التعيين المُسبَق والأفعال البشريَّة
۲۸ مايو ۲۰۲۱طوبى للجياع والعطاش إلى البر
۳ يونيو ۲۰۲۱خارج السيطرة وتحت السيطرة
في بعض الأيام، يبدو كما لو أن العالم بأسرهِ قد أُصيب بالجنون وأنه خرج عن نطاق السيطرة. ومع كل الصراع والارتباك، لا يسعنا إلَّا أن نهتم اهتمامًا رصينًا وصادقًا بأطفالنا وأطفال أطفالنا وهم يواجهون عالمًا يزداد فوضى وعدائيَّة. ولكن كما يظهر لنا التاريخ، فإن هذا هو إلى حدٍ كبير نفس الشعور الذي كان يشعر به آباؤنا وآباء آبائنا على مر التاريخ رجوعًا إلى السقوط.
من ناحية أخرى، يريد العالم أن يعطي انطباعًا بأن كل شيء سيكون على ما يرام – وأن كل شيء تحت السيطرة، وأن السلام العالمي قريب جدًا، وسنناله فقط إن استسلمنا جميعًا، وقمنا بالتخلِّي عن كل ما نؤمن به، وتوافقنا مع بعضنا. والحقيقة هي أن كل شيء لن يكون فقط على ما يرام؛ بل كل شيء سيكون مثاليًّا. فكل شيء تحت السيطرة بالفعل، وسيأتي السلام العالمي عندما يعود رئيس السلام. وحتى ذلك اليوم –ونصلِّي أن يأتي سريعًا– نحن نسعى جاهدين ضد الفوضى والصراع والارتباك في هذا العالم، متَّكلين على حقيقة أن الله هو صاحب السيادة المُطلقة وأن العالم كله بين يديه.
المشكلة ليست فقط في العالم، بل في قلوبنا. وكما يريد العالم أن يعطي الانطباع بأن كل شيء تحت السيطرة، كذلك نحن نريد ليس فقط أن نعطي الانطباع بأن كل شيء تحت السيطرة الكاملة في قلوبنا ومنازلنا، بل نريد في الواقع أن نمتلك السيطرة الكاملة كما لو أن لنا كامل السيادة والسلطان على كل شيء. نريد أن يحبنا الجميع، وأن يتطلَّعوا إلينا، وأن يريدوا أن يكونوا بالضبط ما نريدهم أن يكونوا عليه. علاوةً على ذلك، نريد أن ينبهر العالم بنا، بل ونريد أحيانًا أن يشعر أصدقاؤنا بالغيرة منَّا قليلًا لأنهم يرون أنه يبدو أنَّنا نسيطر على كل شيء تمامًا.
الحياة ليست دائمًا جيِّدة، ولكن الرب صالح، وهو المُسيطر. إحدى الطرق التي يرينا بها أنه مسيطر هي أن يوضِّح لنا أننا لسنا مُسيطرين. فهو يحطِّم أوهامنا عن حياة مثاليَّة خارج السماء ويجلبنا على ركبتينا من خلال الضيقات، وانكسار القلب، والموت، والمرض. غالبًا ما يمنحنا أبونا المُحب الضيقات لا لكي نهرب من التجارب، بل لكي نركض إلى ذاك الذي أعطانا التجربة. لأننا لا نهرب إليه دائمًا عندما نشعر أن كل شيء تحت السيطرة. علاوةً على ذلك، نحن لا نصلِّي كما ينبغي عندما نعتقد أن كل شيء تحت السيطرة. فالصلاة هي تنازلنا عن سيطرتنا التي نعتقد أننا نملكها على حياتنا وخضوعنا لمَن هو بالحق مُسيطر عليها ويهتم بها أكثر منَّا. وهكذا، نحن مُطالبون أن نُلقي كل همومنا علي الرب –ليس فقط الهموم التي نعتقد أننا لا نملك السيطرة عليه– ناظرين إلى يسوع، رئيس إيماننا ومُكمِّله.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.