التخطيط للمستقبل والثقة في تدبير الله - خدمات ليجونير
حقيقة الخوف
۲۳ يونيو ۲۰۲۱
عقيدة توقُّف بعض مواهب الروح القدس
۲٤ يونيو ۲۰۲۱
حقيقة الخوف
۲۳ يونيو ۲۰۲۱
عقيدة توقُّف بعض مواهب الروح القدس
۲٤ يونيو ۲۰۲۱

التخطيط للمستقبل والثقة في تدبير الله

الله هو صاحب السيادة والسلطان حقًا. وأنا مسؤول حقًا عن العيش وفقًا لإرادة الله المُعلنة. فهو حامل الأشياء بكلمة قدرته (إشعياء 40: 10؛ عبرانيين 1: 3). وما أفعله بيدي مهم (متى 5: 30). إن التأكيد على سيادة الله والمسؤوليَّة البشريَّة على حدٍّ سواء كتعاليم كتابيَّة هو أمر هام، ولكن كيف يُمكننا أن نعيش هذه الحقائق بأمانة بطريقة متوازنة في الحياة اليوميَّة؟

والحقيقة هي أننا نعيش باستمرار في توتر اختباري بين سيادة الله ومسؤوليَّتنا، وبين الدعوة إلى الثقة والدعوة إلى العمل. لنأخذ هذا المثال البسيط: لقد ضبطت المنبِّه للنهوض من الفراش هذا الصباح. ربما لن تحكم على ذلك بأنه فعل من أفعال عدم الثقة في العناية الإلهيَّة. لقد وضعت خططًا. ولم أفترض أن الله سيوقظني بطريقة خارقة للطبيعة في الساعة 5:30 صباحًا. لم يكن ذلك فعل عدم إيمان بل استخدام حكيم لوسائل ثانويَّة. من ناحية أخرى، اتكلت على الله ليمنحني نومًا هادئًا، ويحفظ حياتي أثناء نومي، ولأجل دقة ميكانيكيَّة المنبِّه والشبكة الكهربائيَّة التي تشغِّلها. أنا مدعو للعيش في عالمٍ فيه الله له السيادة والسلطان كما أن أفعالي مُهمَّة.

السيطرة، أم التسليم السلبي، أم التعقُّل؟ 

ولكن من السهل أن تصبح غير متوازن وأن تنجرف إمَّا إلى "وضع السيطرة" أو "وضع التسليم السلبي". في وضع السيطرة، نتحمَّل المسؤوليَّة عن حياتنا كما لو كانت المسؤوليَّة البشريَّة هي الجزء الوحيد من المعادلة. فإن التخطيط المفرط شائع في هذا السيناريو. هنا نجد غياب عملي للإله ذي السيادة والسلطان –بالطبع، نحن نعترف بسيادة الله وسلطانه، ولكن من الناحية العمليَّة، لا يؤثِّر ذلك على حياتنا اليوميَّة. من ناحية أخرى، هناك تركيز كبير على العلل الثانويَّة. ونتيجة لهذه الاختلالات، قد نميل إلى القلق، والخوف، والسيطرة المفرطة، والمسؤوليَّة الزائدة، والكماليَّة، والغضب. لماذا؟ لأننا نعتقد أن الأمر كله متروك لنا نحن.

في وضع التسليم السلبي، نتخلَّى عن حياتنا كما لو أن سيادة الله هي الجزء الوحيد من المعادلة. فإن التخطيط القليل أو عدم التخطيط أمر شائع. هنا يوجد تركيز كبير على سيادة الله وسلطانه ولكن يوجد غياب عملي للعلل الثانويَّة. نتيجة لهذه الاختلالات، قد نميل إلى الكسل، والسلبيَّة، والجمود، والقدريَّة، والتردُّد. لماذا؟ لأننا نعتقد أن الأمر كله متروك لله وحده.

