كُن شخصًا يُنتسى
۱٦ يناير ۲۰۲٤ثِقْ وكُن مُطيعًا
۲۳ يناير ۲۰۲٤عيدُ شُكرِ المفديّين
ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الثالث عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ مملكة الله].
يحتفي المزمور 107 بالأمور الكثيرة التي ينبغي علينا أنْ نكونَ شاكرين من أجلها كشعب الله المفديّ. نحن شعبٌ خلّصَنا إلهُنا الأمينُ من كارثةٍ عميقة لا يُمكن سبرُ أغوارِها المرسّخة في هذا المزمور بطرقٍ لا يمكننا وصفَها الآن إلّا باختصار. لكنّ المزمورَ يقدّمُ لنا أربعَ صورٍ حيّة تُشبه تقريبًا الأمثال، وهي تصفُ الأعماقَ التي انحدر إليها شعب الله.
الصورة الأولى هي لشعبٍ تائهٍ وضالّ بلا مأوى (الآيات 4-9). ليس جيّدًا أبدًا أنْ نضلَّ، لكنَّ الصورةَ هنا هي لأشخاصٍ ضالّين جدًّا لدرجة أنّه حتّى لو أدركوا أين هم موجودون، لما وجدوا مكانًا يأوون إليه. لا يمكنُهم البقاءَ حيث هم موجودون ويبقوا على قيد الحياة (الآية 5)، وفي الوقت نفسه هم لا ينتمون لأيّ مكان آخر.
الصورة الثانية للكارثة هي لأشخاص مسجونين بالأشغال الشاقّة وينتظرون حُكم الإعدام (الآيات 10-16). لم يكن هذا نتيجةَ اتّهام باطل؛ بل جميعُ هؤلاء السجناء مذنبون. كلّ ما ينتظرهم هو حُكم الإعدام والموت.
الصورة الثالثة هي عن أشخاصٍ أُصابوا أنفسَهم بالمرض (الآيات 17-22). لم يكن هذا المرض من النوع الذي يصيبُنا جميعًا من دون ارتكاب أيّ خطأ من قِبلنا. يُشبه هذا المرض ما يعاني منه شخصٌ مدمنٌ على المخدرات، أفسدَ صحّتَه بسبب تعاطيه للمخدرات، أو شخص مدمن على الكحول أفسدَ كَبِدَه بسبب إدمانه الشديد. المرضُ الذي تمّ وصفه هنا مميت وسيقود حتمًا إلى الموت.
الصورةُ الأخيرةُ هي عن أشخاصٍ ضلّوا في البحرِ أثناءَ زوبعةٍ أو إعصارٍ (الآيات 23-32). هم تحتَ رحمةِ الرياحِ العاتية والأمواجِ الهائجة. الوضعُ يفوقُ مهاراتِهم كبحّارة وقد استُنزفت مواردُهم وقوّتُهم بالكامل (الآيات 26-27).
تُصوّرُ كلُّ هذه الصورُ الزاهيةُ أشخاصًا فقدوا الأملَ ويشعرون بالعجز عن إنقاذِ أنفسِهم من الكوارثِ العميقة التي أوقعوا أنفسَهم فيها. وتتكرّر عبارةٌ تصفُ كلَّ هذه النفوسِ الضالّة: "فَيَصْرُخُونَ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ" (الآية 28). أمّا الذين فقدوا الأمل ويشعرون بالإعياء في داخلهم، فقد أدركوا أنّ عهدَ الله هو رجاؤهم الوحيد للخلاص. وضعَ جميعُهم ثقتَهم فيه، ودعَوْا باسمه وحصلوا على النتيجةِ المجيدةِ نفسِها: "وَمِنْ شَدَائِدِهِمْ يُخَلِّصُهُمْ" (الآية 28).
لا أدري ما هي أنواع المصاعب التي تختبرها الآن كمسيحيّ، إلّا أنّني أعلمُ أنّنا جميعًا نحفُر قبورَنا بخطايانا. شكرًا لله من أجل ربّ العهد، يسوع المسيح، الذي يُمكننا أنْ ندعوه من أعماق محنتنا التي سبّبناها لأنفسنا، عالمين أنّه سينتشلنا ويُنقذنا. لا توجد كارثة عميقة جدًّا، ولا يوجد موقف ميؤوس منه لدرجة أنّ الربّ لن يستمعَ إليك إنْ دعوتَه ليأتيَ وينقذَك من كلّ ضيقك. يستطيعُ أنْ يُخلّصَ الضالّين والهالكين والمرضى والغرقى. بإمكاننا الاعتماد عليه لأنّه صالح ومحبّته الثابتة تدوم إلى الأبد. فلنقدّمِ الشكرَ لأنَّ هذا الإله هو إلهنا (الآية 1)، ولنتأمّل في محبّته المُدهشة دومًا (الآية 43).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.