فحص دوافعنا
۱۱ فبراير ۲۰۲۰سقوط المؤمن
۱۸ فبراير ۲۰۲۰بواسطة استدلال جيد ولازم
"أنا لا أرى كلمة ثالوث في الكتاب المقدس"، هكذا يخبرك أحد شهود يهوه الطارق على بابك. "لا توجد آية في الكتاب المقدس تقول إنه لا يجب أن نقود السيارة بسرعة"، هكذا يعلن عضو الكنيسة غاضبًا بعد أن أوقفه ضابط الشرطة للمرة العاشرة. "لا أستطيع أن أرى مثالاً واضحًا على امرأة تتناول من العشاء الرباني في الكتاب المقدس"، هكذا تجيب بقلق الأم العازبة التي أمنت حديثًا. وهم على حق، أليس كذلك؟
كإنجيليِّين، نريد حقًا أن نتمسَّك بكلمة الله. فنحن نعتز بالكتاب المقدس باعتباره كلمة الله الموحى بها بالروح القدس. ونعترف بأنها معصومة من أي خطأ، وكافية لكل ما نحتاج إليه كتلاميذ. كما نقر بأنها سلطتنا العليا الآتية من ربنا وملكنا. لكن هل هذه الكلمة بسلطانها تقتصر على كلمات النص وحدها؟ لم يعتقد آباؤنا المُصلحون بذلك. انظر إلى هذه الفقرة من إقرار إيمان وستمنستر: "إن مشورة الله بكاملها المختصة بكل الأشياء الضروريّة لمجده الخاص، ولخلاص الإنسان، وللإيمان وللحياة، هي إما مدوّنة صراحة في الكتاب المقدس، أو بواسطة استدلالٍ جيدٍ ولازمٍ يمكن أن تُستنتج من الكتاب المقدس" (الفصل 1، البند 6).
إن العبارة الأساسيَّة لأغراضنا هي: "بواسطة استدلالٍ جيدٍ ولازمٍ يمكن أن تُستنتج من الكتاب المقدس". وهي تعنى ببساطة أنه ليس فقط النص الصريح ولكن أيضًا الحقائق التي تظهر بشكل حتمي من النص تعتبر هي أيضًا جزء من معنى كلمة الله. لذلك، انظر إلى السائق المسرع. هل هناك نص محدَّد حول حدود السرعة؟ بالتأكيد لا. ولكن إذا أخذنا في الاعتبار واجبنا المتمثِّل في إطاعة السلطات الأرضيَّة التي هي مرتبة من الله (رومية 13: 1-7)، نكون محقِّين في حجتنا بأن الأمر لا يقتصر فقط على ضابط الشرطة بل الله أيضًا يريدنا أن نتبع السرعة المحددة. هل يوجد مثال صريح لامرأة تتناول من العشاء الرباني؟ ربما لا. ولكن بمجرد أن نضع بحرص معًا النصوص التي تتحدث عن مكانة النساء في الكنيسة والغرض من العشاء الرباني، يجب علينا أن نستنتج ليس فقط أن النساء المؤمنات يمكنهم أن يتناولون من العشاء الرباني، بل يجب عليهن فعل ذلك، إلا إذا كانوا تحت التأديب الكنسي. إذ تتساوى كل الأمور الأخرى، يصبح من الخطأ رفض أن يتقدَّم شخص ما لتناول العشاء الرباني بسبب جنسه وهو يقر بإيمانه بالمسيح، أو أن تمتنع الأم المؤمنة حديثًا من التناول بسبب قلقها.
لكن القضيَّة الأساسيَّة التي أريد تناولها فيما يتعلَّق بعبارة "استدلالٍ جيدٍ ولازمٍ" هي قضيَّة رعويَّة. أي أننا يجب أن نتعلَّم التمييز بين الاستدلال "الجيد" والاستدلال "اللازم". عدم القيام بذلك سيؤدى إما إلى حياة فريسيَّة أو حياة العصيان. باختصار، ما لم يكن التعليم الذي نستخلصه من الكتاب المقدس هو جيد ولازم معًا، فلا يمكننا أن نستخدمه لإلزام الآخرين به.
