التمتُّع به إلى الأبد - خدمات ليجونير
ما الذي علينا تذكُّره؟
۲٦ أكتوبر ۲۰۲۰
الأبدية في قلوبنا
۳۰ أكتوبر ۲۰۲۰
ما الذي علينا تذكُّره؟
۲٦ أكتوبر ۲۰۲۰
الأبدية في قلوبنا
۳۰ أكتوبر ۲۰۲۰

التمتُّع به إلى الأبد

أثناء المصافحة عند باب الكنيسة، يرحِّب الحضور بالوعَّاظ أحيانًا بشكل عفوي قائلين: "لقد استمتعت بذلك حقًا!" —والتي يتبعها على الفور: "أه! لا ينبغي أن أقول ذلك حقًا، أليس كذلك؟" عادةً ما أقبض بيدي على يد المُصافح بقوةٍ أكثر مُمسكًا بيده قليلًا، وأقول بابتسامةٍ: "ألا يشجعنا السؤال الأول في دليل أسئلة وأجوبة الإيمان المسيحي على القيام بذلك؟ إذا أردنا التمتُّع به إلى الأبد، فلماذا لا نبدأ الآن؟"

بالطبع، لا يمكننا التمتُّع بالله دون تمجيده. يواصل دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر المُوجَز بحكمةٍ في التساؤل: "ما هو القانون الذي منحه الله ليوجِّهنا نحو كيفيَّة تمجيده والتمتُّع به؟" لكن لاحظ أن الكتاب المُقدَّس يحتوي على "قانون" للتمتُّع بالله وكذلك تمجيده. نعلم أن الكتاب المُقدَّس مليء بالتوجيهات لتمجيد الله، لكن كيف يوجِّهنا أن "نتمتَّع به"؟

إن التمتُّع بالله وصيَّة وليس أمرًا إضافيًّا اختياريًّا: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا" (فيلبى 4: 4). ولكن كيف؟ لا يمكننا أن "نبتهج بالأمر"، أليس كذلك؟

صحيح، ومع ذلك، يُظهر الكتاب المُقدَّس أن المؤمنين الذين يتبعون التوجيهات الكتابيَّة جيدًا ينمُّون تصميمًا على الفرح. سوف يفرحون في الرب. قدَّم حبقوق مثالًا عن هذا في الأيام الصعبة (انظر حبقوق 3: 17-18). وقد مارس ما أسماه أجدادنا "الإيمان الفعَّال"، وهو تصميمًا قويًّا على اختبار كل ما يأمر به الرب، بما في ذلك الفرح، واستخدام الوسائل التي وهبها الله لنا للقيام بذلك. فيما يلي أربع من هذه الوسائل —والتي يجب أن نلاحظ أنها تُمجِّد الله أيضًا.

الفرح في الخلاص:

يعني التمتُّع بالله الاستمتاع بالخلاص الذي يعطيه لنا بيسوع المسيح. "وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي" (حبقوق 3: 18). يفرح الله بخلاصنا (لوقا 15: 6-7، 9-10، 32). لذا يجب علينا نحن كذلك. هنا، تُقدِّم رسالة أفسس 1: 3-14 تحديدًا بارعًا لهذا الخلاص الذي في المسيح. إنه مثل الاغتسال في الإنجيل الذي يجب أن نبتهج به دائمًا، أو مثل درجات على سلم يجب أن نتسلَّقه كثيرًا، وذلك لنختبر فرح الرب الذي هو قوَّتنا (نحميا 8: 10). بينما يُطلب منَّا أن نفرح، فإن المصادر للقيام بذلك هي خارج ذواتنا، ولا نعرفها إلا من خلال الاتحاد بالمسيح.

