
امتحان يونان
۱ أبريل ۲۰۲۵
امتحان دانيال ورفاقه
۸ أبريل ۲۰۲۵امتحان بطرس

خدمتُ راعيًا مدة خمسٍ وعشرين سنة. أمضيتُ ثماني سنوات راعيًا مشاركًا في أكثر من كنيسة، ثم صرتُ الراعي الرئيسي لكنيسة محليّة لديها صراعاتٌ في الطرف الجنوبي من مدينة لويسڤيل. وخدمتُ في هذه الكنيسة راعيًا مدّة سبع عشرة سنة. كانت السنوات الخمس الأولى صعبةً جدًّا. كانت هناك ثلاث حركات مختلفة في تلك الفترة تسعى لطردي. وقد تلقّيتُ تهديداتٍ عديدة. وكان بعض أعضاء فريق البحث عن راعٍ، والذي كانوا وراء تعييني راعيًا، يسيئون إلى سمعتي في مجتمع المنطقة. وفي النهاية، أفلست الكنيسة. وفي نهاية تلك السنوات الخمس، وإذْ كنتُ في سنّ الرابعة والثلاثين، وقد بدوتُ "مُسنًّا"، بدأتُ أصارع صعوباتٍ صحّيّة ناتجة عن زيادة التوتُّر في حياتي.
صارعتُ مع شكوكٍ ومخاوف مستمرّة مثل أيّ راعٍ آخر في الظروف نفسها: "لماذا يحدث هذا؟ هل هذا عقابٌ لي؟ ما الخطأ الذي أفعله؟" وكان أكثر سؤالٍ يزعج روحي هو: "هل الله يمتحنني؟" كان هذا السؤال يطاردني أكثر من كل الأسئلة الأخرى، لأنّه عنى لي أنّ ألمي هذا جزءٌ من عناية الله وخطّته السرّيّتَين. فإن كنتُ أعمل خطأً ما، يمكِنني أن أُصلِحه. وإن كان الله يوجِّه هذه الأمور بيده المُحِبّة، فسيكون عليّ أن أصبر وأحتمل وأثق به.
من المُحتمل أن يكون أنّ بطرس قد تعرَّض لهذه الأفكار الصعبة التي استمرّت تلاحقّه حين سمعَ يسوع يقول له:
"سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ." فَقَالَ لَهُ: "يَا رَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ!" فَقَالَ: "أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي." (لوقا 34-31 :22)
ما ينبغي أن يصدمنا فورَ سماع كلمات يسوع هذه هو أنّه لم يعلِن بسرعة أنّه سيمارس سلطته على الشيطان، بإبعاده عن بطرس بصورة تامّة. وفي الحقيقة، أخبر يسوع بطرس بوضوح مُسبَقًا أنّ الشيطان سيغربله، وبعد ذلك سيُرَدّ لبناء كنيسة المسيح. كان هناك قصدٌ إلهي في ما يحدث. ونرى القصد في الآية 32: إظهار أنّ يسوع سيحفظ بطرسَ في الغربلة، ونتيجةَ هذا سيتقوّى بطرس ويصير مُعدًّا ليقوّي إخوته بعد تلك المحنة. كلمات يسوع الممتلئة رجاء، ولكنْ التي كانت في الوقت نفسه تخيف بطرس، تُخبِرنا بأنّه لن يمنع عن شعبه الألم وغربلة العدوّ. ولكنّه يعِدُ بأن يحفظنا، ويدعم إيماننا، ويجعلنا أكثرَ نفعًا له بعد الخروج من تلك المحنة.
هذه هي خطّة الله السرّيّة عبر القرون لكلّ الذين يحملون الصليب ويتبعون يسوع بالإيمان. لا يعِد الله بحماية كاملة من التجارب والمِحَن في عالم ساقط، أو من غربلة العدو وهجماته. ولكنّه يعِد دائمًا بأن يكون معنا، وأن يسندنا، وأن يحفظنا بيده القويّة (يهوذا 24-25)، وعمل شفاعته لأجلنا أمام أبيه السماويّ (عبرانيّين 4: 14-16). ومثل بطرس، حين سنخرج من مِحَننا وتجاربنا وامتحاناتنا، سنكون أكثر نفعًا لفادينا وأكثر نفعًا في حياة الآخرين (1بطرس 5: 10).
وقد كانت هذه هي الحقيقة في حياتي. فبعد تلك السنوات الخمس القاسية في الكنيسة، قرَّرتُ أن أبقى. وبعناية الله السرّية والغامضة، تغيَّر شيءٌ في السنة السادسة. فقد غيَّرت السفينة مسارها، وبدأت الكنيسة تزدهر. بدأ الناس يأتون إلى المسيح. وأرسل الله إلى الكنيسة بعض مَن صاروا أكثر أعضائها التزامًا وأمانة. أرسل الله رجالًا ونساءً إلينا لندرِّبهم على الخدمة ونُرسِلهم. وأصلح الله الكثير مِن علاقاتي مع خصومي، الذين صاروا لاحقًا أعزَّ الناس إلى قلبي.
وبعد عشرين سنة تقريبًا، أنظر الآن إلى تلك السنوات الخمس، وأرى تلك الفترة موعدًا إلهيًّا من إله أمين وصالح. فقد سمح الله بعنايته بغربلةِ العدوّ لي، ولكنّ يسوع سندني وحفظني وجعلني أكثر نفعًا له بفعل تلك المحنة. والمثير للدهشة أنّ الكثير من ثمر خدمتي الحاليّة للرعاة ينبع من تلك السنوات الأولى التي امتلأتْ بالألم والمعاناة والمِحَن والامتحانات. أنا مقتنعٌ أنني أكثر نفعًا لسيّدي السخيّ الآن لأنّني تشكَّلتُ في نارِ المِحَن والصعوبات، فيما كان فاديَّ المبارَك يُمسِك بي ويحفظني ويصلِّي لأجلي وعلى رأسي.
إنْ كنتَ مسيحيًّا حقيقيًّا فسيشكّلك الله بالصورة نفسها لتكون نافعًا لعمله، ويسندك في خدمته.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.