
ملُقين كلَّ همكم عليه
۱ مايو ۲۰۲۵
لماذا ينبغي أن نجتهد لأجل الإيمان
۸ مايو ۲۰۲۵التلمذة

كان يسوع معلِّمًا بارعًا. كثيرًا ما استخدم أقوالًا صعبةً ليقدِّم حقًّا قويًّا يدفع إلى فحص الأعماق. قال ذاتَ مرّة للجموع التي تبعته:
"إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." (لوقا 14: 26-27)
يصعب فهم هذا. فلماذا يقول يسوع لنا أن نُحبّ أعداءنا الذين يسيئون معاملتنا، وأن نُبغِض الذين هم الأقرب إلينا؟ تعلِّمنا هذه الكلمات أربعة أمورٍ عن التلمذة:
التلمذة ضروريّة: فيسوع يقول: "ينبغي أن أكون الأوَّل، قبل عائلتك أو حتّى حياتك. ينبغي ألا يكون لشيءٍ، ولا حتّى أهمّ علاقاتك وأثمنها، أولويّة عليّ." في الأوضاع الصعبة، حينما وحيثُما يكون الولاء مطلوبًا، ينبغي أن يكون المسيح أوّلًا. ليست التلمذة الكاملة أمرًا اختياريًّا، بل هي أمرٌ ضروريّ واجب.
لا يمكن التحكُّم بمجريات التلمذة: لا تستطيع التحكُّم بنتائج التلمذة. عليك أن تفقد السيطرة، وتذهب إلى حيث تأخذك التلمذة. لا ننتبه إلى الطبيعة الراديكاليّة لكلمات يسوع في ثقافاتنا المعاصرة التي تتّسم بالفرديّة. ولكنْ بالنسبة للذين كانوا يسمعون يسوع، كانت حياة الفرد وإحساسه بالهويّة يدوران حولّ العائلة. فما يقوله يسوع هو: "إنَّ كونَك تلميذي سيعيد تشكيل حياتك. فحين تأتي إليّ عليكَ أن تجعلني رأس كلِّ شيءٍ عزيز ومُحبَّب إليك."
التلمذة مفعمة بالحماسة: استخدم يسوع كلمة "يُبغِض" في تعليمه هنا. نعرف أنّ يسوع يقول لنا إنّ علينا أن نُحِبّ أعداءنا. ولذا واضحٌ أنّه لا يدعو تلاميذه إلى معاداة أفراد العائلة. إنّه يقول إنّه ينبغي أنْ يكون حماسُنا وحبُّنا وشوقنا له أعمقَ، وأكثرَ تشكيلًا للحياة، وأكثرَ إلحاحًا، وأكثرَ حماسةً، وأولويّةً أعظم من أيّة علاقة أخرى، حتّى إنّ كلّ حبّ عاديّ سيبدو بُغضًا إن قُورِن بحبِّنا له. التلمذة تعيد ترتيب كلِّ شيء. فينبغي أن تكون محبّتنا وولاؤنا له.
التلمذة غير محدودة: معنى التلمذة هو أن تحمل صليبك كلَّ يوم. حين يحمل إنسانٌ صليبه تكون حياته قد انتهت. ليس التلميذ شخصًا مستقلًّا يمارس سلطته على حياته بصورةٍ مستقلّة. بل هو مدعوّ إلى أن يُبغِض حتّى حياتَه، فيعيش كما لو كان إنسانًا محكومًا عليه بالموت. يُخبِرنا يسوع أنَّ اتّباعه يكون في كلّ شيءٍ، وإلا فإنّه لا يكون اتّباعًا. فإنْ وضعتَ حدودًا لمدى سيرك معه، فإنَّك لا تستطيع أن تكون تلميذه.
لا نستطيع أن نحمل الصليب يوميًّا من دون نعمته. لا نستطيع أنْ نحبَّه بما يكفي. لا نستطيع أن نطلبه بأمانةٍ كافية. علينا أن نذكِّر أنفسنا بأنّ يسوع المسيح حملَ الصليب بدلًا من مدانِين، هم أنا وأنت وكلّ إنسان يدعو باسم الرب. وكما يذكِّرنا الرسول بولس في رسائله، نحنُ متّحدون معه بموته.
الحياة بالنسبة لنا تُعاش في ظلّ الصليب. يمكننا أن نحيا بثقة وفرح، أحرارًا من أيّ شعورٍ بالذنب. فقد حمل المسيح الصليب لأجلنا حتّى نستطيع بالمسيح أن نحمل الصليب بصفتنا تلاميذه.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.