استخدامك مواهبَك لمساعدة الكنيسة على النموّ في المحبّة - خدمات ليجونير
العَيْش في المِحَن والتجارب والامتحانات
۱٤ أبريل ۲۰۲۵
الإسراع في الاستماع، الإبطاء في التكلُّم
۲٤ أبريل ۲۰۲۵
العَيْش في المِحَن والتجارب والامتحانات
۱٤ أبريل ۲۰۲۵
الإسراع في الاستماع، الإبطاء في التكلُّم
۲٤ أبريل ۲۰۲۵

استخدامك مواهبَك لمساعدة الكنيسة على النموّ في المحبّة

قال كالڤن في تفسيره لأفسس 4: 15-16:  

ينبغي أن يسيطر حقّ الله علينا، بحيث تعجز كلُّ حِيَل الشيطان وهجماته عن أن تحرفنا عن الطريق. ومع هذا، إذْ لم نحصِّل حتّى الآن القوّة الكاملة والتامّة، علينا أن نستمرّ في التقدُّم حتّى الموت. 

 

كلمات كالڤن مشجِّعة بصورة خاصّة في ضوء حثّه العمليّ بأنّه ينبغي للمؤمنين أن يسعوا إلى "التقدُّم حتّى الموت." تشجيع كالڤن طريقةٌ أخرى لفهم ما حثّ الرسول بولس المؤمنين على عمله: "نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ" (أفسس 4: 15).  

ما يدعوه كالڤن "تقدُّمًا" يصفه بولس بكونه "نموًّا." وعلى الرغم من اختلاف التسمية بينهما، فما يعلِنه كالڤن وبولس يتحقَّق بالتقديس. التقديس هو تلك العمليّة التي بها يعمل روح الله في المؤمنين ومن خلالهم لجعلهم أكثرَ شبهًا بالمسيح (رومية 8: 29). ونتيجة عمل الروح القدس المتقدِّم والمتنامي في قلوبنا، ينبغي أن تعكس حياتنا صفات المسيح، فنعطي ثمرًا يمثِّل دليلًا ملموسًا للكنيسة والعالم على أنّنا شعب الله المفديّ.  

أُعطيَ كلُّ مؤمن مواهب فريدة من الله لبناء كنيسته (أفسس 4: 11-13). ينظر الرسول بولس إلى هذه المواهب بأنّها إعدادٌ وتجهيز من الله (أفسس 4: 16). الكتاب المُقدَّس واضحٌ بأن على المؤمنين بيسوع المسيح، مدفوعين من محبّتهم لله، أن يستخدموا مواهبهم الروحيّة في خدمةِ بعضهم بعضً بفرحٍ وإنكارٍ للذات (كولوسي 3: 23-24؛ 1بطرس 4: 10). ولأجل هذا الهدف، يُشير الرسول بولس إلى الكنيسة مجازيًّا بكونها "جسدًا". هذه صورة مجازيّة مثاليّة، لأنّها تساعدنا في أن نفهم بصورةٍ أفضل كيف يمكن لكلّ "مفصل" (وهو تعبير يستخدمه الرسول بولس) أن يساهم بصورةٍ فريدة بنموّ الكنيسة وصحّتها وحيويّتها، إذ ينتمي إليها كلُّ المؤمنين (1كورنثوس 12: 18).  

أعطى الله كلّ مؤمن مواهبَ مُعيَّنة لأجل بناء جسده، الكنيسة (أفسس 4: 16). ونسيء إلى مُخلِّصنا حين لا نستخدم مواهبنا التي وهبها لنا لأجل ذلك الغرض. وقد أكّد چون أوين (John Owen) على أهمّيّة تلك المسؤوليّة، إذ وصف المواهب بأنّها:  

التي من دونها لا تستطيع الكنيسة أن تبقى في العالم، ولا يكون المؤمنون نافعين بعضهم لبعض ولبقيّة الجنس البشري، لمجد المسيح، كما ينبغي. ... تُعطي مواهب الروح القدس الكنيسةَ حياةً عضويّةً داخليّةً وشكلًا مرئيًّا خارجيًّا.  

