التوليب واللاهوت المُصلَح: النعمة التي لا تُقاوم - خدمات ليجونير
اللاهوت المُصلَح هو لاهوت العهد
۲۸ يناير ۲۰۲۰
جوهر الكالفينية
٤ فبراير ۲۰۲۰
اللاهوت المُصلَح هو لاهوت العهد
۲۸ يناير ۲۰۲۰
جوهر الكالفينية
٤ فبراير ۲۰۲۰

التوليب واللاهوت المُصلَح: النعمة التي لا تُقاوم

تاريخيًّا في الفكر الإصلاحي، فإن الفكرة كالتالي: التجديد يسبق الإيمان. كما نؤمن أيضًا أن التجديد هو عمل أحادي المصدر (monergistic). يبدو هذا التعبير صعب، ولكنه يعني في الأساس أن العمل الإلهي الذي نطلق عليه الميلاد الثاني أو التجديد هو عمل الله بمفرده. الأُرغ (erg) هو وحدة قياس الكدح أو العمل. وكلمة "طاقة" (energy) مستمدة من هذه الفكرة. تعني بادئة الكلمة (mono) "واحد" أو "أحادي". لذلك فكلمة monergism تعني "عمل أحادي". ويعنى أن عمل التجديد الذي يحدث في قلب الإنسان هو أمر يفعله الله بقوته وحدها — وليس بنسبة 50 بالمائة من قوته و50 بالمائة من قوة الإنسان، أو حتى 99 بالمائة من قوته و1 بالمائة من قوة الإنسان. بل هو 100 بالمائة عمل الله. فهو، وهو وحده، لديه القدرة لتغيير رغبة نفس وقلب الإنسان ليقودنا إلى الإيمان.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يستخدم الله هذه النعمة في النفس، فهو يحقق التأثير الذي ينوي إحداثه. عندما خلقك الله، جلبك إلى الوجود. أنت لم تفعل شيئًا لتساعده على ذلك. فعمله السيادي هو الذي جلبك إلى هذه الحياة من الناحية البيولوجيَّة. وبالمثل، فإن عمله، وعمله وحده، هو الذي ينقلك إلى حالة الميلاد الثاني والخليقة الجديدة. وبالتالي هذا ما نُطلق عليه النعمة التي لا تُقاوم. فهي النعمة العاملة. النعمة التي تحقق ما يريد الله أن يتمِّمه. فإذا كنا بالفعل أموات بالذنوب والخطايا، وإن كانت إرادتنا بالفعل مقيَّدة بسبب شهوات أجسادنا ونحتاج أن نتحرَّر من طبيعتنا الجسديَّة حتى نخلص، إذن نستنتج أن الخلاص هو أمر يعمله الله فينا ومن أجلنا، وليس أمرًا نفعله نحن لأنفسنا بأي حال من الأحوال.

ولكن فكرة عدم المقاومة تثير فكرة أنه لا يمكن للمرء أن يبدى أي مقاومة لنعمة الله. ومع ذلك، فإن التاريخ البشرى هو تاريخ مقاومة عنيدة وقاسية للطف نعمة الله. لا تعني النعمة التي لا تُقاوم أن نعمة الله غير قابلة للمقاومة. في الواقع، نحن قادرون على مقاومة نعمة الله، ونقاومها بالفعل. الفكرة أن نعمة الله قوية جدًا لدرجة أنها لديها القدرة على التغلُّب على مقاومتنا الطبيعيَّة لها. ليس الأمر أن الروح القدس يجر البشر للمسيح ضد إرادتهم. بل يغيِّر الروح القدس رغبة ونزعة إرادتنا، بحيث أنه في حين كنا سابقًا رافضين قبول المسيح، نصير الآن راغبين، وأكثر من راغبين. في الواقع، نحن لا نُجر إلى المسيح بل نركض إلى المسيح، ونقبله بفرح لأن الروح القدس قد غيَّر قلوبنا. لم تعد قلوبنا حجريَّة لا تتأثر بوصايا الله ودعوات الإنجيل. لقد أذاب الله قساوة قلوبنا حين جعلنا خليقة جديدة. والروح القدس أقامنا من الموت الروحي حتى نأتي إلى المسيح لأننا نريد أن نأتي إلى المسيح. والسبب في أننا نريد أن نأتي إلى المسيح هو أن الله قد قام بالفعل بعمل النعمة في نفوسنا. بدون هذا العمل، لن تكون لدينا أي رغبة في المجيء إلى المسيح. لهذا السبب نقول إن التجديد يسبق الإيمان.

لدي مشكلة صغيرة في استخدام مصطلح النعمة التي لا تُقاوم، ليس لأنني لا أؤمن بهذه العقيدة الكلاسيكيَّة، ولكن لأنها مُضللة لكثير من الناس. لذلك، فإنني أفضل مصطلح النعمة الفعَّالة، لأن نعمة الله التي لا تُقاوم تفعل ما ينوي الله أن تفعله.

في المقالة الأخيرة، سنختتم بالحديث عن مثابرة القديسين.

 

انظر أيضًا:

التوليب واللاهوت المُصلَح: مقدمة

التوليب واللاهوت المُصلَح: الفساد الكلي

التوليب واللاهوت المُصلَح: الاختيار غير المشروط

التوليب واللاهوت المُصلَح: الكفارة المحدودة

التوليب واللاهوت المُصلَح: النعمة التي لا تُقاوم

التوليب واللاهوت المُصلَح: مثابرة القديسين

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.