دراسة اللاهوت معًا تحت قيادة الروح القدس
۱۹ أغسطس ۲۰۱۹ذئاب في ثياب حملان
۲۸ أغسطس ۲۰۱۹هل يوجد طريق واحد فقط للخلاص؟
"فليكن الأمر على ذوقك"، هذا ما أعلنته شركة برجر كينج في السبعينات، مع شعار يعكس الفرديَّة المتناميَّة، واستهلاكيَّة الغرب وتعدُّديتها. وتبعتها شركات أخرى حيث وعدوا أنه يمكنك أن تحصل على منتجاتهم بالطريقة التي تريدها: مُصممة على ذوقنا الخاص، وتصل لنا بشروطنا الخاصة. لذلك، فمن غير المفاجئ أن نجد الغربيِّين يستخدمون نفس الأفكار مع الدين. إن فكرة أنه ليس لدينا اختيار بشأن طريقة خلاصنا هي أناثيما للمستهلك الروحي في يومنا هذا. فنحن نريد الخلاص على طريقتنا الخاصة.
يبدو أن التعدديَّة الدينيَّة أصبحت الوضع الافتراضي في ثقافتنا. ولكن بغض النظر عن مقدار شدَّة الضغط للتطبُّع أو المساومة، يجب على المؤمنين أن يثبتوا ويُصروا على أنه يوجد طريق واحد فقط للخلاص، ألا وهو الإيمان بيسوع المسيح. والسبب بسيط: هذا بالضبط ما علَّمه الرب يسوع شخصيًّا.
أعلن المسيح أنه أُرسل إلى العالم بهدف واحد أساسي: ألا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. (يوحنا 3: 14-17). إن الإيمان بيسوع كافٍ وضروري للخلاص؛ مَنْ لا يؤمن به لن يحصل على الحياة الأبديَّة (الآيات 18، 36؛ انظر 8: 24). فقط مَنْ "يتغذُّون" على يسوع سيحيون (6: 53-58). كما لو أن الأمر يحتاج إلى المزيد من التوضيح، لم يترك يسوع أي مجال للشك في هذه الكلمات التي قالها لتلاميذه: "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (14: 6؛ انظر متى 11: 27).
أكَّد رسل المسيح على رسالته من خلال الوعظ المستمر بأن الخلاص يأتي بالإيمان بيسوع وحده (أعمال الرسل 2: 39؛ 4: 12؛ 16: 31؛ 20: 20-21؛ رومية 10: 9-17؛ 1 يوحنا 2: 22-25؛ 4: 14-15؛ 5: 12-13). لا يمكن لرسالة العهد الجديد أن تكون أوضح من هذا: إن لم تخلص بيسوع، فأنت لم تخلص. قد تسمح التعدديَّة في العصر الحالي أن يكون المسيح واحدًا من بين العديد من الطرق للخلاص، ولكن — مقتبسين فكرة من سي. أس. لويس — لم يترك المسيح نفسه هذا الخيار متاحًا لنا. إمَّا أن يكون هو رب على الكل أو لا يكون رب على الإطلاق.
ومع ذلك، مثل هذه الادعاءات بالحصريَّة تتسبَّب في إهانة كبيرة للناس في هذا العصر. أليس من الكبرياء أن يصر المسيحيون على أن يسوع هو الطريق الوحيد لله؟ ألا يشير هذا ضمنيًّا إلى أن دعاة الديانات الأخرى هم على خطأ؟ نعم بالفعل. ولكن لاحظ جيدًا: يقول أتباع التعدديَّة الدينيَّة ضمنيًّا أن دعاة المسيحيَّة هم على خطأ. في الواقع، هم يقولون ضمنيًّا أن يسوع كان على خطأ (وبكبرياء). فإن كان من الكبرياء أن نشير إلى أن الأديان غير المسيحيَّة خاطئة، فأتباع التعدديَّة هم على نفس القدر من الكبرياء في زعمهم أن المسيحيَّة — إلى جانب كل الديانات الحصريَّة الأخرى — هي على خطأ. إن تهمة الكبرياء ترتد حتمًا إلى النقَّاد.
الاعتراض الشائع الآخر هو أنه من الظلم أن نمنع الخلاص عمَّن يتبعون الديانات الأخرى بإخلاص. لماذا يقتصر الخلاص على المسيحيِّين فقط؟ تكشف هذه الشكوى عن سوء فهم أساسي لرسالة الإنجيل. إن الخلاص هو بالنعمة وحدها: ليس على الله أي التزام بتقديم حتى طريق واحد للخلاص لأي شخص، فما بالك بعدة طرق. كل من يسمع رسالة الإنجيل يسمعها فقط بسبب الرحمة الإلهيَّة.
يعكس أيضًا الاعتراض بالظلم الافتراضات المغلوطة حول مَنْ له حق تحديد الخلاص. بكل تأكيد، يعود الأمر إلى خالقنا — وليس لنا — في تشخيص مشكلتنا ووصف العلاج لها. إن الشخص الذي يؤمن بالتعدديَّة يتعامل مع الخلاص كما لو كان مثل صبغة الشعر: يجب أن تكون قادرًا على اختيار لونك، وتصفيفة شعرك، وما إلى ذلك، كل ذلك بحسب ما تفضِّله. بأي طريقة تصلح لك. ولكن، ماذا لو كان الخلاص أشبه بالعلاج الطبي لمرض مميت؟ إن كان هناك دواء واحد فقط يمكنه فعلاً علاج هذا المرض، فسيكون من الغباء الشديد الدعوة إلى "التعدديَّة الطبيَّة"، أي نهج "أريده بطريقتي" في العلاج، وسيكون من الغريب أن تتهم طبيبك بالظلم لأنه وصف لك العلاج الوحيد الذي ينفع.
يجب أن تكون الفكرة واضحة: ينبغي أن تتناسب الوصفة الطبيَّة مع التشخيص. فإن كانت مشكلة البشر الأساسيَّة هي كما يصفها الكتاب المقدس — أننا خطاة نقع تحت دينونة الله العادلة، وغير قادرين حتى أن نبدأ في التكفير الملائم عن خطايانا — فإن المسيحيَّة وحدها فقط هي التي تقدِّم حلاً يعالج المشكلة بشكل ملائم. لا يوجد دين أخر يقدِّم الوسيط الكامل بين الله والإنسان يزيل العداوة بيننا وبين خالقنا من خلال تحمُّل عقوبة خطايانا بدلاً عنَّا (رومية 5: 6-11؛ 2 كورنثوس 5: 18-21؛ 1 تيموثاوس 2: 5-6).
إن كان الكتاب المقدس مُحقًّا بشأن حالتنا الصعبة، فيجب أن يكون يسوع هو طريق الخلاص الوحيد، ويجب أن يكون واجبنا هو أن نعلن عنه باعتباره الطريق الوحيد. إن المحبة لله، المحبة للمسيح، المحبة للآخر، والمحبة للحق لا يتركوا لنا أي بديل.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.