على وجود الإنسان. وفي تناقض بارز، نجدُ أنّ دعوةَ الله لإبراهيم تقدّم إمكانيّة حلول البركة الإلهيّة على جميع قبائل الأرض (تكوين 12: 1-3). وقد ارتبطَ موضوع البركة (berakah) هذا فيما بعد بنسل إبراهيم (تكوين 22: 18). وعلى الرغم من أنّه يُفترض في كثير من الأحيان أنّ تأتي هذه البركة عبر أمّة إسرائيل ككلّ، إلّا أنّ سفرَ التكوين يَحدُّ مصدرَ البركة في الأعضاء اللاحقين في النسل الأبويّ. هذه البركة (berakah) مقترنة بالشخص الذي له حقّ البكوريّة (bekorah). يظهر هذا بشكل خاصّ في قصّة يعقوب وعيسو، حيث يعقوب هو الذي قام بمباركة الآخرين، وهي حقيقة أقرّ بها عمُّه لابان (تكوين 30: 27-30). وبطريقة مماثلة، كان يوسف مصدرَ بركةٍ للآخرين، وقد تمّ ذكرُ هذه المسألة بوضوح في تكوين 39: 5 بالنظر إلى كلّ ما كان لفوطيفار "فِي ٱلْبَيْتِ وَفِي ٱلْحَقْلِ." بالتالي، وعلى الرغم من زجّه في السجن، تمّ ترفيع يوسف ليصبحَ "أَبًا لِفِرْعَوْنَ" (تكوين 45: 8) ومصدرَ بركةٍ لأمم كثيرة أثناء المجاعة الحادّة.

تكشفُ القراءَةُ بطريقة شموليّة لسفر التكوين أنّه كُتِبَ بإتقان. وباعتباره خليط أدبيّ، نجده يعتمد على أنواعٍ مختلفة من المواد لتبليغ رسالة مُوحّدة تصوّب بشكل مُهمّ إلى يسوع المسيح، مصدرِ البركةِ الإلهيّةِ لنا جميعًا.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

ديزموند ألكسندر
ديزموند ألكسندر
الدكتور ت. ديزموند ألكسندر هو محاضر رئيس في مادّة الدراسات الكتابيّة ومدير الدراسات العليا في كُليّة الاتّحاد اللاهوتيّة في مدينة بلڤاست في أيرلندا الشماليّة. هو مُحرّر مشارك لكتاب The New Dictionary of Biblical Theology، ومؤلّف العديد من الكتب، منها: From Paradise to the Promised Land وكتاب From Eden to the New Jerusalem.