يبتعد الكتاب المُقدَّس عن هذين التطرُّفين. فنحن مدعوُّون للعيش لا بالسيطرة ولا بالتسليم السلبي. تقدِّم كلمة الله بديلًا: التعقُّل. يتضمَّن التعقُّل التخطيط الحكيم المصحوب بالصلاة. ويتميَّز التعقُّل بنظرة قويَّة لسيادة الله وعنايته – فالله هو المسؤول. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يحتفظ بتأكيد مناسب على العلل الثانويَّة – فأنا مسؤول أيضًا. نرى هذا التركيز الثنائي عبر الكتاب المُقدَّس بأكمله. يدعونا الكتاب المُقدَّس مرارًا وتكرارًا إلى الثقة في رعاية الله والتخطيط الجيِّد والعمل الجاد في مختلف مجالات الحياة. وأريد أن أتعمَّق في مجالٍ واحد مُحدَّد: الإعالة الماديَّة لأنفسنا ولعائلاتنا بينما نعهد بأعمالنا إلى رعاية الرب.

الإعالة الماديَّة:

إن دورنا بصفتنا حاملين لصورة الله هو الانخراط في عمل ذي معنى وهدف. غرس الله جنَّة عدن ولكن كان على آدم أن "يعملها ويحفظها" (تكوين 2: 8، 15). وفي حين أن السقوط جعل العمل شاقًا (3: 17-19)، فإن العمل لإعالة النفس، والأسرة، والآخرين المحتاجين يظل أمرًا واجبًا وأساسيًّا بالنسبة لنا.

حتى في البريَّة عندما قام الله بمعجزة توفير المن لبني إسرائيل، فقد دعاهم أن يجمعوه ويعدُّوه يوميًّا وفقًا لإرادته ووصاياه المُعلنة (خروج 16). كانوا يجمعون ما يكفي كل صباح لليوم الواحد ما عدا اليوم السادس، حيث أعطاهم الله نصيبًا مضاعفًا لأنهم كانوا سيستريحون في اليوم السابع. أولئك الذين لم يثقوا في تدبير الله (إمَّا بمحاولة تخزين بعض المن لليوم التالي خلال أيام الأسبوع أو بالخروج لجمعه يوم السبت) تعرَّضوا لتوبيخ الله. كان الله في سيادته يمنحهم المن، وكان على الشعب الاستجابة بفعل الطاعة العملي كوكلاء على ما يمنحه لهم. إن عملنا مُهم، لكنَّه مدعوم بعمل العناية الإلهيَّة من الله.

في دورنا كوكلاء، يُحَذِّرنا الله من الكسل الذي يؤدِّي إلى الفقر (أمثال 6: 6-11)، ويخبرنا أن نعمل بهدوء ونكسب قوتنا (1 تسالونيكي 4: 11-12؛ 2 تسالونيكي 3: 6-12)، ويحثُّنا على إعالة أفراد أسرتنا (1 تيموثاوس 5: 8) والمحتاجين (أفسس 4: 28). حتى الرسول بولس عمل بجدٍّ كصانع خيام حتى لا يكون عبئًا على كنائسه حديثة العمر (أعمال الرسل 18: 3؛ 1 تسالونيكي 2: 9).

في الوقت نفسه، يدعو الله شعبه أن يتذكَّروا أنه في الأساس هو مَن يعولهم. عندما وصل شعب إسرائيل إلى أرض كنعان، توقَّف تدبير الله المُعجزي وكان عليهم أن يقوموا بزراعة الأرض (خروج 16: 35). لكن الله حذَّرهم قائلًا: "اِحْتَرِزْ... لِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هذِهِ الثَّرْوَةَ. بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ" (تثنية 8: 11، 17-18). يُمكننا فقط أن نعمل ما يمنحنا الله القوَّة لعمله (مزمور 127: 1-2). بالإضافة إلى ذلك، يُذَكِّرنا الرب يسوع ألَّا نقلق حيال التدبير المادي لأن الآب يهتم بنا، ويعرف احتياجاتنا، وقد أعطانا بالفعل أعظم عطيَّة على الإطلاق -ملكوته (لوقا 12: 22-32). نتيجة لذلك، يشجِّعنا الرب يسوع على أن نكون كرماء بممتلكاتنا الماديَّة لأننا نثق في تدبير أبينا السماوي (الآيات 33-34).

