كيف رأى المصلحون الإسلام؟
۱۲ يونيو ۲۰۲۰التجديف على الروح القدس
۲۳ يونيو ۲۰۲۰اقتراب الملكوت
إن أردت بدء جدال، لا تطلب من أي جماعة من المؤمنين سوى أن يوضِّحوا ما الذي يعلِّمه الكتاب المقدس عن نظام إدارة الكنيسة. أما إن أردت إثارة شجار، لا عليك سوى سؤالهم عمَّا يقوله الكتاب المقدس حيال المجيء الثاني للرب يسوع. يصعب تجاهل أي شيء خلال القرنين الماضيين كان مصدر اختلاف شديد بين المُعلِّمين المسيحيِّين مثلما أحدثت العقائد المتعلِّقة بالمجيء الثاني للرب يسوع. مع أن غالبيَّة المُعلِّمين المسيحيِّين متَّفقون على حقيقة المجيء الثاني، لكن كل شيء حوله تقريبًا في محل جدال. ويكشف اتساع الاختلافات عن حقيقتين على الأقل: أولًا، إن الموضوع بطبيعته في غاية الصعوبة؛ وثانيًا، إن الصلاة والاتضاع وطول الأناة في غاية الأهمية أثناء تناوله.
يعد المجيء الثاني للرب يسوع ذروة أحداث تاريخ الفداء، لكن كيف ومتى يقع هذا المجيء داخل هذا التاريخ؟ وإلى أي مدى يتعلَّق المجيء الثاني بملكوت الله؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، من الضروري العودة إلى الوراء لنتمعَّن في توقُّعات نبوءات العهد القديم. بعدما أخضع داود جميع أعداءه ونُصب ملكًا على جميع إسرائيل، صنع الله عهدًا معه (2 صموئيل 7: 1-17). وعد الله أنه سيُقيم نسل داود ويُثبت كرسي مملكته إلى الأبد. وحينما انقسمت المملكة فيما بعد وبدأت المملكتان الشماليَّة والجنوبيَّة في الارتداد، نظر الأنبياء إلى العهد الداودي بوصفه ركيزة الرجاء الآتي. لقد حذَّروا الشعب من أن استمرار عصيانهم سيقودهم إلى السبي، لكنهم أيضًا نظروا أيضًا إلى ما وراء السبي، إلى الزمن الذي فيه تُسترد المملكة بيد ملك جديد من نسل داود، ألا وهو المسيَّا.
عندما وُلِدَ الرب يسوع، كان كثيرون من أتقياء اليهود منتظرين بإيمان وعد الاسترداد هذا (انظر لوقا 2: 25-26، 38). كانوا يدركون أن المسيَّا سيأتي ليؤسِّس ملكوته. لكن ما لم يكن واضحًا لهم أن تأسيس الملكوت سيتحقَّق تدريجيًّا. وهذا يعني أننا لا يمكننا فصل المجيء الثاني للمسيح عن مجيئه الأول إن أردنا فهم ما يُعلِّمه الكتاب المقدس عن ملكوت الله. تأسَّس ملكوت الله بالمجيء الأول للمسيح، لكنَّه لم يكتمل بعد. وبصفتنا مسيحيِّين، نقر ونعترف أن المسيح جالس الآن عن يمين الآب ومن هناك سيأتي ثانيةً ليدين الأحياء والأموات. وهذا يعني أن المسيحيِّين اليوم يعيشون في زمن حلول الملكوت من جهةٍ، لكنَّه لم يكتمل بعد من جهةٍ أخرى. كيف نستوعب بشكل أفضل ما يعنيه هذا؟
نجد إشارة في قصة داود بالعهد القديم. إذا نظرنا إلى تأسيس مملكة داود، سنلاحظ أنه تحقَّق على مراحل تصاعديَّة. فقد مسح صموئيل دواد ليكون الملك الشرعي (1 صموئيل 16). بعد ذلك، مُسح ليصير ملكًا على يهوذا (2 صموئيل 2: 4). لكن هذا لم يحدث سوى بعد حرب ممتدة بين بيته وبيت شاول (3: 1) حتى نُصب ملكًا على جميع إسرائيل (5: 3-4). فما نراه إذًا من حياة داود هو أنه مُسح ملكًا، ثم حرب ممتدة بين قواته وقوات شاول، ثمَّ في النهاية اعتلى العرش الذي من حقِّه. فطوال "حربه الممتدة"، كان داود هو الملك الشرعي بالفعل، لكن مملكته لم تكن قد تأسَّست كاملةً بعد. طالت حرب قوات الملك الجالس على العرش ضد قوات داود قبل أن ينتزع داود الحق الذي له شرعًا.
يتشابه تأسيس ملكوت المسيح بعض الشيء مع تأسيس مملكة داود. فقد مُسح الرب يسوع بصفته الملك الحقيقي بمجيئه الأول (انظر متى 28: 18؛ أعمال الرسل 2: 30-36). فلم يهدأ إبليس الطاغية؛ فأثار "بيت" إبليس، ولا يزال، حرب ممتدة على "بيت" المسيح (1 كورنثوس 15: 20-26؛ أفسس 6: 11؛ 1 بطرس 5: 8). لكن أبواب الجحيم لن تقوى على المسيح أو شعبه. في النهاية، ستهلك بقايا قوات إبليس (رؤيا 20: 10)، وسيكتمل ملء ملكوت الرب يسوع. فالمسيحيُّون اليوم يعيشون داخل فترة حرب ممتدة بين قوات المسيح وقوات إبليس.
ماذا سيحدث مع عودة ربنا؟ عقب صعود المسيح، ظهر ملاكان إلى التلاميذ وقالا: "أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ" (أعمال الرسل 1: 11). ارْتَفَعَ المسيح وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ (آية 9). إذن، يشير كلام الملاكين إلى أن عودة الرب يسوع ستكون ظاهرة جليَّة. لن يكون حضوره سرًا. وبحسب بولس الرسول، سينزل رب المجد من السماء بِهُتاف، وسيقوم الأموات في المسيح، والأحياء سَيُخطَفون لملاقاة الرب (1 تسالونيكي 4: 13-18؛ 1 كورنثوس 15: 20-26). ستُقام أجسادنا في طرفة عين، وآخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ (1 كورنثوس 15: 25-26، 50-57).
كما أن المجيء الثاني للمسيح سيمحو اللعنة الواقعة على الخليقة منذ السقوط. سينتهي أنين الخليقة من ثقل اللعنة، وستتحرَّر من عبوديَّة الفساد (رومية 8: 18-25). سيصير كل شيء جديدًا. لن يكون بكاءً أو موتًا أو حزنًا أو ألمًا فيما بعد، لأن هذه الأمور الأولى ستكون قد مضت (رؤيا 21: 1-8). سينهزم إبليس العدو وسيُدان، وستنتهي شكايته وهجومه على شعب الله (رؤيا 20: 7-10). سيقف جميع البشر أمام عرش المسيح الديَّان. فمَن اسمه مكتوب في سفر حياة الحمل سيرث الملكوت، ومَن ليست أسماءهم مكتوبة، سيُلقون في الظلمة الخارجيَّة (رؤيا 20: 11-15).
بالرغم من جميع الاختلافات، يتَّفق جميع المسيحيِّين على شيءٍ واحدٍ وهو أن الرب يسوع المسيح سينتصر وأن ملكوته سيكتمل. فلهذا نصلي مع بولس وجميع القديسين على مر العصور قائلين: "ماران أثا!" تعال يا رب يسوع!
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.