
امتحان بطرس
۷ أبريل ۲۰۲۵
مِحَن يسوع وتجاربه وامتحانه
۱۰ أبريل ۲۰۲۵امتحان دانيال ورفاقه

ربما تكون إحدى أعظم نقاط فشل الكنيسة اليوم هو رضوخها لتجربة المساومة. فهل ينبغي أن نقبل الهويّات "غير الطبيعيّة جنسيًّا"، أو أن نرسم رعاةً "شواذّ،" أو أن نبارك (ولكن لا نزوِّج) من هم في علاقة زواج (أو ما شابه) مع الجنس الآخر؟ إخوتنا المؤمنون في جنوب الكرة الأرضيّة مصعوقون لمشاكلة الرعاة والكنائس والطوائف في الغرب الحديث للثقافة الوثنيّة الجديدة، ولانحناء ركبهم أمام صنم الهويّة الجنسيّة والجندريّة.
قبل إيماني بيسوع المسيح، شاركتَ قسًّا باستفسارات تتعلق بالميول المثلية الجنسية. وقد صُعِقت حين أعطاني ذلك الخادم كتابًا يشرح أنّ الكتاب المُقدَّس لا يدين المثليّة الجنسية. كان من السهل أن أسلم بهذه الأفكار التي لا تدين المثلية الجنسية. بدأتُ أقرأ ذلك الكتاب بيدٍ، والكتاب المُقدَّس بيدي الأخرى. وفي الشهور التالية، أزال الروح القدس الغمام عن عينيّ مُظهِرًا لي أن ذلك الخادم وذلك الكتاب شوَّها صورة الله وحقّ كلمته.
في القرن السادس قبل الميلاد تقريبًا، انتُزِع دانيال وميشائيل وحننيا وعزريا من بيوتهم ووطنهم وسُبُوا إلى بابل، وجُرِّبوا بأن يحنوا ركبهم أمام أصنام وثنيّة. ولكنّ تكريسهم الثابت غير المتزعزع نحو الربّ وضعهم وسط قائمة قدّيسي العبرانيّين 11، "الَّذِينَ بِالإِيمَانِ ... سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ" (عبرانيّين 11: 33-34).
وفي الأصحاح السادس من سفر دانيال، وقّع الملك داريوس على مرسومٍ يقضي بألّا تُرفَع الصلوات وتُقدَّم الطلبات إلا إليه، وليس إلى أيّ إلهٍ أو إنسانٍ آخر. وواجه دانيال هذا الامتحان: إمّا أن أعصي الملك لإطاعة الله، أو أن أعصي الله لإطاعة الملك. كلّ ما كان على النبي ألّا يعمله هو ألّا يصلّي إلى الله مدّة ثلاثين يومًا، وسيخلِّص حياته. كلُّ ما كان عليه هو أن يعمل ما أراده الملك، وعليه أن يطلب منه كما يطلب الضيف من مُضيفه. هل يمكن للاندماج ومسايره المجتمع أن يكون طريقة دانيال في النجاة؟
وفي الأصحاح الثاث من سفر دانيال، تعرَّض حننيا وميشائيل وعزريا، المعروفين بأسماء شدرخ وميشخ وعبدنغو، بصورةٍ متكرِّرة لتجربة ترك الله بركوعهم أمام تمثالٍ من ذهب. بل إنّ نبوخذنصَّر سهّل الأمور بإعطائهم فرصةً أخرى للسجود أمام ذلك الصنم وعبادته.
وقف هؤلاء الثلاثة بلا تردُّد في مواجهة أقوى حاكم في الشرق الأدنى القديم في ذلك الوقت. قالوا: "هُوَذَا يُوجَدُ إِلهُنَا الَّذِي نَعْبُدُهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَجِّيَنَا" (دانيال 3: 17). ولكنّ إيمانهم وتصميمهم كانا واضحين في كلماتهم التالية: "وَإِلاَّ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَنَّنَا لاَ نَعْبُدُ آلِهَتَكَ وَلاَ نَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَهُ" (دانيال 3: 18).
