نحن مُصلَحون
٦ يوليو ۲۰۲۱الصراع لمعرفة مشيئة الله
۸ يوليو ۲۰۲۱طوبى للمطرودين من أجل البر
تبدأ التطويبات بتوجُّهات نحو الله –المساكين بالروح، والحزانى، والودعاء، والجياع– ثم تنتقل إلى الاهتمامات البشريَّة –الرحماء، والأنقياء، وصانعي السلام– قبل أن تختتم في متى 5: 10 بالواقع الحتمي للاضطهاد والتعييرات (انظر أيضًا متي 10: 22؛ يوحنا 15: 20). لكن هذه الحتميَّة غير السارة تحمل معها وعدًا بالشركة في الحياة الإلهيَّة، لأن هذا هو ما تعنيه "البركة" الحقيقيَّة: الشركة مع الله "المُبارك" (1 تيموثاوس 1: 11؛ 6: 15؛ تيطس 2: 13).
المعاناة الموصوفة هنا ليست الأشواك والحسك الناتج عن السقوط بشكلٍ عام (رومية 8: 18-25)؛ كما أنها ليست اضطهادًا بسبب النفاق، أو إصدار الأحكام، أو مُجرَّد البغضة العامَّة. وبالتأكيد ليست تخيُّل للاضطهاد بسبب الحساسيَّة الشديدة، الأمر الذي له علاقة بسياسات الهُويَّة أكثر من تكلفة التلمذة. لا نجرؤ على التقليل من شأن الاضطهاد بهذه الطريقة عندما يُسجن الإخوة والأخوات من قبل الأنظمة القمعيَّة ويموتون على أيدي المُتطرِّفين. فالمعاناة التي تنال التطويب هنا هي المعاناة من أجل البر – أي الاضطهاد من أجل فعل مشيئة الرب سيِّدنا. للحصول علي وعد هذه التطويبة، يجب أن يكون الاضطهاد بسبب عمل مشيئته الصالحة (1 بطرس 3: 8-17). عندها فقط يكون لنا "ملكوت السماوات". إن تعبير متى، المرادف لتعبير "ملكوت الله"، هو طريقته في تذكيرنا بأن حكم الله العادل والبار (في السماء) ليس هو طريق البشر (إشعياء 55: 9). أولئك الذين يتعرَّضون للاضطهاد من أجل البر يعيشون وفق طرق الله في وسط عالم لا يحترمهم، بل ويرفضهم. عند إدراك المعنى الحقيقي لكلمة "الطرد"، فإن الاضطهاد سيأخذ أشكالًا عنيفة ومُتطرِّفة بالإضافة إلى أشكال أكثر خبثًا مثل السخريَّة، والتهميش، والإقصاء.
تساعدنا بركة المسيح هنا بعدَّة طرق. أولًا، إنَّها لنا. عندما نُضطهَد من أجل البر ونتساءل عمَّا إذا كان الأمر يستحق ذلك، يمكننا أن نظل على يقين أن ملكوت السماوات هو لنا. ثانيًا، إنها مصدر الفرح لأننا بها نتحد مع ربنا (متى 10: 25؛ أعمال الرسل 5: 41). ثالثًا، إنها علامة ترشدنا على طريق الرب يسوع. فطريق الصليب ليس اختياريًّا في مدرسة المسيح (متى 10: 24-25). لا يوجد طريق آخر للحياة باستثناء درب الصليب. رابعًا، تدعونا إلى فحص النفس إن كنَّا لا نتعرَّض للاضطهاد. فجميع الذين يعيشون بالتقوى يُضطهَدون (2 تيموثاوس 3: 12). يجب أن نكون حذرين من أنفسنا عندما يقول العالم عنَّا فقط ما هو حسن (لوقا 6: 26). قد يكون غياب الاضطهاد لأننا نشابه العالم بشكلٍ كبير. وكما قال ديتريش بونهوفر (Dietrich Bonhoeffer)، قد يعني ذلك أننا استبدلنا التلمذة بالمواطنة.
أخيرًا، يشهد الاضطهاد على اتحادنا بالمسيح. في فيلبي 3: 8-11، يروي بولس كيف أصبح المُضطهِد مُضطهَدًا وأنه على الرغم من أنه فقد كل ما كان عزيزًا عليه، فقد ربح المسيح والبر الذي يأتي بالإيمان (الآية 9). إن الغاية أو الهدف من اعتبار كل شيء آخر خسارة هو معرفة المسيح وقوَّة قيامة المسيح جنبًا إلى جنب مع شركة آلام المسيح، لأنه من الضروري أن نصبح مثل المسيح في موته إذا أردنا أن نتشارك في حياته. إن الاتحاد بالمسيح يعني المُشاركة في كل ما هو للمسيح، بما في ذلك الرفض، والتعيير، والاضطهاد الذي كان له. لأنه إن كان لنا نصيب فيه، فإن ملكوت السماوات هو حقًا لنا. وبهذه المعرفة سنتمكَّن من المُثابرة بفرحٍ في التجارب والإجابة على مضطهدينا بالبركة (يعقوب 5: 1؛ 1 بطرس 3: 9).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.