ما هي وسائط النعمة؟
۱٦ أبريل ۲۰۲۱فرح وسط الجماعة
۲۰ أبريل ۲۰۲۱الفرح السطحي مقابل الفرح الحقيقي
الأعمال المصرفيَّة مُملَّة، أو على الأقل هذا ما يظنَّه معظم الناس — هذا ما لم تكن ابن مصرفي، وهو ما أنا عليه بالفعل. في الواقع، بين الحين والآخر، كان والدي يُحضرني معه لمكان عمله، ويشغلني بكل ما يعتقد أن صبيًّا في العاشرة من العمر سيجده في البنك مثيرًا للاهتمام. كان دائمًا ينتهي بي المطاف بالتحديق في عرض النقود المُزيَّفة، وهي عبارة عن حقيبة مُتوسِّطة الحجم تعرض جنبًا إلى جنب أموالًا حقيقيَّة ومُزيَّفة مع توضيح كيف يمكنك معرفة الفرق.
إن القدرة على التمييز بين الأموال الحقيقيَّة والمُزيَّفة ليس مجرَّد أمر مثير للاهتمام لصبي في البنك، بل إنَّه أيضًا مثال توضيحي هام، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بمعرفة الفرق بين الفرح الحقيقي والفرح المُزيَّف. قد لا تكون قد ربطت بشكلٍ مباشر القيمة بين المال والفرح، لكن فكِّر في مدى أهميَّة الفرح. يخبرنا الفرح عمَّا نُقدِّره أكثر في الحياة؛ إنه يحدِّد مَن نحن كأشخاصٍ. لذا، هل يمكنك اكتشاف الفرح المُزيَّف أو السطحي؟ للقيام بذلك، يجب أن تكون قادرًا على التمييز بين أربعة أنواع من الفرح: المُزيَّف، والمُتغيِّر، والزائل، والأبدي.
الفرح المُزيَّف هو أبشع تزوير للفرح الحقيقي. الفرح المُزيَّف هو الفرح الذي يشعر به الناس عند ارتكاب الخطيَّة، هو الطُعم المُعلَّق على صنارة التجربة. لقد كانت فرحة الانتصار الجنسي هي التي دفعت داود إلى ارتكاب الزنا مع بَثْشَبَع وفرحة الهروب من عواقبها هي التي دفعته إلى قتل زوجها (2 صموئيل 11). هذا الفرح المُزيَّف وجاذبيَّته الجوفاء يجعلان الخطيَّة ممكنة وقابلة للتكرار. الفرح المُزيَّف ليس فرحًا حقيقيًّا. إنه مجرَّد رغبة شريرة شهوانيَّة تتجلَّى في صورةِ فرح، وتُسبِّب سعادة مُؤقَّتة حتى وهي تُسمِّم نفسك. لذا، فإن أول قاعدة لاكتشاف الفرح المُزيَّف هي: لا يمكن العثور على الفرح الحقيقي إلا في داخل حدود شريعة الله.
النوع الثاني من الفرح هو الفرح المُتغيِّر. الفرح المُتغيِّر هو سعادة تعتمد على الظروف. عندما تسير الحياة على ما يرام، تزداد السعادة، ونفترض قرب الله منَّا. عندما تكون الحياة في حالة غَم، وكآبة، وظلام يختفي الفرح المُتغيِّر، ونفترض أن الله بعيدًا جدًا عنَّا. بينما يكمن الفرح الحقيقي في كل من الظروف السارة والسيِّئة، يمكن للظروف أيضًا أن تُخفي الفرح الحقيقي، خاصة في وقت الألم. لذا، فإن الفرح المُتغيِّر يشبه الطقس مُتقلِّب ومعتدل. وهذه هي قاعدتنا الثانية: لا يمكن للظروف أن تُنتج الفرح الحقيقي ولا تنتقص منه.
النوع الثالث من الفرح هو الفرح الزائل، وهو نوع من الفرح مُتأصِّل في نعمة الله العامة لجميع الناس. إذا كنت إنسانًا، بغض النظر عن حالتك الروحيَّة، فقد باركك الله (متى 5: 45). وتلك البركات تستدعي الفرح كرد فعل على بركات الله السخيَّة. تشمل هذه البركات مجموعة مُتنوِّعة من الأشياء مثل المواهب، والأسرة، والممتلكات، والصحَّة، والإنجازات، وجمال شروق الشمس، وحتى الدروس المُستفادة من التجارب الصعبة. إنه فرح حقيقي، حاضر في كل الظروف، ويختبره جميع الناس، ومع ذلك فهو فرح زائل. إنه زائل لأن هذا العالم وكل الخير الذي يُقدِّمه لنا ليس كل شيء في الوجود. فإذا ربحت العالم ولم يكن لك الله، فلن يكون لديك شيء. وبالتالي لدينا قاعدتنا الثالثة: أفضل ما يُقدِّمه هذا العالم هو الفرح الزائل.
النوع الرابع والأصدق من الفرح هو الفرح الأبدي، وقد سُمِّي بهذا الاسم لأنه فرح يأتي من الله السرمدي ومُوجَّه نحو الله، وهو الفرح الذي يمتلكه المؤمنين بشكلٍ فريد. الفرح الأبدي هو سرور وبهجة الله في ذاته، وفي خليقته، وفي إرساليَّته الفدائيَّة. فقط من خلال الإيمان بالرب يسوع يمكنك كمؤمن أن تشارك في هذا الفرح وتختبره. عندما تُمجِّد الله، فإنك تشاركه في الابتهاج الذي يمتلكه في ذاته. عندما تنظر إلى الخليقة، لا تراها جميلة فحسب، بل هي تُظهر جمال الله كخالقها. عندما تتأمَّل في خلاصك، فإنك بفرح تستمتع بنعمة الله الغنيَّة التي اختارتك وأنت غير مُستحق. هذا هو الفرح الذي يمتلكه المؤمن في الألم والرخاء، في هذه الحياة وما بعدها، من خلال ربنا يسوع المسيح. وهذه هي القاعدة الأخيرة لدينا: الفرح الحقيقي الدائم موجود فقط عند الله في المسيح.
لقد رأيت الآن الفرح المُزيَّف والزائل والحقيقي جنبًا إلى جنب. وهناك أربع قواعد لتساعدك أثناء فحص حياتك. لا ترضى بالفرح الرخيص المُزيَّف، بل واصل السعي بإصرار لتُمسك بالفرح الحقيقي والعميق. لقد أصاب دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُوجَز عندما قال إن الغاية العُظمى للمؤمن هي تمجيد الله والتمتُّع به إلى الأبد، لأنه في النهاية، نوعيَّة الفرح تكون مثل موضوعه.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.