بالحقيقة ملتزمون بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح
۱٤ يناير ۲۰۲۳الكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح عبر التاريخ
۱۷ يناير ۲۰۲۳لمَ نحن ملتزمون بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح؟
ملاحظة المُحرِّر: المقالة 2 من سلسلة "الكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح"، بمجلة تيبولتوك.
"أعتقد". نسمع هذه الكلمة يوميًّا. وبغض النظر عن سياق الحديث، نحن نستخدم هذه الكلمة البسيطة للتعبير عن أفكارنا بشأن كلِّ شيء تقريبًا. فعندما نرغب في إخبار الآخرين بما نفكر فيه، أو نرغب في البوح بأعمق مشاعر قلوبنا، نقول عادةً "أعتقد". والله، في حكمته، خلقنا وأعطانا ليس فقط قدرة على الإيمان (الاعتقاد)، بل أيضًا رغبة نهمة في الاستكشاف، والفحص، والتعبير عن معتقداتنا هذه (أمثال 2؛ 1بطرس 1). فإن لدينا جوعًا في أعماق أرواحنا، مصدره الله، يدفعنا إلى أن نفحص الحقائق الأساسية المتعلِّقة بكلِّ شيء تقريبًا أعلنه الله لنا (تثنية 4؛ متى 22).
وإن مجرد اعتقادنا في شيءٍ ما، أو إيماننا به، لا يجدينا فعليًّا أيَّ نفع. فعلى أبسط الأصعدة، الاعتقاد في شيء ما إنما فقط يمدُّنا بوعي شديد بأننا لسنا بمفردنا، وبأن شيئًا أكبر منا موجود. لدى كلُّ شخص قدرة على الاعتقاد في شيء ما؛ وفي حقيقة الأمر، كلُّ إنسان يعتقد فعليًّا في شيء ما (أعمال الرسل 17). ومع أن الشخص الشكوكي الساخر قد يقول: "لستُ أؤمن بشيء"، هو ببساطة يعتقد بالفعل في شيء ما؛ وطبقًا له، هذا الشيء هو "اللا شيء". لكن حتى الشخص الشكوكي عن قناعة يعلم جيدًا أنه من المستحيل ألا يؤمن بأيِّ شيء على الإطلاق. فإذا ادَّعى أحدهم أنه لا يؤمن بأي شيء على الإطلاق، فإن حقيقة الأمر هي أنه يؤمن فعليًّا بكلِّ ما يدور حول ذاته، بصفته مصدر وموضوع إيمانه، ذلك الإيمان الذي صاغه بنفسه، والمتمركز حول ذاته. فإن لديه ذهنًا منفتحًا على كلِّ شيء، الأمر الذي لا يُعَد جيدًا، على خلاف الرأي شائع. فالشخص صاحب الذهن المنفتح على كل شيء سيسمح لكل البيانات والمعلومات، مهما كانت منافية للعقل، بالدخول إلى ذهنه دون فحص، لأنه ليس لديه أيُّ غربال – أي ليست لديه معايير – لتمييز الصواب عن الخطأ، والحق عن الباطل، بل والحقائق عن أنصاف الحقائق (أمثال 1: 22، 32). فالذهن المنفتح على كلِّ شيء هو مكان رحب، لا يمارس التمييز، ومليء فقط بالتصوُّرات والميول.