الفرح في الإعلان:

ينتج الفرح من خلال التهام الإعلان الموحى به في الكتاب المُقدَّس. يشهد مزمور 119 على ذلك مرارًا، إذ "يفرح" كاتب المزمور بشهادات الله: "كَمَا عَلَى كُلِّ الْغِنَى" (مزمور 119: 14؛ انظر أيضًا الآيات 35، 47، 70، 77، 103، 162، 174). تأمَّل في كلمات يسوع "كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ" (يوحنا 15: 11). هل يقصد أنه سيجد فرحه فينا فيُكمَل فرحنا، أم أن يكون فرحه فينا حتى يكون فرحنا كاملًا؟ كلاهما صحيح بالتأكيد. لا نجد فرحًا كاملًا في الرب إلا عندما نعلم أنه يجد فرحه فينا. إذن، الطريق إلى الفرح هو أن نعطي أنفسنا أقصى قدر من التعرُّض لكلمة الله ونجعلها تسكن فينا بغنى (كولوسي 3: 16). إنه غذاء الفرح للنفس الجائعة إلى الفرح.

الفرح في الشركة:

هناك فرح في الرب يجب أن نتذوَّقه في العبادة التي نتمتَّع بها في شركة الكنيسة. فالكنيسة هي أورشليم الجديدة، المدينة التي لا يمكن إخفاؤها، فرح كل الأرض (مزمور 48: 2). يوجد الفرح بغنى في شركة التسبيح والصلاة بقيادة الروح القدس؛ وفي رعاية الروح القدس؛ والوعظ من كلمة الله، والترنُّم بمزامير وتسابيح وأغاني روحيَّة؛ واستقبال ماء المعموديَّة والتناول من الخبز والخمر. يبتهج الرب بنا فَرَحًا (صفنيا 3: 17). وفى المقابل، تهتف قلوبنا فرحًا به.

الفرح في الضيق:

هنا تكمن بالفعل مفارقة إلهيَّة. فهناك فرح نختبره في وسط الضيق ومن خلاله. من منظور كتابي، فإن الضيقات هي يد الآب المُؤدِّبة التي تستخدم آلام الحياة وظلامها لتشكيلنا على صورة ذاك الذي احتمل الضيقات من أجل السرور الموضوع أمامه (عبرانيين 12: 1-2، 5-11؛ انظر رومية 8: 29). يقول بولس إننا نبتهج ونفتخر في ضيقاتنا لأن "الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا" فينا (رومية 5: 3-4). يردِّد بطرس ويعقوب نفس المبدأ (1 بطرس 1: 3-8؛ يعقوب 1: 2-4). إن معرفة أن يد الله راسخة في العناية الإلهيَّة لا تجلب الاستقرار فحسب بل أيضًا تُنتج الفرح.

كل هذا يؤدِّي إلى الافتخار بالله نفسه. في رومية 5: 1-11، يقودنا بولس من الافتخار على رجاء مجد الله (الآية 2) إلى الافتخار الذي يأتي في الضيقات (الآية 3) ثمَّ إلى الافتخار بالله نفسه (الآية 11؛ انظر مزمور 43: 4). يجد غير المؤمن هذا أمرًا لا يُصدَّق، لأن كذب إبليس الذي يسرق الفرح قد أعماه، إذ يخبره بأن تمجيد الله هو الطريق السريع إلى عدم الفرح. ولكن نشكر الله أن المسيح قد أعلن أن العكس يحدث فيه بسبب خلاصنا، من خلال إعلانه، في شركة العبادة المُباركة، وبواسطة الضيقات.

استمتع! نعم، ليكن حقًا فرح أبدي على رؤوسكم (إشعياء 51: 11).

 

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

سينكلير فيرجسون
سينكلير فيرجسون
الدكتور سينكلير فيرجسون هو عضو هيئة التدريس في خدمات ليجونير وأستاذ استشاري لعلم اللاهوت النظامي في كلية اللاهوت المُصلَحة. شغل سابقًا منصب الراعي الأساسي في الكنيسة المشيخيَّة الأولى في مدينة كولومبيا، بولاية ساوث كارولاينا، وقد كتب أكثر من عشرين كتابًا، بما في ذلك "المسيح كاملًا" (The Whole Christ).