نَيل وسائط النعمة
۱۵ أبريل ۲۰۲۱الفرح السطحي مقابل الفرح الحقيقي
۱٦ أبريل ۲۰۲۱ما هي وسائط النعمة؟
تُوضِّح أي نظرة سريعة لأفضل خمسين كتابًا مسيحيًّا مبيعًا ما هي الموضوعات ذات الأهميَّة الأكبر والأقل أهميَّة بالنسبة لغالبيَّة المسيحيِّين المؤمنين. تهيمن على القائمة الكتب المُتعلِّقة بالهدف، والشؤون الماليَّة، والشخصيَّة، واحترام الذات، ولغات الحب، وحدود العلاقات. أما الكتب عن الثالوث، والمسيح، والخطيَّة، والإنجيل، والكتاب المُقدَّس، والوعظ، والأسرار المُقدَّسة، والصلاة، والتأديب الكنسي، والكنيسة المحليَّة فهي للأسف غائبة. بما أن يسوع المسيح وعمله الخلاصي يشكِّلان أساس إيماننا (1 كورنثوس 2: 2؛ 3: 11)، فيجب أن نهتم أكثر بمعرفة كيف ننمو في نعمة المسيح ومعرفته (2 بطرس 3: 18). سوف يتناسب نمونا في نعمة المسيح مع استخدامنا للوسائط التي عيَّنها وقصدها الله. يُطلق اللاهوتيُّون على هذه الوسائط اسم "وسائط النعمة" (media gratia).
إن وسائط النعمة هي الوسائل التي عيَّنها الله والتي من خلالها يُمكِّن الروح القدس المؤمنين من قبول المسيح وبركات الفداء. على الرغم من أنَّه كان بإمكان الله أن يختار أن يُعلن المسيح على الفور لشعبه، إلا أنَّه قرَّر بدلًا من ذلك أن يفعل هذا من خلال وسائط مُعيَّنة. فقد عيَّن الله الكلمة المُقدَّسة، والأسرار المُقدَّسة، والصلاة لتكون هي الوسائط الرئيسيَّة التي يصل من خلالها المسيح إلينا وتنقل بركاته إلى المؤمنين.
يُعلِّم الرب يسوع أن الكتاب المُقدَّس هو الواسطة الأساسيَّة التي لا غنى عنها للخلاص (لوقا 16: 31؛ ٢٤: ٢٧، ٤٤-٤٥). كانت الكرازة بكلمة الله لها المركزيَّة في خدمة الرسل (أعمال الرسل 2: 22، 41؛ ٤: ٤؛ 5: ٢٠؛ ٦: ٧؛ ١٢: ٢٤؛ ١٥: ٧، ٣٢، ٣٦؛ ١٦: ١٤؛ ١٩: ٢٠؛ ٢٠: ٣٢). يشرح بولس في رومية 10: 17 أن "الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ". وضع الرسل أعلى قيمة لكلمة الله كواسطة لخلاص وتقديس المؤمنين (كولوسي 3: 16؛ عبرانيِّين 5: 14؛ يعقوب 1: 18، 21، 25؛ 1 بطرس 2: 2).
يُعلِّم الكتاب المُقدَّس أيضًا أن الله قد عيَّن الأسرار المُقدَّسة لتكون واسطة للنعمة. يربط بولس بين المعموديَّة ونعمة الخلاص عندما قال: "خَلَّصَنَا [الله] بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (تيطس 3: 5). كما أشار إلى "كَأْسُ الْبَرَكَةِ" (1 كورنثوس 10: 16) عند الحديث عن العشاء الربَّاني. إن نعمة المسيح الخلاصيَّة تُنقَل روحيًّا للمؤمنين عندما يتناولون العشاء الربَّاني بالإيمان. بالمقابل، أولئك الذين يتناولون "بِدُونِ اسْتِحْقَاق" (أي بعدم إيمان) قد يقعون تحت دينونة الله (١١: ٢٧-٣٢).
الصلاة هي أيضًا واسطة للنعمة، وفقًا للكتاب المُقدَّس. لقد وعد الله بالفداء لكل الذين يدعونه بالحق. في يوم الخمسين، أعلن بطرس: "وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ" (أعمال الرسل 2: 21).
نجد تعريفًا عريقًا ومفيدًا لوسائط النعمة في دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُوجَز، حيث نقرأ: "الوسائط الخارجيَّة والعاديَّة التي بواسطتها ينقل لنا المسيح بركات الفداء هي فرائضه، والأخص الكلمة، والأسرار المُقدَّسة، والصلاة؛ وهذه جميعها تصير فعَّالة للمختارين من أجل الخلاص" (الجواب ٨٨).
كيف تصبح وسائط النعمة فعَّالة؟ كيف تقوم بعملها؟ وسائط النعمة لا تعمل من تلقاء نفسها (ex opere operato)، كما تصر الكنيسة الكاثوليكيَّة. بل هي تعمل بواسطة روح الله في قلوب المختارين بالإيمان. كما توضِّح الإجابة 91 في دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُوجَز:
تصير الأسرار المُقدَّسة وسائط فعَّالة للخلاص، ليس لأيَّة قوَّة فيها، ولا لأيَّة قوَّة في الشخص الذي يُقدِّمها؛ ولكن فقط ببركة المسيح، وعمل روحه في الذين يقبلونها بالإيمان.
ومع ذلك، لم يؤمن أعضاء اجتماع وستمنستر بأن جميع وسائط النعمة فعَّالة بنفس القدر: "يجعل روح الله قراءة الكلمة، وبالأخص الوعظ بها، واسطة فعَّالة لإقناع الخطاة وهدايتهم، وبنيانهم في القداسة والتعزية، بواسطة الإيمان، للخلاص" (دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُوجَز الجواب ٨٩). قدَّم اللاهوتي المُصلَح جيرهاردس فوس الأساس المنطقي لأولويَّة كلمة الله على الأسرار المُقدَّسة عندما قال:
إذا لزم الأمر، يمكننا اعتبار كلمة الله واسطة للنعمة بدون الأسرار المُقدَّسة، لكن من المستحيل اعتبار الأسرار المُقدَّسة واسطة للنعمة بدون كلمة الله. تعتمد الأسرار المُقدَّسة على الكتاب المُقدَّس، والحق الكتابي يتحدَّث فيها ومن خلالها.
وبالمثل، تصبح الصلاة واسطة للنعمة فقط لأنها تتشكَّل من خلال الحق الكتابي. يأخذ الروح القدس كلمة الله ويُمكِّن المؤمنين من الصلاة وفقًا لمشيئة الله.
إذا أردنا أن ننمو في النعمة، يجب أن نعترف بأن الله قد حدَّد ووضع وسائط مُعيَّنة لذلك النمو. يجب أن نتعامل مع هذه الوسائط بترقُّب شغوف واتكال مثل الأطفال على ذاك الذي يضيف لها بركته، ويجب أن نتكل باقتناع على الاستخدام الصحيح لها، عالمين أن الله قد وعد بأن يباركها عندما نستخدمها بقلوب تائبة ومؤمنة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.