وكي تكون للاعتقاد (الإيمان) أهمية مغيِّرة للقلب وللحياة، يستلزم ذلك أن يكون الله هو مصدر هذا الاعتقاد وموضوعه على حدٍّ سواء (مزمور 68: 26؛ 1كورنثوس 2: 5). وبصفتنا مؤمنين، نحن مخلوقات جديدة في يسوع المسيح، وقد انتزع الروح القدس قلوبنا القاسية الحجرية بالنعمة، وأعطانا قلوبًا جديدة، طيِّعة روحيًّا، بحيث صرنا الآن قادرين أن نؤمن بالحقائق المجيدة والسرمدية الموجودة في كلمة الله المقدسة، وأن نعترف وننادي بها (لوقا 24: 45). ينبغي أن نكون منفتحين على أيِّ شيء وكلِّ شيء أعلنه الله لنا، كما ينبغي في الوقت نفسه أن نكون منغلقين تمامًا بالضرورة، وإن كان في لطف ووداعة، تجاه كلِّ ما يتعارض مع ما أعلنه الله. فبصفتنا مؤمنين، نحن نؤمن بالحق الإلهي، وحده دون سواه، ونعترف وننادي به. ولهذا السبب، لدينا قوانين وإقرارات إيمان، حتى نتمكَّن، في عزم لا يتزعزع، من الثبات راسخين في الإيمان المسلَّم مرة للقديسين. وغاية ذلك هي أن نؤمن نحن وأولادنا بالحق الإلهي الذي لا يتغير، ونعترف وننادي به، لمجد الله، لأنه هو مصدر كلِّ ما نؤمن به، وبالتالي، فإن إعلانه هو المعيار العقائدي لكلٍّ من إيماننا وسلوكنا.
كل واحد لديه قانون إيمان
لدينا قوانين إيمان لأن كل واحد يؤمن حتمًا بشيء ما، والأهم من ذلك أن كلَّ واحد يؤمن بالله. فحتى أولئك الذين يقولون عن أنفسهم إنهم ملحدون يؤمنون بوجود إله، وذلك في ضوء إعلان الله عن ذاته في الخليقة، وحقيقة أن جميع البشر مخلوقون على صورته، وبالتالي أننا بلا عذر على الإطلاق (رومية 1: 18-20). فالذين يسمُّون بالملحدين يعرفون تمام المعرفة أنه يوجد إله، لكنهم فقط يبغضون هذا الإله، ويجدون أنه من الأسهل على ضمائرهم أن يتظاهروا ببساطة بأنه غير موجود. لكن، كما نعلم جيدًا، حتى الشياطين يؤمنون بأن الله موجود، بل ويقشعرون حقًّا (مرقس 5: 7؛ يعقوب 2: 19).
إذن، إذا كان الجميع يؤمنون بالله، فالسؤال الذي يثيره ذلك هو: بمَ نؤمن عن الله؟ وإجابتنا عن هذا السؤال هي التي تمثِّل إقرارًا أو تصريحًا منا بقانون إيماننا. لدى كلُّ واحد منا، بطريقة أو بأخرى، قانون إيمان، يسرد معتقداته بالتفصيل، سواء كان قانون إيمان رسميًّا أو غير رسمي، مكتوبًا أو شفهيًّا. البعض منا لديهم قانون إيمان رسمي ومكتوب، هم ملتزمون به، في حين أن البعض الآخر لديهم قانون إيمان غير رسمي وغير مكتوب، يُمكن أن يتغيَّر بسهولة، بل وربما يتغير بالفعل في كثير من الأحيان.
نحن بطبيعتنا عقائديون، وذلك لأننا نبدأ في تكوين مفاهيم إيمانية منذ لحظة ولادتنا. وفيما ننتقل من تكوين بعض المفاهيم إلى الصياغة الفعلية لإيماننا، نميل بحُكم الطبيعة إلى الصياغات الشفهية أو حتى المكتوبة للعقيدة، التي تعبِّر عن معتقداتنا، وتوحِّدنا بأشخاص آخرين حول الحقائق التي نتفق جميعًا على الالتزام بها. فبحسب تصميم الله، الجنس البشري بأكمله – سواء قبل السقوط أو بعد السقوط – عقائدي، وسيظل كذلك طوال الأبدية في السماوات الجديدة والأرض الجديدة. لذا، فإن السؤال الحقيقي ليس هو: هل لدينا قوانين إيمان؟ لكنَّ الأسئلة الصحيحة التي يجب أن تُطرَح هي: ما الذي نؤمن به في قوانين إيماننا؟ وما طبيعة إيماننا؟ وما هو مصدر سلطة قوانين إيماننا، وفائدتها، وأساسها، والغرض منها؟
