الكنيسة ومزمور 81
۲۸ أبريل ۲۰۲۰ما هو الإنجيل؟
۲۲ مايو ۲۰۲۰ضرورة الإصلاح
إن الكنيسة في احتياج دائم للإصلاح. حتى في العهد الجديد نرى يسوع ينتهر بطرس، وبولس يصحِّح أهل كورنثوس. بما أن المؤمنين دائمًا خطاة، فإن الكنيسة ستحتاج دائمًا إلى الإصلاح. لكن السؤال الذي نواجهه هو متى يصبح الاحتياج ضرورة حتميَّة؟
استنتج المصلحون العظماء في القرن السادس عشر أن الإصلاح في أيامهم ضروري ويجب القيام به بأقصى سرعة. وفي سعيهم من أجل إصلاح الكنيسة رفضوا اتجاهين متطرفين. فقد رفضوا، من ناحية، أولئك الذين أصرُّوا على أن الكنيسة كانت في الأساس سليمة ولا تحتاج إلى تغييرات جوهريَّة. من ناحية أخرى، رفضوا أولئك الذين اعتقدوا أنه يمكنهم إنشاء كنيسة كاملة في كل تفصيلاتها. كانت الكنيسة بحاجة إلى الإصلاح الجذري، لكنها ستحتاج دائمًا إلى إصلاح نفسها. توصَّل المصلحون إلى هذه الاستنتاجات من دراستهم للكتاب المقدس.
في عام 1543، طلب مارتن بوسر (Martin Bucer) مُصلِح ستراسبورج (Strasbourg) من جون كالفن كتابة دفاع عن الإصلاح لتقديمه للإمبراطور تشارلز الخامس (Charles V) في المجلس التشريعي المزمع إقامته في شباير (Speyer) عام 1544. كان بوسر يعلم أن الإمبراطور الكاثوليكي مُحاط بمستشارين يحاولون إحباط محاولات الإصلاح في الكنيسة، وكان يعتقد أن كالفن هو الواعظ الأكثر قدرة على الدفاع عن القضية البروتستانتيَّة.
قبل كالفن التحدِّي وكتب أحد أفضل أعماله بعنوان "ضرورة إصلاح الكنيسة". لم يُقنِع هذا الكتاب الإمبراطور رغم رصانته، ولكن أصبح الكثيرون يعتبرونه أفضل ما كُتب بشأن قضية الإصلاح على الإطلاق.
بدأ كالفن برصد اتفاق الجميع على أن الكنيسة بها "أمراض عديدة وخطيرة". وشرح كالفن أن الأمور كانت على درجة من السوء لا تسمح بأي "تأخير للبدء" في الإصلاح ولا يسعها انتظار "علاجًا بطيئًا". كما رفض الاعتقاد بأن المصلحيين مدانون "بإصلاح مُتسرِّع وضار". في المقابل، أصر على أن "الله أقام لوثر وآخرين" ليحفظوا "صحة إيماننا". رأى كالفن أن أسس المسيحيَّة كانت مُهدَّدة وأن وحده الحق الكتابي قادر على تجديد الكنيسة.
نظر كالفن إلى أربعة مجالات كبيرة في حياة الكنيسة كانت بحاجة إلى الإصلاح. تشكِّل هذه الجوانب ما دعاه كالفن نفس الكنيسة وجسدها. فنفس الكنيسة مُكوَّنة من "عبادة طاهرة وسليمة للرب" و "خلاص البشر". وجسد الكنيسة مُكوَّن من "ممارسة الفرائض المقدسة" و "إدارة الكنيسة". بالنسبة لكالفن، كانت هذه الأمور في صميم مناقشات الإصلاح. فهي ضروريَّة لحياة الكنيسة ولا يمكن فهمها بشكل صحيح إلا في ضوء تعاليم الكتاب المقدس.
قد يفاجئنا وضع كالفن عبادة الله كأول قضايا الإصلاح، ولكن هذه كانت إحدى ركائزه الثابتة. في وقت سابق، كتب كالفن إلى الكاردينال سادوليتو (Sadoleto) قائلاً: "لا يوجد شيء أشد خطرًا على خلاصنا من عبادة لله مخادعة وفاسدة". فالعبادة هي المكان الذي نلتقي فيه بالله، ويجب أن يتم هذا اللقاء بحسب معايير الله. تُظهر عبادتنا ما إذا كنَّا نقبل حقًا كلمة الله باعتبارها السلطة التي نخضع لها. فالعبادة التي نُقيمها نحن بمقاييسنا هي شكل من أشكال بر الأعمال وتعبير عن العبادة الوثنيَّة.
بعد ذلك، تناول كالفن ما نراه في كثير من الأحيان أنه قضية الإصلاح العظمى وهي عقيدة التبرير:
نؤكِّد على أنه أيًّا كانت صفة الأعمال التي يقوم بها إنسان، فهو يُحسب بارًا أمام الله على أساس الرحمة المجانيَّة؛ لأن الله، دون أي اعتبار للأعمال، يتبنَّاه مجانًا في المسيح، باحتساب بر المسيح لصالح هذا الإنسان، كما لو كان بره هو. هذا ما نسميه بر الإيمان، بمعنى أن الإنسان، بعد أن تحرَّر من كل ثقة في الأعمال، يصبح مقتنعًا بأن الأساس الوحيد لقبوله أمام الله هو بر يحتاجه لنفسه، ويقترضه من المسيح. النقطة التي يضل فيها العالم دائمًا، (وقد ساد هذا الخطأ كل الأزمنة تقريبًا) هي في تصوُّر أن الإنسان، برغم عيوبه الجزئيَّة، لا يزال يستحق إلى حد ما نعمة الله بالأعمال.
هذه الأمور الأساسيَّة التي تُشكِّل نفس الكنيسة يدعمها جسد الكنيسة: أي الفرائض المقدسة وإدارة الكنيسة. يجب إعادة الفرائض إلى معناها النقي والبسيط وممارستها بحسب الكتاب المقدس. ويجب أن ترفض إدارة الكنيسة كل طغيان يقيِّد ضمائر المؤمنين بما يخالف كلمة الله.
عندما ننظر إلى الكنيسة في أيامنا هذه، يمكننا استنتاج الاحتياج للإصلاح، بل هو بالفعل ضروري، في العديد من المجالات التي اهتم بها كالفن للغاية. وفي نهاية المطاف لن يُصلِح الكنيسة إلا كلمة الله وروحه. ولكن يجب أن نصلي ونعمل بأمانة من أجل أن يتحقَّق هذا الإصلاح في أيامنا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.