الفناء أم العقاب الأبدي؟
۷ فبراير ۲۰۱۹الإعلان العام
۸ فبراير ۲۰۱۹هل يتوافق الكتاب المقدس مع العلم؟
إن العديد من الذين يرفضون الإيمان المسيحي يقومون بهذا الأمر لأنهم يؤمنون أن الكتاب المقدس يناقض العلم. ولكن، ما إذا كان هناك تضارب وتناقض بالفعل يعتمد على كيفية تعريف المرء للكتاب المقدس والعلم. إن تم تعريف الكتاب المقدس على أنه "كتاب من الأساطير والخرافات" وتم تعريف العلوم على أنها "حقائق مثبتة"، إذًا، فمن الواضح أنه سيكون لدينا مشكلة ولن يتوافق الاثنين معًا كمصادر للحق. وإن تم فهم الكتاب المقدس على أنه كلمة الله وتم فهم العلوم على أنها منهجية مادية بالضرورة تستبعد إمكانية وجود الله في حد ذاتها، فنعم، سيكون هناك تضارب. إلا أنني، أُقرّ أن هذه ليست أفضل تعريفات يمكن البداية بها، وأنه إن فكرنا بأكثر دقة في كل من الكتاب المقدس والعلوم، سنرى أنه ليس بالضرورة هناك تضارب بينهم.
يرى المسيحيون الله على أنه خالق كل ما في السماء وما على الأرض. كما أن المسيحيون يؤمنون أيضًا أن الله قد أعلن عن حقائق معينة مختصة بذاته من خلال أعماله في الخلق (رومية 1: 20). يطلق علماء اللاهوت على هذا الأمر الإعلان العام. كما أن الله قد أعلن عن نفسه في كلمته. نطلق على هذا الأمر الإعلان الخاص. الأمر المهم والذي يجب تذكّره هو أنه مع كلٍ من الإعلان العام والإعلان الخاص، فالله هو المُعلِن. ولأن الله معصوم من الخطأ، فلا توجد إمكانية للتضارب أو التناقض بين إعلانه العام وإعلانه الخاص. فالله هو المصدر الواحد المعصوم لكليهما.
كما أنه لا يوجد تناقض بين ما أعلنه في الكتاب المقدس (الإعلان الخاص) وما هو حقيقي بالفعل فيما يختص بأعماله في الخليقة. فإن كان الله قد خلق شيئًا بطريقة معينة، وإن كان الله متسق ذاتًيا، وصادق دائمًا، فإن إعلانه الخاص لن يقول شيئًا يتناقض مع الحق الفعلي المختص بأعماله في الخليقة. إن صح الأمر، على سبيل المثال، أن الله خلق الأرض كروية، إذًا، فإن إعلانه الخاص لن يُضاد هذا الأمر ولا يمكن أن يناقضه. لذا، إن وجدت في الكتاب المقدس مصطلحات تبدو أنها تصف الأرض كقرص مسطح، فإن المشكلة تكمن في تفسيرنا.
عندما يظهر تضارب، فهو دائمًا نتاج سوء التفسير البشري لأعمال الله في الخليقة، أو لما أعلنه من خلال أعماله في الخليقة، أو لما أعلنه من خلال كلمته، أو مزيج بينهما. أي أن التضارب قد يكون نتيجة نظرية علمية غير صحيحة عن جانب ما من أعمال الله المخلوقة. قد يكون التضارب أيضًا نتيجة تفسير غير صحيح لإعلان الله الخاص. قد يكون التضارب نتيجة سوء تفسير لكليهما. تكمن المشكلة دائمًا عند المفسرين البشر الساقطين في الخطية وغير المعصومين من الخطأ (العلماء واللاهوتيون)، وليس عند الله.
إن البشر عُرضة للخطأ. إن عوامل مختلفة، تشمل الجهل والخطية، تعنى أنه يمكننا أن نسقط في الخطأ وأننا نسقط فيه بالفعل. فمن يدرسون العالم المخلوق ويحاولون فهمه يمكنهم أن يخطئوا وقد أخطأوا بالفعل. كما أن الفرضيات والنظريات العلمية غير معصومة. يمكن أن تكون خطأ. ومن يدرسون الكتاب المقدس ويسعون في فهمه يمكنهم أن يخطئوا أيضًا وقد أخطأوا بالفعل. توجد تفسيرات متناقضة للعديد من النصوص الكتابية ومدارس لاهوتية متعارضة لأن مفسري الكتاب المقدس هم عُرضة للخطأ. فالتفسيرات والنظريات اللاهوتية يمكن أن تكون خاطئة.
يتوافق العلم والكتاب المقدس بشكل تام طالما تم فهم العلم على أنه دراسة دقيقة لأعمال الخلق الإلهية. يقع العلم تحت خطر عدم التوافق مع الكتاب المقدس فقط عندما يتم اقحام الفلسفات المادية والميتافيزيقية والطبيعية داخل تعريف العلم. إن الصراع الذي نراه موجودًا اليوم يرجع إلى حد كبير إلى مثل هذه الافتراضات الفلسفية من جانب الكثير من غير المؤمنين. من المفارقات أنه لا يمكن إثبات هذه الافتراضات الفلسفية عبر أي ملاحظات تجريبية.
لأن العالم المخلوق هو على الطريقة التي خلقه الله عليها، فإن كل من المؤمنين وغير المؤمنين يمكنهم أن يسجلوا ملاحظات حقيقية عنه، وقد قاموا بهذا الأمر بالفعل. بالطبع، إن غير المؤمنين يقدمون دائمًا أي ملاحظة حقيقية يقومون بها داخل إطار فلسفي غير كتابي، ولكن الملاحظات في حد ذاتها قد تكون صحيحة. كما أشار جون كالفن، فإنه يمكن لغير المؤمنين أن يعرفوا الحق المختص "بالأمور الأرضية"، بالرغم من أنهم فيما يختص "بالأمور السماوية"، فهم "عميان مثل حيوان الخلد" (أسس الإيمان المسيحي 2.2.12-21). ليس لدى المؤمنون ما يخشونه من العلم الذي يتم فهمه كدراسة لأعمال الخليقة الإلهية. فإن أعمال يدي الله مذهلة ومبهرة، ويمكن للمؤمنين أن يبتهجوا وأن يسبحوا خالقهم كلما تم اكتشاف شيئًا حقيقيًا عن هذه الأعمال بغض النظر عمن قام بالاكتشاف. فليس العلم في حد ذاته هو المشكلة. بل فقط الفلسفات الخاطئة التي تلبس قناع العلم هي ما يجب رفضها.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.