يرى البعض أن قوانين وإقرارات الإيمان تتعارض مع عقيدة "الكتاب المقدس وحده" (سولا سكريبتورا). فبما أن الله ارتأى أن يعطينا الكتاب المقدس، ليكون دليلنا الإرشادي الوحيد المعصوم من الخطأ، للإيمان والسلوك، يترتب على ذلك بالضرورة أن يكون الكتاب المقدس كافيًا تمامًا ليكون الحَكَم والمعيار النهائي، الذي لا يقبل الجدل، لمعتقداتنا، أليس كذلك؟ دون شك، إن كلمة الله هي كل ما نحتاج إليه للخلاص. وهذا تحديدًا ما يُعَلِّمنا إياه الله نفسه (يوحنا 17: 17؛ 2تيموثاوس 3: 16؛ 2بطرس 3: 16). ماذا إذن عن قوانين إيماننا التاريخية العريقة، مثل قانون إيمان الرسل أو قانون الإيمان النيقاوي؟ وماذا عن كلِّ إقرارات الإيمان المُصلحة، وأدلة تعليم الإيمان عن طريق السؤال والجواب، التي صيغت في القرنين السادس عشر والسابع عشر، مثل إقرار إيمان وستمنستر، ودليل هايدلبرج لتعليم الإيمان عن طريق السؤال والجواب؟ فإذا كان الكتاب المقدس وحده "نافعًا لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ"، لكي نكون كاملين ومتأهِّبين لكلِّ عمل صالح (2تيموثاوس 3: 16-17)، فما الداعي إذن إلى أي شيء آخر؟ فإذا كان الرب الإله القادر على كل شيء قد أراد أن يكون لدينا أي شيء آخر غير أسفار الكتاب المقدس الستة والستين، ألم يكن بإمكانه ببساطة أن يوفره ويعطينا إياه؟ هل توجد حاجة حقًّا إلى قوانين وإقرارات الإيمان في حياة المؤمن وحياة الكنيسة؟
هذه الأسئلة التي تتعلق بقوانين وإقرارات الإيمان ضرورية ولا مفرَّ منها، ويجب على كلِّ مؤمن أن يأخذها بعين الاعتبار. ويمكننا أن نرى بسهولة كيف تشمل مثل هذه الأسئلة ليس فقط قوانين الإيمان، بل تمتد أيضًا إلى طبيعة دراسة العقيدة نفسها، والغرض من هذه الدراسة. زد على ذلك أنَّ مثل هذه الأسئلة تمتد بالطبيعة إلى أيَّة دراسة للكتاب المقدس – أي إلى كل كتب التفسير، وكل كتب اللاهوت النظامي، وكل العظات، وكل المناقشات والجدالات حول أي شيء موجود في الكتاب المقدس. فكلما فكَّر أحدهم للحظة فيما أعلنه الله، يكون قد ابتدأ عندئذ يصيغ قانون إيمان. وكلما رنمنا ترنيمات بسيطة لأولادنا، مثل "يسوع يحبني، أعلم ذلك، لأن الكتاب المقدس يخبرني بهذا"، نكون قد صغنا بيانًا عقائديًّا عن يسوع، وعن محبته، وعن موضوع محبته، وعن يقيننا في محبته، وعن طبيعة سلطة الكتاب المقدس.
ومع ذلك، قد يقول أحدهم: "إن قانون إيماني الوحيد هو المسيح". لكن بمجرد طرح سؤال "من هو المسيح؟"، لا بد أن نسمع صياغة أحدهم لفهمه العقائدي عن المسيح، الذي سيكون فهمًا صحيحًا أو خاطئًا، كتابيًّا أو غير كتابي. وأي اعتقاد غير كتابي عن شخص المسيح وعمله سيوقِع دينونة علينا. فإنه إذا كان مسيح الكتاب المقدس هو الذي يوحد بيننا، يكون علينا حينئذ أن نقرَّ بالمسيح الكتابي الواحد الحقيقي، كي ننال خلاصًا كتابيًّا حقيقيًّا، ونتمتع بوحدة كتابية حقيقية. وبالتالي، سيكون من اللائق تمامًا أن نقول: "إن قانون إيماني الوحيد هو قانون إيمان المسيح". هذا هو هدف كلِّ مؤمن – وهو أن يؤمن، ويعترف، ويعلن قانون الإيمان نفسه والعقيدة نفسها المُعلَنين في الكتاب المقدس، اللذين وضعهما وصاغهما المسيح نفسه، واللذين يتمِّمهما هو نفسه، ويدافع عنهما، وينادي بهما. فإذا كنا مؤمنين حقيقيين، يضعون ثقتهم في المسيح وحده، سيكون من المستحيل ألا نقرَّ بالعقيدة الخلاصية الأساسية للمسيح ربِّنا ومخلصنا. لكن السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت عقيدتنا بأكملها سليمة أم خاطئة.
