العلاج المزدوج
۱۹ فبراير ۲۰۲۱مَثَل الغني الغبي
۲۳ فبراير ۲۰۲۱الفرح الذي يئن فينا
يبدأ بحثنا عن الفرح عند نهاية العمل الذي قام به الله في الخلق، إذ نظر الله إلى كل ما خلقه وأعلن أنه: "حَسَنٌ جِدًّا". ولكن بشكلٍ مأسوي، فسدت هذا الخليقة الحسنة بشكل جوهري بالخطيَّة من خلال تمرُّد أبوينا الأولين — التمرُّد الذي أدَّى إلى أن تحل لعنة الله محل بركته. ولكن حتى في أحلك اللحظات، يطل الرجاء، إذ يؤكِّد لنا الرسول بولس أنه سيأتي اليوم الذي سيجعل الله فيه بركاته تتدفق لأبعد مكان تتواجد فيه اللعنة:
إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا عَلَى الرَّجَاءِ. لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا". (رومية 8: 20-24 أ)
يعيش شعب الله "بِالرَّجَاءِ" — في الفترة الفاصلة بين المجيء الأول للمسيح ومجيئه الثاني حيث يختلط فرحنا بمقدارٍ لا يُحصى من الأنين المُرتبط بعالم ساقط.
فكيف يمكننا أن نساهم في ضمان ألا يغمر الأنين فرحنا؟
الفرح وأعداؤه:
الفرح له أعداء، وتخبرنا رسالة أفسس 2: 1-3 بما نواجهه:
وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا.
بدون المسيح، كنَّا قد اتَّبعنا باختيارنا النموذج الشرير لهذا العالم، وعملنا ما أمر به الشيطان، وعشنا لخدمة شهواتنا. والآن، بصفتنا خطاة مفديين، نحارب ضد قتلة الفرح هؤلاء.
الصراع من أجل الفرح:
إذا أردنا أن يزيد فرحنا بالرب، فيجب إخضاع أعداء فرحنا باستمرار.
أولًا، تأمَّل كيف يهاجم العالم فرحنا. سيجعلنا العالم نتبنَّى أفراحًا تافهة ومبتذلة. وهي بدائل للمسيح لن تُشبعنا أبدًا. إن عبادة الأوثان هذه هي موضوع رثاء ديفيد ويلز (David Wells) عندما وصف "العالم" بأنه: "التعبير الجماعي عن رفض كل مجتمع السجود أمام الله، أو قبول الحق الإلهي، أو طاعة وصاياه، أو الإيمان بمسيحه. علاوة على ذلك، فإن "العالم" هو ما تستخدمه البشريَّة الساقطة كبديل عن الله وحقه".
لحماية فرحنا بالمسيح، علينا أن نتجنَّب التشبُّه بالعالم ونحن نتغيَّر بتجديد أذهاننا (رومية 12: 2). يتقوَّى عمل الروح القدس هذا في حياتنا من خلال استخدامنا الجاد لكلمة الله. فحين تتشبَّع أذهاننا بكلمة الله تصبح الأشياء الأرضيَّة خافتة بشكلٍ عجيب في ضوء مجد الله ونعمته.
ثانيًا، تأمَّل كيف يهاجم الشيطان فرحنا من خلال هجومه على إيماننا. نرى صورة تحذيريَّة لهذا في لوقا 22: 31-32 حيث حذَّر يسوع بطرس من رغبة الشيطان قائلًا: "سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ".
يريد الشيطان أن يدمِّر الإيمان. وإن تعثَّر إيماننا بيسوع، يتراجع فرحنا أيضًا. لأنه مَن يفرح بمسيحٍ لا يؤمن به؟
وبينما نتكَّل على شفاعة المسيح من أجلنا، نحارب الشيطان من خلال تغذية إيماننا بوعود الله. هذا هو خط الهجوم الذي وصفه مارتن لوثر في ترنيمته العظيمة عن المعركة بعنوان "إلهنا حصن عظيم". بالفعل "كلمة صغيرة ستُسقط الشيطان".
وأخيرًا، تأمَّل كيف تهاجم الخطيَّة التي بداخلنا فرحنا. عندما نسلك حسب الجسد، فإننا لا نسلك حسب الروح القدس، وجزء من ثمر الروح القدس هو الفرح (غلاطية 5: 22). لذلك، يجب على المؤمن أن يُميت الجسد (رومية 8: 12-14؛ كولوسى 3: 5-10). يمكن أن نُطبِّق هذا الأمر على قول جون أوين (John Owen): اقتل الخطيَّة أو الخطيَّة ستقتل فرحك.
نختبر الفرح المسيحي في عالمٍ يئن تحت وطأة الخطيَّة. لكن فرحنا يئن "عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ" (رومية 5: 2). فإلى أن يأتي ذلك اليوم العظيم، نستمر في تأصيل فرحنا في شخص المسيح الذي يدعونا لنفسه قائلًا: "لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ" (يوحنا 15: 11).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.