الفرح الذي يئن فينا
۲۲ فبراير ۲۰۲۱تألَّم برجاء
۲۵ فبراير ۲۰۲۱مَثَل الغني الغبي
في مستهل أصحاح 12 من إنجيل لوقا، نجد الرب يسوع مُحاطًا بآلاف عديدة من الناس وكان يحذِّرهم من خمير الفريسيِّين (الآية 1). بعد ذلك مباشرة، استمر في تحذيرٍ ثانٍ حول مَن يجب أن نخاف منه، قائلًا:
وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا! (الآيات 4-5)
ومع ذلك، يوجد تحذير ثالث من الرب يسوع لكل رجل وامرأة: "وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ" (الآيات 8-9).
في منتصف هذا التعليم الروحي الغني نقرأ: "وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟»" (الآيات 13-14). كان المُعلِّم يحاول أن يُعلِّم الجموع وتلاميذه بعض المبادئ الهامة عن الحياة في ملكوت الله. لكن من الواضح أن هذا الإنسان كان مهتمًا فقط بالأمور المُتعلِّقة بملكوت الإنسان. كشفت حقيقة أن هذا الإنسان خاطب يسوع كمُعلِّم أنه في ذلك الوقت كان من المُتعارف عليه أن يكون المُعلِّمون الذين لهم مستويات معيَّنة من السلطة قادرين على إصدار حكم عادل بشأن حالات من هذا النوع.
لكن يسوع رفض أن ينشغل بنطاق الأرضيَّات. ففي الأساس، علَّم المسيح أتباعه قائلًا: "مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ" (يوحنا 18: 36). من المُحتَمل أن يكون هذا الإنسان الذي قدَّم الطلب هو الأصغر بين الاثنين، لأنه في تلك الأيام كان للأخ الأكبر الحق في الملكيَّة أو الإذن المطلوب لفعل أي شيء بالميراث. بغض النظر، فإن إرساليَّة الرب يسوع مُتعلِّقة بالموضوع الأهم في الكون كله: أي خلاص الإنسان. فإن هذا الرجل الذي قدَّم الطلب إمَّا أنه لم ينتبه إلى تعاليم الرب يسوع أو أنه لم يقدر أن يفهم ما سمعه للتو.
تجاوز الرب هذا الطلب واغتنم الفرصة لرواية مَثَل للتأكيد على ماهيَّة الحياة الحقيقيَّة. دعونا نلقي نظرة على صفات الرجل في المَثَل. هو ليس رجلًا شاكرًا. فأرضه تنتج بوفرة، ويبدو أن هذا يحدث بشكلٍ طبيعي من خلال نعمة الله العامة. في الواقع، في الجملة الأولى، الأرض هي الموضوع وليس الرجل. لكن لا يوجد دليل على أن الرجل اعترف بالخالق الذي يوفِّر الغذاء للأرض، والمطر، والشمس التي تسمح للأرض أن تنتج ما تنتجه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الإنسان أناني للغاية. فهو يشير إلى نفسه أكثر من عشر مرات مستخدمًا الضمائر الشخصيَّة "أنا" و"لي". يظهر أسلوب حياته الأناني أيضًا في فكرة التخزين: "جَمِيعَ غَلاَتِي وَخَيْرَاتِي". فهو لا يُشارك أحد ولا يبيعها للآخرين الذين يحتاجونها.
كما أن هذا الإنسان أيضًا جاهل؛ فهو يظن أنه يسود على حياته. يقول لنفسه إنه قد خزَّن ما يكفي ليعيش لسنوات عديدة، ولكن لا يملك أي ضمان بحدوث ذلك. تعكس نظرته للأمور نرجسيته. يقول: "يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!" (الآية 19). فكل ما يفكِّر فيه هو الانغماس في الملذَّات بينما يموت الآخرون من الجوع.
علاوة على ذلك، فإن هذا الإنسان يعيش مَثَل الغبي، كمَن لا يؤمن بالله أو يعيش كأن الله غير موجود. "قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ»" (مزمور 14: 1). إنه غافل عن سيادة الله. "فَقَالَ لَهُ اللهُ: «يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟» هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ" (لوقا 12: 20-21).
هذا المَثَل قصير وبسيط، ولكنَّه في نفس الوقت غني وعميق. بعد السقوط، اكتسب نسل آدم منظور متمركز حول الذات، ومرتبط بالأرضيَّات وبما هو "هنا والآن". لقد جاء الرب يسوع ليُخلِّص ما قد هلك وليسترد حياة متمركزة حول الله، وتمجِّد الله، ومليئة بالفرح. يجب أن يكون قبول هذا أولويَّتنا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.