قوانين وإقرارات الإيمان تشبه الخرائط الموروثة من أجدادنا
لعلَّه من المفيد أن ننظر إلى قوانين وإقرارات الإيمان على أنها خرائط، أو كتيِّبات إرشادية، تساعدنا لنعرف طريقنا ونحن ندرس كلمة الله. وفي حين قد يجادل أحدهم ويقول إننا لسنا بحاجة حقًّا إلى خرائط كي نسافر، نعلم جميعًا تمام العلم مدى فائدة الخرائط، إذا أردنا الوصول إلى وجهة معينة، من خلال سلوك طريق معينة، وخلال فترة زمنية معينة. فإننا نستخدم الخرائط كلما احتجنا مساعدة للوصول إلى وجهة معيَّنة غير مألوفة لدينا، لكننا في المعتاد لسنا ننظر إلى خريطة طريقٍ سلكناها كثيرًا، لأننا صرنا نحفظ هذه الطريق جيدًا، وصارت محفورة في ذاكرتنا. لكن، ما لم نكن معتادين على السفر بانتظام إلى وجهة معيَّنة، قد نضلُّ طريقنا، ونحيد عن الطريق الصحيح، لأن أذهاننا لا تفكِّر بصفاء، ولا تتذكر الأمور كما نتمنَّى. فإن الكتاب المقدس عالم جميل وواسع من الجبال، والأنهار، والمسارات. ونحن مدعوون إلى تسلق تلك الجبال، والإبحار في تلك الأنهار، وسلوك تلك المسارات، متطلعين إلى أجدادنا الذين ارتحلوا عبرها بأمانة في أجيال ماضية، ومتعلِّمين منهم، ومتكلين عليهم.
ومع ذلك، يُمكن لأحدهم أن يوجه اتهامه بسهولة ضد جدوى قوانين وإقرارات الإيمان، وذلك عن طريق الإشارة إلى أن أجدادنا، رغم أمانتهم، كانوا خطاة، وبالتالي لم يكونوا مؤهَّلين لصياغة مثل هذه الكتيبات الإرشادية لأجل الكنيسة. لدينا ردٌّ من شقين على هذا الاتهام. أولًا، بعد سقوطنا في الخطية، ظلَّ الله يدعو الخطاة المفديين والتائبين، ويعطيهم مواهب، ويؤهلهم لخدمته وخدمة شعبه المدعو من العالم، أي الكنيسة؛ وغاية ذلك هي أن يؤمن شعب الله بالحق الإلهي، ويعترفون به، وينادون به. ثانيًا، بصفتنا خطاة مفديين وتائبين، يميلون بالطبيعة إلى صياغة قوانين إيمان، يجب أن ندرك أن خطيتنا نفسها هي التي تؤدِّي بنا إلى الاختلاف في الرأي، والنزاع، والانقسام داخل الكنيسة، وهذا هو تحديدًا ما نهى الله عنه في كلمته. لذلك، في حين يُمكننا أن نستنتج أننا نميل بالطبيعة، بسبب الخطية، إلى معتقدات مختلفة، نستنتج أيضًا أنه بسبب الخطية، يجب أن نجاهد بجدية لنصيغ قانون إيمان مكتوبًا يصادق على عقائد وتعاليم الكتاب المقدس. فحتى ونحن مؤمنون، مجدَّدون روحيًا، ومولودون ثانية، فإننا نعاني من آثار الخطية على الفكر والإدراك، ولا نفكر دائمًا بصفاء ودقة كما ينبغي ونحن ندرس الكتاب المقدس. لكنَّ الله، بنعمته، أعطانا روحه، وفي حكمته، أعطانا رعاة ومعلِّمين كي يظلُّوا موجودين إلى أن يكمل المسيح ملكوته في الانقضاء. والروح القدس ينير كلمته أمامنا، ويرشدنا إلى حقِّ كلمته، بينما يُؤهِّل ويستخدم خدامه أيضًا في دراسة وشرح وتعليم حقه في العظات، وفصول دراسة الكتاب المقدس، وكتب التفاسير، والكتب، وقوانين الإيمان. ولهذا، فنظير العظات، تُعَد قوانين وإقرارات الإيمان شروحات مصاغة كتابةً، الغرض منها هو تزويدنا بملخَّص واضح لعقيدة وتعليم الكتاب المقدس.
