حقيقة الخوف - خدمات ليجونير
طوبى لكم إذا عيَّروكم
۲۱ يونيو ۲۰۲۱
التخطيط للمستقبل والثقة في تدبير الله
۲٤ يونيو ۲۰۲۱
طوبى لكم إذا عيَّروكم
۲۱ يونيو ۲۰۲۱
التخطيط للمستقبل والثقة في تدبير الله
۲٤ يونيو ۲۰۲۱

حقيقة الخوف

من بين مشاكلنا المُتزايدة، يحتل الخوف والقلق مكان الصدارة. فهي مشكلات إنسانيَّة أساسيَّة. وهي ليست مشكلات تشغلنا أحيانًا، بل هي سمات عاديَّة للحياة اليوميَّة يمكن أن تكون صامتة في الخلفيَّة أو لها صوت عال ومهيمنة في المقدمة. في هذا العصر، أصبحت هذه المشكلات مرتبطة بإنسانيَّتنا. فهي تبيِّن إننا ضعفاء ولا قوَّة لنا، وأن هناك صعاب تواجهنا، وأن الأشياء التي نعتز بها مُعرَّضة للخطر، ولا يوجد ما يمكننا القيام به حيال ذلك. وهي على حق. عادةً تكون توقُّعاتها المُحدَّدة خاطئة، ولا تحكي القصة كاملة، ولكنَّها على حق. ففي هذا العالم، سنختبر الضيقات، نحن ومن نحب (يوحنا 16: 33).

قد نرغب في التخلُّص من كل مخاوفنا، لكن مخاوفنا، بالطبع، ليست كلها سيِّئة. أعظم خير تقدِّمه هو أنَّها تذكِّرنا بأننا صغار وأننا نحتاج إلى الرب يسوع. فالاتكال عليه هو الحياة؛ والاستقلال هو أسطورة قاتلة. الخوف هو أيضًا إنذار خطير يحذِّرنا من الخطر. بدونه، يُعاق نمونا في الحكمة لأن الحكمة يجب أن تميِّز ما هو جيِّد وآمن ممَّا هو شر ومُميت. ومع ذلك، مع الاعتراف بهذه الفوائد، يمكننا جميعًا الاتِّفاق على هذا: نود أن تكون مخاوفنا أقل وأقل حدَّة.

انظر حولك ولاحظ أن مخاوفك موجودة في كل مكان. فهي تسكن تحت كلمات مثل التوتر، والقلق، والعصبيَّة، والضغط، والفزع. وهي مرتبطة بالإحساس بالذنب والعديد من الصراعات اليوميَّة الأخرى. إن كنت تشعر بالذنب، فأنت تخاف من الإدانة. وإن كنت تشعر بالخزي، فأنت تخاف أن يراك الآخرين وتنكشف أمامهم. غالبًا ما يكون الغضب هو خوف ما زال به بعض القوَّة. فهو يرى أن شيئًا تحبه في خطر، على الرغم من أنه يميل إلى اتخاذ موقف بدلًا من الجمود أو الهروب. يمكن للاكتئاب أن يكون خوفًا قد فقد الأمل. فيقول إن اليوم مُظلم ولا يُحتَمل. والمستقبل أسوأ. وهو قاتم، ولا يُحتَمل، وبلا رجاء. أو فكِّر في اضطراب ما بعد الصدمة. فهو يصف هؤلاء منَّا الذين عانوا من الدمار، إمَّا في شكل خطر جسدي أو أفعال شرِّيرة للآخرين. الخوف هو أن تتطفَّل علينا هذه الذكريات، أو أن الماضي سوف يعيد نفسه في المستقبل. حدث شيء سيء وسيحدث شيء سيء. ثم هناك كل أنواع الإدمان لدينا. الإدمان هو رغبات ترفض الحدود، ولكن إن نظرنا عن كثب، فسنرى أن الكثير من الإدمان يرغب أيضًا في تشتيت انتباهنا أو تخديرنا لذهن مُترنِّح، وجسد لا يهدأ، ومستقبل كئيب. يعتبر الإدمان وسيلة قويَّة ولكنها في النهاية غير فعَّالة لإبعاد المخاوف والقلق.