من حين لآخر، قد نستخلص استنتاجًا يبدو لازمًا بحسب عقولنا البشريَّة المحدودة، ولكنه في الواقع ليس جيدًا. دعونا نستخدم المثل المذكور أعلاه ورومية 13: 1 حيث يقول النص: "لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ". عند النظر إلى هذه الآية وحدها، قد يقول شخص ما إنه إذا أمرته سلطة معينة هو خاضع لها بالسجود لوثنٍ ما، فإنه مُلزم بالخضوع لهذا الأمر. يبدو للوهلة الأولى أن ذلك استدلال "لازم" لوصية الخضوع للسلاطين. لكن حتى المعرفة السطحيَّة لبقية الكتاب المقدس تبيِّن أن هذا الأمر لن يكون استدلالاً جيدًا؛ فلدينا نصوص واضحة تمنع عبادة الأوثان. في حين أن "منطق" رومية 13: 1 قد يدفع صديقنا إلى الاعتقاد بأنه مطيع بسجوده للوثن، لكننا كشعب تحت سلطان كلمة الله، نعلم أن هذا التفكير خاطئ. فليس كل ما يبدو استنتاجات "لازمة" نستخلصها من نص كتابي معين هي استنتاجات جيدة، على الأقل لأن عقولنا محدودة وتشوبها الخطية.
إن خطر تحويل الاستدلالات الجيدة إلى استدلالات ضرورة هو أمر أكثر مكرًا، ولكن ربما أكثر شيوعًا. تخيل أنه طُلب منك تقديم عظة من 2 تيموثاوس 3: 16 حيث يقول النص: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ". وشرعت في تقديم وجهة نظر كتابيَّة أمينة، داعيًا المستمعين أن يضعوا ثقتهم في كلمة الله. ثم تنتقل للتطبيق العملي: ماذا يدعونا هذا النص للقيام به؟ هنا تكمن أهمية الفهم الصحيح للاستدلال الجيد واللازم. تتجه أفكارك نحو عادتك الشخصيَّة في قراءة جزء من الكتاب المقدس كل صباح. هل هذا استدلال جيد للإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله؟ بالتأكيد! ولكن هل هو استدلال لازم؟ بالتأكيد لا. هل تُلزِم هذه الآية — أو بصراحة أي جزء آخر من الكتاب المقدس — جميع المؤمنين بقراءة الكتاب المقدس لأنفسهم كل يوم؟ الإجابة لا، وذلك لسبب واضح إلى حد ما وهو أنه كان ذلك مستحيلاً في معظم تاريخ كنيسة الله. لم يتمكَّن الناس من القراءة ولم يكن لديهم نسختهم الخاصة من الكتاب المقدس. لذلك يمكننا أن نأمر الناس حقًا أن "يلهجوا" في كلمة الله (مزمور 1: 2)، ولكن لا يجب أن نشرِّع وسائل تلقِّي تلك الكلمة بما يتجاوز وصية الاجتماع معًا للعبادة وسماع الوعظ بكلمة الله. ربما يأخذ المؤمن الأمين عظة الأحد الماضي ويتأمل فيها، ونادرًا ما يقرأ الكتاب المقدس بنفسه. هذا في حد ذاته ليس بطبيعته عصيانًا. بغض النظر عن غيرتنا أن يجد الناس مسرتهم في كلمة الله، يجب ألا نجعل الممارسات الجيدة ضروريَّة مُلزمة وإلا فإننا سوف نسحق الرعيَّة تحت وطأة شعور غير ضروري بالذنب.
يمكننا أن نذكر أضعاف الأمثلة. في عبرانيين 10: 25 يحذِّرنا النص من إهمال الاجتماع معًا. هل هذا يعنى أنه من اللازم حتمًا أن تكون عضوًا في أحد مجموعات البيوت؟ بالطبع لا. فإن مجموعات البيوت هي استدلال "جيد" من هذا النص، ولكنه ليس استدلالاً جيدًا وأيضًا لازمًا. لذلك لا ينبغي أن تكون مجموعات البيوت مُلزمة لعضويَّة الكنيسة وإلا فإننا بذلك نضع مقياسًا لعضويَّة كنائسنا أعلى مما وضعه المسيح لملكوته.
وبالطبع، في الوعظ والتعليم يمكن أن ننصح بالاستدلالات "الجيدة"، ولكن يجب أن نتوخى الحذر دائمًا لتجنُّب إعطاء الانطباع بأنها مُلزمة أو أنها علامات حقيقيَّة للتلمذة الملتزمة. نصلى من أجل معونة الروح القدس حتى لا نقصِّر في تعليم ملء إعلانه ولا نتعدَّاه ونسحق الناس بأعباء غير ضروريَّة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.