أشار رفض دانيال وأصدقائه الثلاثة للانصياع إلى حقيقة أنّه ليس من عقابٍ لعصيان الملك، لا الأسود والأتون المُحمَّى، يمكن أن يتفوَّق على عصيان ملك الملوك.
وبعد أن حُمّي الأتون سبع مرّات أكثر من المعتاد، أمر نبوخذناصَّر بعض رجاله بأن يوثقوا شدرخ وميشخ وعبدنغو وهم مرتدون ثيابَهم (دانيال 3: 20-21). ولأنّ الأتون كان حاميًا جدًّا، قتلتْ لُهُبُ النارِ الجبابرةَ الذين قيّدوا الفتيان العبرانيّين، فوقع الأصدقاء الثلاثة إلى الأتون الملتهب مُقيَّدين (دانيال 3: 23). وأمام ذلك المشهد أعلن نبوخذنصَّر: "أَلَمْ نُلْقِ ثَلاَثَةَ رِجَال مُوثَقِينَ فِي وَسَطِ النَّارِ؟" (دانيال 3: 24).
لاحظ تكرار الكلمة "موثَق" أربع مرّات. يُشبه التكرار ضوء كشّافٍ في مسرحيّة، يهدف إلى توجيه انتباهنا إلى نقطةٍ رئيسية. قد يكون التكرار مرّتَين تصادُفيًّا، لكنَّ التكرار ثلاث مرّات مقصود بصورة أكيدة. ولا شكّ أنَّ التكرار الرباعي يهدف لتأكيد الأمر والتأثير.
لماذا؟ يأتي التفسير من شفتَي نبوخذنصَّر: "هَا أَنَا نَاظِرٌ أَرْبَعَةَ رِجَال مَحْلُولِينَ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَسَطِ النَّارِ وَمَا بِهِمْ ضَرَرٌ" (دانيال 3: 25). الكلمة الآراميّة المُترجمة إلى "محلولين" يمكن ترجمتها إلى "مُحرَّرين". لم تلمس لهُب النار أجساد الفتيان الثلاثة أو شعرهم أو ثيابهم، ولم تلتصق بهم رائحة النار (دانيال 3: 27). الأمر الوحيد الذي سمح الله للنار بأن تحرقه هو الحبال الذين كانوا مُوثَقين بها.
لماذا يسمح الله المُحبّ وصاحب السيادة للمِحَن المُحرِقة القاسية بأن تأتي نتيجةَ الطاعة؟ هذا سؤال أثاره داود في مزمور 22: "إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" (مزمور 22: 1).
أُدرِكت وتحقَّقت كلمات داود في المزمور 22 بصفةٍ نهائيّة في المسيح على الصليب، ولكنّها أيضًا تمثِّل آلام كل الأمناء لله، بمَن في ذلك دانيال وأصدقائه الثلاثة. "كَالْمَاءِ انْسَكَبْتُ. انْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي" (مزمور 22: 14). "خَلِّصْنِي مِنْ فَمِ الأَسَدِ" (مزمور 22: 21).
ولكنْ في النهاية، بارك نبوخذنصّر الله (دانيال 3: 28)، وأصدر داريوس مرسومًا ألزم به كلّ الناس قائلًا إن عليهم أن "[يَرْتَعِدُوا وَيَخَافُوا] قُدَّامَ إِلهِ دَانِيآلَ" (دانيال 6: 26). يُعبِّر المزمور 22 عن هذه الحقيقة قائلًا: "تَذْكُرُ وَتَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ كُلُّ أَقَاصِي الأَرْضِ. وَتَسْجُدُ قُدَّامَكَ كُلُّ قَبَائِلِ الأُمَمِ" (مزمور 22: 27). أتت أمانة شعب الله في المِحنِ المُحرِقة القاسية بالمجد لله.
من الحزن إلى المجد. كانت هذه حبكة قصة المختارين وما تزال. فهل سنرضخ للعرض الريادي المتعدد الجنسيات الداعي لعبادة الأوثان؟ أم هل سنواجه النار وفكوك الأسود؟ دعونا نختار الأمر الأخير حتى ترحِّب بنا سحابة الشهود الذين "لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ" (عبرانيّين 11: 38).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.