تطور الليبرالية البروتستانتية
۱۲ أكتوبر ۲۰۲۰ما هي استجابتنا؟
۱۳ أكتوبر ۲۰۲۰ما هي الكنيسة؟
يُولي بولس اهتمامًا كبيرًا للإكليزيولوجي، أي العقيدة عن الكنيسة، في رسالته إلى أهل أفسس. في الحقيقة، يمكننا القول إن رسالة أفسس تجيب على السؤال: ما هي الكنيسة؟ في أفسس 2: 19-22، نجد الاستعارة الرئيسيَّة التي يستخدمها بولس هي استعارة البناء —أهل بيت الله. المؤمنون هم جزء من أهل البيت بمعنى أنه قد تمَّ تبنِّيهم في عائلة الله، وهي صورة أخرى يستخدمها الكتاب المُقدَّس لوصف الكنيسة. لكن هنا لا يتعلَّق الأمر بعائلة أهل البيت بقدر ما يتعلَّق ببيت أهل البيت: "بَلْ (نحن) رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ" (الآيات 19–20 أ).
يقول بولس إن أساس هذا المبنى المُسمَّى الكنيسة يتكوَّن من الأنبياء والرسل، أي أنبياء العهد القديم ورسل العهد الجديد. لماذا؟ ذلك لأن الأنبياء والرسل هم وكلاء الإعلان الذي يتحدَّث الله بواسطته إلى شعبه. لقد سلَّموا كلمة الله. طريقة أخرى لقول هذا الأمر هو أن أساس الكنيسة هو كلمة الله.
لهذا السبب يجب أن نُولي اهتمامًا كبيرًا لعقيدتنا عن الكتاب المُقدَّس. إن الهجمات التي شُنَّت ضد صحَّة الكتاب المُقدَّس، وسلطته، وكفايته، وكونه جدير بالثقة ليست هجمات مُسدَّدة على كوَّة جانبيَّة من هذا البناء. فهم لا يصنعون فجوة في سقف الكنيسة. بل هي هجمات على أساس الكنيسة ذاته. إن وجود كنيسة بدون سلطة رسوليَّة، وبدون كلمة الله كأساسٍ لها، هو بمثابة بناء كنيسة على الرمال بدلًا من الصخر. إن أساس الأنبياء والرسل ضروري لقيام صرح الكنيسة بأكمله بأمان.
يواصل بولس استعارة البناء في 2: 20 ب: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ". المسيح هو حجر الزاوية، هو الموقع الذي يربط الأساس معًا. انزع حجر الزاوية، وسينهار كل شيء. "الَّذِي فِيهِ (في المسيح) كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ" (الآيات 21-22).
الكنيسة هي هيكل جديد مبني في المسيح، بواسطة المسيح، وللمسيح. من الواضح أن بولس لا يقول إن الكنيسة هي مبنى مصنوع من الطين والطوب، ولكننا نحن الحجارة، الحجارة الحيَّة، كما نقرأ في 1 بطرس 2: 5. كل مؤمن هو جزء من هذه الكنيسة كما أن كل حجر جزء من المبنى. الكنيسة، الهيكل الجديد، لا تزال قيد الإنشاء. كل يوم، تُضاف أحجار جديدة. لن يكتمل هذا الهيكل الجديد حتى يعود يسوع لتتميم ملكوته. لا يزال المسيح يبني كنيسته، ليس بإضافة الأسمنت بل بإضافة أناس هم الحجارة التي تتماسك فيه.
يتابع بولس في أفسس 3: 14-19:
بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ.
يشرح الرسول بولس العقيدة عن الكنيسة حتى نفهم ما فعله الله ولكي نفهم مَن نحن. وفي دعوتنا لفهم مَن نحن وما دُعينا لفعله، يقول بولس أننا نحن الكنيسة. نحن الكنيسة التي عيَّنها الله منذ تأسيس العالم. نحن شعبه؛ نحن أهل بيته، لذا فلتكن الكنيسة هي الكنيسة.
نحن نعيش في زمن الأزمات. ينتقد العديد من المسيحيِّين انحطاط ثقافة المجتمع ويشتكون من الحكومات ومنظومة قيمها. أتفهَّم ذلك، ولكن إن أردنا أن نهتم بأمتنا وثقافتنا، فيجب أن تكون أولويَّتنا هي تجديد الكنيسة. نحن نور العالم.
تعكس الحكومات فقط العادات التي يتبنَّاها الشعب في جيل معيَّن وتدوي بصداها. بالمعنى الأدق، حكوماتنا هي بالضبط ما نريدها أن تكون، وإلا فإنها لن تكون موجودة. لا يأتي التغيير في الثقافة دائمًا من أعلى إلى أسفل. بل غالبًا ما يأتي من أسفل إلى أعلى. التغيير الذي نحتاج إلى العمل من أجله هو في الأساس التجديد داخل الكنيسة. عندما تصبح الكنيسة شركة مواطني السماء الذين يظهرون معنى أن يكونوا أهل بيت المسيح، وعندما تسلك الكنيسة بحسب قوَّة الروح القدس —فإن شعب الله سوف يضيء كنور العالم. عندما يرى الناس هذا النور، سوف يُمجِّدون الله (متى 5: 16). هذا سيُغيِّر العالم. لكن بولس يقول، أولًا وقبل كل شيء، لتكن الكنسية هي الكنيسة. يجب أن نتذكَّر مَن نحن، ومَن هو الأساس، ومَن هو حجر الزاوية، ومَن هو رأس هذا المبنى، ومَن هو رب الكنيسة.
هل نحب الكنيسة؟ أشك في ما إذا كانت هناك أوقات عديدة في تاريخنا كان فيها الكثير من الغضب، والعداء، والإحباط، وخيبة الأمل من الكنيسة كمؤسَّسة كما هو الحال اليوم. من الصعب عدم انتقاد الكنيسة لأن الكنيسة خذلتنا من نواحي عديدة. ولكن إن فشلت الكنيسة، فهذا يعني أننا قد فشلنا. نحن مدعوون لخدمة الكنيسة بقوَّة الله الروح القدس.
نحن، أي الكنيسة، خُلقنا من أجل هذا العمل من خلال سُكنى روح الله وقوَّته. ومع ذلك، فإننا مدعوُّون ليس لأن ننهض بل لأن نسجد. وإن سجدنا لربنا، كما يقول بولس في أفسس 3: 14، فإن الكنيسة ستكون هي الكنيسة، وسيخترق نورنا الظلام.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.