يتَّفق الكتاب المُقدَّس على أن المخاوف موجودة في كل مكان. تفترض المزامير أننا نشعر بالخوف. "فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ" (مزمور 56: 3). وهدفها هو دمج الخوف مع الإيمان بإلهنا الجدير بالثقة. الموضوع الأكثر شيوعًا هو الخوف من الأعداء الأقوياء الذين يوقعون بنا ويجعلون الحياة بائسة. الأكثر من ذلك، يمكن لهؤلاء الأعداء أن يقتلوا. هذه كلها أسباب وجيهة للخوف. عندما نقرأ الكتاب المُقدَّس مع وضع موضوع الخوف في الاعتبار، نرى أن تعبير "لا تخف" ومشتقَّاته يظهر أكثر من ثلاثمائة مرة. غالبًا ما تظهر هذه التعبيرات في صيغة الأمر، ولكنَّها في الواقع كلمات تُعبِّر عن التعاطف والتعزية مثل كلمات الرب يسوع لأرملة نايين الحزينة ("لاَ تَبْكِي"؛ لوقا 7: 13). نجده هذه التعبيرات عبر الكتاب المُقدَّس عندما تكون ظروفنا صعبة ونحتاج إلى التأكيد أن الله قريب منَّا (على سبيل المثال: تكوين 15: 1؛ 21: 17؛ 46: 3؛ متى 14: 27؛ 28: 10).

عندما يأخذك الروح القدس إلى نصوص كتابيَّة عن الخوف والقلق، سوف تسمع ثلاث إقرارات مُتكرِّرة بشكلٍ مستمر. أولًا، يتحدَّث الله بكلمات جميلة وجذَّابة لشعبه الخائف. لا تتسرَّع في توقُّع التوبيخ، على الرغم من وجود مساحة للاعتراف وللتوبة في كل الحياة. بدلًا من ذلك، توقَّع التعاطف. وتوقَّع التعزية.

ثانيًا، يعد الرب أنَّه معنا، ولن يتركنا أبدًا أو يهملنا (عبرانيِّين 13: 5). هذا الوعد يشتمل على كل الوعود الأخرى. فيسوع المسيح مات عن الخطايا "لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ" (1 بطرس 3: 18). فالأشخاص الخائفون هم الذين في وضع يسمح لهم بتقدير رسالة الإنجيل.

ثالثًا، بما أن الرب حاضر وهو الإله صاحب السيادة على الغد، فيمكننا أن نولي اهتمامنا الكامل للإرساليَّة التي أعطاها الله لنا اليوم (مت 6: 33-34). لدينا اليوم كل النعمة التي نحتاج إليها. لدينا اليوم روح القوَّة الذي يعطينا الشجاعة لاتخاذ خطوات صغيرة من الطاعة حتى عندما يبدو الغد قاتمًا للغاية. عندما يأتي الغد، سيعطينا الروح القدس مرَّةً أخرى القوَّة والشجاعة التي نحتاجها. فالنعمة جديدة في كل صباح.

المخاوف والقلق موجودة في كل مكان في الحياة وفي الكتاب المُقدَّس. وبما أنها من الثوابت هكذا، فإن هذه الإقرارات الثلاثة ليست مُجرَّد وسيلة لمقاومة مخاوفنا، ولكنَّها تُلخِّص نمط النمو المسيحي.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

إيد ويلش
إيد ويلش
الدكتور إيد ويلش هو عضو هيئة تدريس في مؤسَّسة المشورة المسيحيَّة والتعليم (CCEF). وهو مشير لأكثر من ثلاثين عامًا، ومُؤلِّف للعديد من الكتب، بما في ذلك "الإدمانات: وليمة في القبر".