التوليب واللاهوت المُصلَح: مثابرة القديسين - خدمات ليجونير
5 طرق للصلاة من أجل راعي كنيستك في عام 2020
٤ فبراير ۲۰۲۰
ماذا تعني كلمة “إنجيل” في العهد الجديد؟
۹ مارس ۲۰۲۰
5 طرق للصلاة من أجل راعي كنيستك في عام 2020
٤ فبراير ۲۰۲۰
ماذا تعني كلمة “إنجيل” في العهد الجديد؟
۹ مارس ۲۰۲۰

التوليب واللاهوت المُصلَح: مثابرة القديسين

كتب بولس لأهل فيلبي قائلًا "الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فيلبى 1: 6). هنا نجد وعد الله بأن ما بدأه في نفوسنا ينوى إكماله. لذلك فالحقيقة الكلاسيكيَّة في اللاهوت المُصلح عن مثابرة القديسين هي: إن كنت تملكه — أي إن كان لديك إيمان حقيقي وأنت في حالة النعمة المُخلِّصة — فلن تفقده أبدًا. إذا فقدته، فهو لم يكن لديك من الأساس.

نحن نعلم أن العديد من الناس يعترفون ويصرِّحون بإيمانهم، ثم يتراجعون وينكرون أو تخلّون عن هذه التصريحات. يعلِّق الرسول يوحنا بأنه كان هناك مَن خرجوا مَن بين التلاميذ، فيقول عنهم: "مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا" (1 يوحنا 2: 19). بالطبع كانوا مع التلاميذ بشكل ظاهري قبل مفارقتهم. فلقد صرَّحوا بإيمانهم بشكل خارجي، كما وضَّح يسوع أنه يمكن للشخص أن يفعل ذلك حتى دون أن يمتلك ما يصرِّح به. قال المسيح: "يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا" (متى 15: 8). حتى أن يسوع حذَّر في نهاية الموعظة على الجبل أنه في اليوم الأخير، سيأتي إليه كثيرون، قائلين: "يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!" (متى 7: 23). لن يقول لهم: "كنت أعرفكم لفترة من الزمن، ثم تحوَّلتم عنِّي وخنتموني. كلا، لم تكونوا قط جزءًا من كنيستي غير المنظورة". إن الهدف الأساسي من الاختيار الإلهي هو أن يقود شعبه بأمان إلى السماء؛ لذلك ما بدأه هو يعد أن يكمِّله. فهو لا يبدأ الحياة المسيحيَّة فحسب، بل الروح القدس معنا ليقدِّسنا، ويبكِّتنا، ويعيننا ليضمن الحفاظ علينا.

أريد أن أؤكِّد أن هذا الثبات في الإيمان لا يعتمد على قوَّتنا. حتى بعد تجديدنا، مازلنا نسقط في الخطية، حتى أكثر الخطايا خطورة. ما نقوله هو إنه من الممكن للمؤمن أن يسقط بشكل خطير، نقصد بذلك الانحدار، والسقطات الأخلاقيَّة، وما إلى ذلك. لا يمكنني أن أفكر في خطية ما لا يمكن للمؤمن المُجدَّد حقًا أن يسقط فيها عدا التجديف على الروح القدس.

ننظر، على سبيل المثال، إلى نموذج داود في العهد القديم. كان داود بالتأكيد رجلاً بحسب قلب الله. كان بالتأكيد رجلاً مُجدَّدًا. كان بداخله روح الله. كما كان لديه محبة وشغف عميق للأمور المتعلِّقة بالله. ومع ذلك، فإن هذا لم يرتكب الزنا فحسب، بل كان أيضًا متورِّطًا في مؤامرة لقتل زوج حبيبته في الحرب — وكانت في الواقع مؤامرة للقتل العمد. كان ذلك أمرًا خطيرًا. على الرغم من أننا نرى مستوى التوبة الحقيقيَّة التي قدَّمها داود نتيجة كلام النبي ناثان إليه، فالمقصود هنا هو أن داود سقط وكان سقوطه عظيمًا.

يحذِّرنا الرسول بولس من وجود نظرة منتفخة لقوتنا الروحيَّة. إذ يقول: "اِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (1 كورنثوس 10: 12). نحن نسقط في أفعال خطيرة جدًا. الرسول بطرس، حتى بعد تحذيره، رفض المسيح، وأقسم أنه لم يعرفه قط — وهذه خيانة علانيَّة ليسوع. لقد ارتكب خيانة في حق سيده. عندما تم تحذيره من حدوث ذلك، قال بطرس إن هذا لن يحدث أبدًا. فقال له المسيح: "سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ" (لوقا 22: 31-32). سقط بطرس، لكنه رجع. تم استرداده. كان سقوطه لحين. لهذا السبب نقول إنه يمكن للمؤمنين الحقيقيِّين أن يسقطوا بشكل خطير وكبير ولكنهم لن يسقطوا بشكل نهائي وكامل من النعمة.

أعتقد إن هذه العبارة القصيرة، مثابرة القديسين، مضللة بشكل خطير. فهي تشير إلى أن المثابرة شيء نقوم به، ربما من أنفسنا وبأنفسنا. أؤمن أن القديسين يثابرون في الإيمان، وأن مَن دعاهم الله بشكل فعَّال ووُلدوا من جديد بقوة الروح القدس يثبتون إلى المنتهى. ومع ذلك، فإنهم لا يثابرون لأنهم مجتهدون للغاية في الاستفادة من مراحم الله. السبب الوحيد الذي يمكننا من خلاله توضيح سبب استمرار أي منَّا في الإيمان هو أننا محفوظون. لذلك أُفضل تعبير حِفظ القديسين، لأن العملية التي تحفظنا في حالة النعمة هي أمر يتمِّمه الله. إن ثقتي في حفظي ليست في قدرتي على المثابرة. بل ترتكز ثقتي على قوة المسيح أن تحفظني بنعمته وبقوة شفاعته. فهو ضامن سلامة وصولي إلى موطني في السماء.

 

انظر أيضًا:

التوليب واللاهوت المُصلَح: مقدمة

التوليب واللاهوت المُصلَح: الفساد الكلي

التوليب واللاهوت المُصلَح: الاختيار غير المشروط

التوليب واللاهوت المُصلَح: الكفارة المحدودة

التوليب واللاهوت المُصلَح: النعمة التي لا تُقاوم

التوليب واللاهوت المُصلَح: مثابرة القديسين

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.