سفر أيوب
۲۸ أغسطس ۲۰۲۰تابوت العهد
۳۱ أغسطس ۲۰۲۰ما هي كنيسة العهد الجديد؟
المسيحي بلا كنيسة هو تناقض لفظي. وكما قال جون كالفن، مُردِّدًا كلمات كبريانوس أحد آباء الكنيسة، "بالنسبة لأولئك الذين يكون الله أبًا لهم، فالكنيسة أيضًا هي أمًا لهم". في حين أن فكرة "الكنيسة الأم" قد تَصدِم بعض القرَّاء، فإن التفكير ولو للحظة سيظهر الأساس المنطقي الكتابي وراء ذلك. في ظل العهد الجديد الذي أسَّسه المسيح، تعتبر الكنيسة في غاية الأهميَّة بالنسبة للحياة المسيحيَّة؛ فبدونها، لا معنى للتشجيع على العبادة، والتلمذة، والإرساليَّات، والشركة. في الواقع، سيكون من الصعب على الفرد استيعاب وتطبيق مجموعة نصوص "بعضنا البعض" التي تملأ صفحات أسفار العهد الجديد بعيدًا عن المشاركة في كنيسة محليَّة.
والأهم من ذلك، أن الكنيسة هي مركز عمل المسيح. إن سر الإنجيل العظيم هو أن ابن الله ترك أبيه في السماء ليأخذ لنفسه عروسًا هنا على الأرض غير مُستحقِّة لذلك. لقد سفك دمه من أجلها. فالكنيسة ليست على هامش خطة الله للفداء لكنها في مركزها.
نظرًا لأهميَّة الكنيسة في الحياة المسيحيَّة وعمل المسيح، نحتاج إلى التفكير مليًّا في مسألة مَن يُشكِّل الكنيسة. توجد إجابة مفيدة في دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُفصَّل، والتي تقول: "الكنيسة المنظورة هي مجتمع مُكَّون من كل الذين في جميع العصور والأماكن في العالم يعترفون بالديانة الحقيقيَّة، ومن أطفالهم" (سؤال وجواب 62). هناك ثلاثة جوانب على الأقل من هذا التعريف تستحق منَّا النظر فيها.
أولًا، الكنيسة المنظورة هي التجلِّي المرئي لشعب الله على الأرض. فرَّق علماء لاهوت وستمنستر (القساوسة واللاهوتيُّون) بشكلٍ مفيد بين الكنيسة المنظورة كما نراها والكنيسة غير المنظورة كما يراها الله. هذه ليست في الأساس كنيستين مختلفتين، لكنها كنيسة واحدة يُنظر إليها من منظورين. الكنيسة المنظورة معروفة من قِبَل أولئك الذين ينالون اسم الله الثالوث في المعموديَّة، والذين يدعون أنفسهم مسيحيِّين بالاعتراف بالإيمان، والذين يستمعون للوعظ بكلمة الله، والذين يتجمعون حول العشاء الرباني، والذين يتلقُّون الإشراف الرعوي من الشيوخ الأتقياء، والذين يشاركون معًا في العمل الكبير للإرساليَّة العظمى، وما إلى ذلك.
لكن الكنيسة غير المنظورة لا تتشكَّل ببساطة من أولئك الذين يعلنون إيمانهم بالمسيح، بل من مَن يمتلكون هذا الإيمان حقًا: أي مَن تم اختيارهم، وتجديدهم، وتبريرهم، وتبنِّيهم، وتقديسهم، وفي النهاية سيتمجَّدون في المسيح. ليس كل من ينضم إلى صفوف الكنيسة المنظورة ينتمي إلى الكنيسة غير المنظورة. يعكس هذا المبدأ تأكيد بولس أن إسرائيل ليست كلها إسرائيل الحقيقيَّة. وفي هذا الجانب من الملكوت ستتكوَّن الكنيسة المنظورة دائمًا من القمح والزوان.
