قوّة الضعف
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤
مقاصد الله في المِحَن والتجارب والامتحان
۱۳ مارس ۲۰۲۵
الخدمةُ في الكنيسةِ المنظورة
۱ فبراير ۲۰۲٤
مقاصد الله في المِحَن والتجارب والامتحان
۱۳ مارس ۲۰۲۵

قوّة الضعف

قِيل: "ما لا يقتلك يجعلك أقوى." يتمسَّك كثيرون بهذا المثل مصدرًا للتعزية والأمل وسط الهموم والتعاسات والآلام اليوميّة. تحتوي هذه الجملة شيئًا من الحقّ، بقدر ما تعكس تعليم الكتاب المُقدَّس (رومية 5: 3-5؛ يعقوب 1: 2-4، 12؛ 1بطرس 4: 12-19). فعلًا، تجعلنا المِحَن أقوى وأكثر ثباتًا في إيماننا. المِحَن تُنضِجُنا. إنّها تساعدنا في أن ننمو. ومع هذا، فإنّ هذا جزءٌ واحدٌ فقط من الفهم الكتابي للمِحَن.  

عندما سَقَطنَا كَجِنسٍ بَشَريٍّ في الخطيةِ، تغيَّرت عواطفنا. في السابق كانت لدينا القدرة على ألا نخطئ، ولكنّنا صرنا ناسًا لا نستطيع إلا أن نخطئ، بل ونجد متعةً في الخطية، مهما كانت سرعة زوال هذه المتعة. نحنُ، كوننا مخلوقاتٍ، معتمدين في جوهرنا على آخرين، ولكنّ السقوط غيَّر في إدراكنا حقيقة اعتماديّتنا. فكُنّا في السابق ندرِك اعتماديّتنا على الخالق ونعبده ونخدمه وحده، ولكنّنا صرنا ناسًا نعبد ونخدم أنفُسنا، كما لو كُنّا مستقلّين تمامًا.  

وهكذا، حين تأتي المِحَن والتجارب، علينا أن نقرِّر هل سنعتمد على أنفسنا وجهودنا أم على الله. هل سنستغلّ المِحَنة، ونعتبرها شيئًا يسيرًا، أم سنحاول الهروب منها؟ أم هل سنهرب إلى ربّنا كأقرب صَدِيقٍ فنقع على ركبنا في الصلاة ونثق به في وسَطِ المِحْنَةِ؟  

 

بوصفنا أَبناءً مُتَبَنَّينَ للَهِ الآب، ندرِك أنَّ القصد الوحيد للمِحَن التي يرسِلها في سيادَتهِ إلى حياتنا هو أن تجعلنا أقوى في المسيح، ولكنْ أضعف في ذواتنا، أي أقلّ اعتمادًا على قوّتنا ومخطَّطاتنا وأكثر اعتمادًا على الله وسلطة قوّته، مثلما اختبر بولس معترفًا: "لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ" (2كورنثوس 12: 10).  

ما لا يقتلنا فإنّه بنعمة الله يجعلنا أضعفَ في اعتمادنا على ذواتنا، وأكثرَ اعتمادًا على قوّة الله. وكل هذا بالذي احتمل مِحنة الصليب حتّى نستعيد الحياة المُعتمِدة. وبنعمته فقط نبقى معتمدين بالكامل (مثلما نحيا متبرِّرين بالإيمان وحده) على الذي نعمته كافية تماماً لنا (2كورنثوس 12: 9)، حاملين صلبانَنا يوميًّا في اعتمادٍ عليه ونحنُ نشقّ طريقنا عبر مآسي وتعاسات هذه الحياة. وفيما نحنُ نعمل هذا، لنتذكَّر أن البارّ يحيا بالإيمان بالله، لا بالإيمان بنفسه (حبقّوق 2: 4). كان مارتن لوثر مُحِقًّا فعلًا في تذكيرنا قائلًا: "إنْ وثقنا بقوّتنا، فسينتهي سعينا وجهادنا بالخسارة."  


 

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

بيرك بارسنس
بيرك بارسنس
الدكتور بيرك بارسنس (BurkParsons@) هو رئيس تحرير مجلة تيبولتوك، والراعي الرئيسي لكنيسة سانت أندروز في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا، وعضو هيئة التدريس في خدمات ليجونير. شارك في ترجمة وتحرير "كتاب قصير عن الحياة المسيحيَّة" (A Little Book on the Christian) بقلم جون كالفن.