فالخطية ليست فقط تشوِّش فكرنا، لكنها أيضًا تشوش ذاكرتنا. فإننا لا نتذكَّر دائمًا ما ندرسه في الكتاب المقدس على نحو كامل وسريع كما ينبغي. ولهذا السبب، أعطانا الله نفسه ملخَّصات عقائدية عبر أنحاء كلمته (على سبيل المثال، تثنية 6: 4؛ 1تيموثاوس 3: 16). ونظير تلك التصريحات العقائدية الموجزة الشبيهة بقوانين الإيمان، التي نجدها في الكتاب المقدس، تمَدُّنا قوانين الإيمان التاريخية والعريقة للكنيسة بنظام مختصر لتعليم الكتاب المقدس، حتى يتسنَّى لنا أن نتعلَّم ونتذكَّر على نحو أفضل وأسهل تلك العقيدة التي أعلنها لنا ربُّنا في كلمته.
بدون الخطية، كان من شأن الأحوال كلها أن تكون مختلفة، ولم نكن لنحتاج على الإطلاق إلى قوانين وإقرارات إيمان. فإذا لم نكن خطاة، لاستطعنا جميعًا أن نقرأ كلمة الله ونؤمن بها تمامًا مثلما أراد الله. ولن نختلف في الرأي حول أي شيء في الكتاب المقدس. ولن تكون هناك انقسامات في الكنيسة. ولن يكون هناك معلِّمون كذبة، أو هرطقات. كذلك، لن توجد حاجة إلى التأديب الكنسي. فالكنيسة الواحدة، المقدَّسة، الجامعة، الرسولية كانت لتتفق تمامًا على كل شيء. وسيكون هذا بالفعل هو الواقع في السماوات الجديدة والأرض الجديدة. لكن للأسف، نحن خطاة ذوو قلوب وأذهان فاسدة، نتيجةً لسقوط الإنسان في الخطية، ذلك السقوط الذي عادة ما يُستخَف بخطورته، والذي جعلنا في حالة عداوة ليس فقط مع الله، بل أيضًا مع بعضنا البعض، لكن بدرجة أقل. يجب ألا نستهين بعواقب الخطية، بل ينبغي أن يكون لدينا إدراك شديد لفساد الإنسان، وللآثار الغامرة للخطية على كلِّ ما نفكر فيه، ونقوله، ونفعله، بل وعلى الدوافع الكامنة وراء كل ما نفكر فيه، ونقوله، ونفعله. وبالتالي، فإننا نحتاج إلى قوانين وإقرارات الإيمان، تحديدًا لأن جميعنا خطاة، ولأننا كثيرون.
قوانين الإيمان توحدنا معًا
على خلاف الرأي الشائع، لدينا قوانين وإقرارات إيمان لا لتحدث انقسامات وتفرق بيننا، بل لتوحدنا حول المعتقدات الأساسية للإيمان الواحد الحقيقي والوحيد. فالعقيدة لا تُفرِّق، وكذلك قوانين وإقرارات الإيمان، لكن الخطية هي التي تُفرِّق بيننا، والعقيدة هي التي توحد بيننا. فباتحادنا بالمسيح، وقوة الروح القدس، يكون إقرارنا بالعقيدة الكتابية هو الأمر الوحيد الذي يُمكن أن يوحِّد كنيسة مكوَّنة من خطاة تائبين، خلَّصهم الله كلي السيادة، ذاك الإله الذي يقرُّون به.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.