ثانيًا، الكنيسة المنظورة هي مجتمع منتشر في كل العالم. في العهد الجديد، لا تُستخدم الكلمة الأكثر شيوعًا للكنيسة (باليونانيَّة إكليسيَّا) أبدًا للإشارة إلى مبنى مادي، مثل خيمة الاجتماع أو الهيكل. بل إن المصطلح يُشير إلى جماعة من الناس دعاهم الله من العالم إلى علاقة عهديَّة مع نفسه.
الكنيسة ليست كسائر الجمعيات الاجتماعيَّة، أو المهنيَّة، أو حتى الدينيَّة. وهي ليست مملوكة لأيَّة كليَّة، أو مؤسسة، أو لعامة الشعب، ولا تأخذ أوامرها من أي قبيلة أو تقليد. في الواقع، الكنيسة ليست ملكًا لك، أو ملكًا لهم، أو ملكي، بل هي كنيسة المسيح. وبالتالي فإن الكنيسة ليست مبنى مصنوعًا من الطوب والأسمنت، بل هي ميثاق يضم أناسًا من كل لسان وقبيلة وأمة —مجتمع منتشر في كل العالم من الخطاة الذين "يعترفون بالديانة الحقيقيَّة" لهم جسد واحد، وروح واحد، ورجاء واحد، ورب واحد، وإيمان واحد، ومعموديَّة واحدة، وإله واحد (أفسس 4: 4–6).
أخيرًا، تضم الكنيسة المنظورة المؤمنين وأطفالهم. في حين أن قلة، إن وجدت، تعترض على أن الكنيسة المنظورة تتشكَّل من المؤمنين، فقد يتردد البعض في إدراج الأطفال. ومع ذلك، في جميع أنحاء الكتاب المقدس، كان الأطفال دائمًا جزءًا لا يتجزأ من جماعة العهد.
انظر إلى تطوُّر أحداث الحبكة الدراميَّة في الكتاب المقدس من خلال إحداثيَّات عهد النعمة لله مع شعبه. في كل مرحلة، هناك تركيز واضح على أطفالهم: نسل آدم، وعائلة نوح، ونسل إبراهيم، وذريَّة إسرائيل، ونسل داود. لم يتم في استبعاد أطفال العهد في أي مرحلة إطلاقًا. ربما تقول: إن هذا كان العهد القديم. ماذا عن العهد الجديد؟ ألم يتغيَّر نمط إدراج الأطفال مع بداية كنيسة المسيح؟ الإجابة المُختصرة هي: لا.
أعلن يسوع بإصرار أنه لا يجب منع الصغار من ملكوت الله. في يوم الخمسين، استمر بطرس في ممارسة تمتد إلى إبراهيم من تطبيق علامة العهد على المؤمنين وأطفالهم وأي شخص آخر ينضم إلى جماعة العهد. وبالمثل، فإن بولس، الذي وصف الأطفال في أسر بها أحد الآباء على الأقل مؤمن بأنهم مقدسون باتحادهم بهذا الطرف المؤمن (1 كورنثوس 7: 14)، قد وجَّه عن عمدٍ تعليمات للأطفال في كنائس أفسس وكولوسي. إن القول بأن الأطفال قد تم استبعادهم من كنيسة العهد الجديد ليس مُجرَّد قراءة خاطئة لأحداث القصة الكتابيَّة، بل والأسوأ من ذلك، هو انتزاع لامتياز مُنح لهم بموجب العهد القديم.
يقدم علماء لاهوت وستمنستر تعريفًا مُقنعًا "للكنيسة" بناءً على أدلة كتابيَّة مقنعة: الكنيسة المنظورة في العهد الجديد، سواء كانت عالميَّة أو محليَّة، هي مجتمع لشعب الله، يتشكَّل من أولئك الذين يعلنون الإيمان بالمسيح وأطفالهم.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.