لذلك، من الصواب مراعاة الاحتياجات الماديَّة لعائلتنا، ووضع الميزانيَّة وفقًا لذلك، والعمل بجدٍّ. افتح حساب ادِّخار لمصروفات الجامعة إذا استطعت. ادَّخر بعض المال في حساب التقاعد الخاص بك. ادَّخر المال للسقف الجديد أو تجديد المطبخ. من ناحية أخرى، لا تُخزِّن ممتلكاتك بطرقٍ تحمي نفسك، مدفوعًا بالكبرياء، أو الخوف، أو الطمع، كما هو مُوضَّح في مثل الرب يسوع عن الغنى الغبي (الآيات 13-21).

خطِّط جيدًا ولا تُمسك بإحكام:

يدعونا الله أن نحيا ليس بقوَّتنا الخاصة، ولا بتسليم سلبي أحمق فيما يتعلَّق بأعمال عنايته، ولكن بتعقُّل حكيم ومتَّزن. ضع خططًا، لكن لا تُمسك بها بإحكام. عِش وفقًا لمشيئة الله المُعلنة، مؤتمِنًا نفسك وأحبَّائك لخطط الله السياديَّة. يُجسِّد يعقوب 4: 13-15 هذه الديناميكيَّة بشكلٍ جيِّدٍ، قائلًا:

هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ». أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ».

توقَّع أنه في بعض الأحيان سيقلب الله خططنا رأسًا على عقب وسنكون مدعوِّين أن نخضع بتواضعٍ لمقاصد محبته الصالحة.

كيف تعرف أنك أصبحت غير متوازن؟ أولًا، انتبه إلى ميل قلبك –الإغراءات الخاصة وطرق العيش التي ذكرتها سابقًا والتي ارتبطت بالتركيز المفرط على المسؤوليَّة البشريَّة أو سيادة الله. ثانيًا، انتبه إلى حياة الصلاة الخاصة بك. إذا كانت ضعيفة، فأنت تقول (عمليًّا، على الأقل) أن تخطيطك وأفعالك هي ما يهم حقًا (وضع السيطرة) أو أنَّه لا يهم حقًا ما تفعله (حتى الصلاة) لأن الله ببساطة سيفعل ما يفعله (وضع التسليم السلبي).

ما نفعله مهم. لا يجب أن نفترض أن الله سيعمل بمعزل عن دورنا في أي موقف. ولكن مع التواضع فيما يتعلَّق بخططنا الخاصة، فإننا نعترف بأن "فِي قَلْبِ الإِنْسَانِ أَفْكَارٌ كَثِيرَةٌ، لكِنْ مَشُورَةُ الرَّبِّ هِيَ تَثْبُتُ" (أمثال 19: 21). وحده الله يستطيع أن يقول: "إِنَّهُ كَمَا قَصَدْتُ يَصِيرُ، وَكَمَا نَوَيْتُ يَثْبُتُ" (إشعياء 14: 24). وهذا خبر سار. تمنحنا مقاصد الله السياديَّة والمعصومة عن الخطأ الحريَّة والشجاعة لكي نحلم، ونضع الخطط، ونعمل بشكلٍ جاد، ونفشل بجرأةٍ، وننجح بتواضعٍ، ونطلب وجهه مرَّةً أخرى.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

مايك إمليت
مايك إمليت
الدكتور مايك إمليت هو عضو هيئة التدريس في مؤسَّسة المشورة المسيحيَّة والتعليم (CCEF). وهو مؤلِّف كتاب (CrossTalk)، وكتاب (Descriptions and Prescriptions).