الخوف من التعرُّض للكراهيَّة
۱۲ مارس ۲۰۲۱مثل الفريسي والعشار
۱ أبريل ۲۰۲۱طوبى لصانعي السلام
معظمنا يريد السلام. لكن قلَّة قليلة منَّا على استعداد أن تصنع السلام. إذا ما مررنا بسرعة على التطويبات، فقد نخطئ في ظننا أن صنع السلام هو صفة سلبيَّة، يمتلكها الأشخاص الذين يهتمون بشؤونهم الخاصة. فهم يجدوا هذه الفضيلة في المقام الأول في تجنُّب الصراع. لكن هذا بالتأكيد ليس التعليم المسيح المقصود هنا. فصانع السلام لا يتجنَّب الصراع. بل ينخرط صانع السلام في الصراع — ليس لإشعاله، ولكن لحلِّه. فصانع السلام هو الشخص الذي يكون وضعه نشطًا بشكل أساسي؛ لا هوادة في السعي لتحقيق العدل والانسجام والتوبة والمصالحة. تكشف حياة المسيح، صانع السلام الأعظم، مدى صعوبة وخطورة هذا العمل في كثير من الأحيان.
مَن هم صانعو السلام هؤلاء بيننا اليوم، وكيف ننضم لهذا الجمع المُبارك؟ إن صُنع السلام الذي يصوِّره المسيح ويجسِّده له توجُّهان: نحو الله ونحو الإنسان. على خطى سيِّدهم، فإن مواطني ملكوت المسيح مدعوُّون للعمل وكلا الهدفين أمامهم. في الأساس، صانعو السلام هم أولئك الذين يعلنون الإنجيل ويطبِّقونه في الكرازة وفي حل النزاعات. إذا انضممنا إلى صفوفهم، يجب علينا صقل مهاراتنا في تطبيق الأخبار السارة على كل حالة نزاع.
لتحقيق النجاح في هذا المسعى، يجب أن نبدأ من موضع السلام الشخصي والمصالحة مع الله. فقط بامتلاك هذه العطية الكريمة يستطيع صانع السلام أن يسعى لإحلال السلام للآخرين. بعد أن تذوَّقوا ونظروا أن الله صالح، وجدوا أن أعظم رغبة في قلوبهم هي أن يستمتع الآخرون بالسلام مع الله ومع مَن حولهم.
إن كلمات المسيح هي تصحيح مفيد لأولئك الذين هم منَّا ويعملون بنشاط لترقُّب أي جدال لاهوتي ولكنهم يشعرون بالملل من فكرة المصالحة الشخصيَّة. حذَّر المسيح بالفعل من أن الحق الذي يُعلِّمه سوف يجلب النزاع، لكن جوهر رسالته كان صنع السلام. إذا وجدنا السلام مع الله، يجب أن يكون السعي لتحقيق السلام مع الآخرين ومن أجلهم هدفًا أساسيًّا لنا أيضًا.
هذا ليس عملًا يمكن إنجازه بقوتنا الذاتيَّة. لا يمكن أن يزدهر السلام إلا عندما يكون هناك تغيير عميق ودائم داخل القلوب. إن النعمة المجانيَّة وغير المُستحقَّة التي ضمنت سلامنا مع الله هي نفس النعمة اللازمة لصنع السلام في قلوب الآخرين. تذكَّر هذا وأنت تتألَّم من الصراع بين أحبَّائك والله أو بين أعضاء كنيستك ومجتمعك. النعمة هي ما نحتاج إليه. اغمر جهودك في صنع السلام بالصلاة. اطلب من الله أن يكرم عملك الناقص من أجل شخص المسيح الابن الأمين للنهاية.
البركة الموعودة لصانعي السلام هي المكافئة الرائعة أنهم أبناء الله. في الأصحاح السابق من إنجيل متى، شهدنا معموديَّة يسوع، حيث أعلن الله من السماء، "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ". يُقدِّم يسوع الآن لقبًا مُشابهًا جدًا لمواطني ملكوته. يا له من تشجيع. إن صنع السلام ليس بالأمر الصعب فقط؛ بل إنه مُبارك.
على صانعي السلام اليوم، المُتأصِّلين بقوَّة في السلام الذي صنعه المسيح، أن ينظروا إلى حياته كنموذج. أكسبته عمليَّة صنع السلام التي قام بها كراهية القادة الدينيِّين واستهزاء عائلته. قاده صنع السلام إلى بستان جثيسماني، ليس من أجل الراحة الهادئة، ولكن من أجل صراع منتصف الليل؛ وليس من أجل المُرطِّبات الباردة، بل للكأس الفائض من الغضب الإلهي الشديد. صنع السلام قاده إلى الصليب. قاده إلى الظلمة الخارجيَّة.
كما قاده إلى تاج وعرش وشعب من كل قبيلة ولسان وأمَّة. هذا هو نصيب صانعي السلام. جسدهم مجروح وهم محتقرون، لكن حصادهم ممتلئ ولقبهم ليس مُدعاة للخزي. فهم يُدعون أبناء الله.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.