 

ومع هذا، فإن استخدام مواهبنا لخدمة جسد المسيح يتعلَّق بناحيةٍ واحدة فقط من المُعادَلة الكنسيّة، وهي أعمالنا. لكن هناك جانبًا آخر وهو الموقف القلبي. فكل عمل نقوم به يرافقه موقف قلبي معين، سواء للأفضل أو للأسوأ. فحقيقة العلاقة بين الموقف القلبي والعمل واضحةٌ في كلمة الله في نصوص مثل فيلبّي 14 :2، حيث نُؤمَر: "اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ [عمل] بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ [موقف]،" و1بطرس 4: 9، حيث نؤمَر: "كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [عمل] بِلاَ دَمْدَمَةٍ [موقف]. " 

ينبغي أن نستخدم مواهبنا الروحيّة بمحبّة في بناء جسد المسيح، ولكن يستحيل أن نتمكّن من عمل هذا من دون قوّة روح الله، الذي يمنح هذه المواهب لنا (يوحنا 14: 16-17). لا يمكنني ولا يمكنك أن تعمل شيئًا من دون المسيح (يوحنا 15: 5). ينبغي أن تبقينا هذه الحقيقة في حالة الاعتماد المنسحق على الله، لأنّه بروحه هو الوحيد الذي يسكن فينا، ويؤهِّلنا، ويمكِّننا في أن نخدم كنيسته بطريقة تأتي بالمجد والكرامة إليه.  

عندما يتعلق الأمر باستخدام المؤمنين لمواهبهم في نمو الكنيسة، فإن العنصر المركزي هو المحبة. فما لم تكن خدمتنا للكنيسة مدفوعةً بالمحبّةِ، المحبّة التي تعكس موقف قلب مُخلِّصنا المُضحّي، الذي حين كُنّا خطاةً غير مفديّين أخلى نفسه طواعيةً لأجلنا (رومية 5: 6، 8؛ فيلبّي 2: 5-8)، فبغضِّ النظر عن حماستنا ومقصدنا السليم في ممارستها، لا تكون مواهبنا نافعةً للكنيسة، وبالتالي للعالم الذي أرسلنا المسيح لنكون فيه أنوارًا لامعة (متّى 5: 14-16؛ 2كورنثوس 5: 20).  

تكلَّم تشارلز ه. سبيرچن (Charles H. Spurgeon) بحكمةٍ وبوضوح قائلًا:  

لا نخلُص بالخدمة، لكننا نخلُص إلى الخدمة. وحين نخلص، فإنّنا من تلك اللحظة فصاعداً نعيش في خدمة ربِّنا. وإن رفضنا أن نكون خدّامه، فإنّنا لا نكون مُخلَّصين، فواضحٌ أنّنا ما نزال خدّام أنفسنا، وخدّام الشيطان. 

 

دعا المسيح كلَّ واحدٍ منا إلى أن نستخدم المواهب التي منحنا إياها في خدمة مُضحّية لكنيسته. علينا ألا نعمل هذا بأعمالنا فقط، بل وبمواقفنا القلبية أيضًا. فكما قال الرسول بولس في 1كورنثوس 13: 3: "وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا. 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

داريل ب.هاريسون
داريل ب.هاريسون
داريل ب. هاريسون (Darrell B. Harrison) هو مدير منصّات رقميّة في خدمة "نعمة لكَ" (Grace to You)، وهو يشارك في تقديم بودكاست "فقط نفكِّر" (Just Thinking). يقدم هاريسون مشورة كتابيةً، وهو زميل في "معهد قيادة ولاهوت السود" (Black Theology and Leadership Institute) في "كلّيّة برينستون للاهوت" (Princeton Theological Seminary). وقد شارك في تأليف كتاب "فقط نفكِّر: عن الدولة، ولماذا أنتُم خائفون؟" (Just Thinking: About the State and Why Are You Afraid?).