لمَ نحن ملتزمون بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح؟
۱٦ يناير ۲۰۲۳إقرارات الإيمان والعبادة
۱۸ يناير ۲۰۲۳الكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح عبر التاريخ
ملاحظة المُحرِّر: المقالة 3 من سلسلة "الكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح"، بمجلة تيبولتوك.
منذ البداية، وحتى في أزمنة العهد القديم، كان شعب الله عبارة عن جماعة ملتزمة بقوانين وإقرارات إيمان. كان "قانون الإيمان الأوَّلي" في الكتاب المقدس هو الشيما: "اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ" (تثنية 6: 4). واستشهد كلٌّ من يسوع (مرقس 12: 29)، وبولس (1كورنثوس 8: 4-6) بقانون الإيمان هذا. وفوق جبل سيناء، أعلن الله عن ذاته بأنه إله "رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ" (خروج 34: 6). وبحسب تقدير بعض اللاهوتيين، هذا الإعلان أدَّى أيضًا وظيفة شبيهة بوظيفة قانون الإيمان في حياة الشعب تحت العهد العتيق. وقد تكرَّر هذا الإعلان عدة مرات في قصة إسرائيل، من أسفار موسى الخمسة وحتى الأسفار النبوية، بما في ذلك أيضًا ثلاث إشارات إليه وردت في سفر المزامير (مزمور 86: 15؛ 103: 8؛ 145: 8).
وبالمثل، يُمكن العثور على تصريحات إيمانية عقائدية في العهد الجديد أيضًا. نجد مثالين من هذا القبيل في 1تيموثاوس 2: 5، وفي 1تيموثاوس 3: 16. كتب المؤرخ ياروسلاف بيليكان (Jaroslav Pelikan) يقول: "يبدو أنه من المعقول" أن بولس كان يقتبس "من إقرارات إيمان شديدة القدم بالإيمان المسِيحِي، سواء شفهية أو مكتوبة". قال علماء لاهوت آخرون إن عبارة "صادقة هي الكلمة" التي جاءت في رسائل بولس الرعوية نابعة أيضًا من صيغ عقائدية أو ليتورجية تنتمي إلى الكنيسة الأولى.
وبمواصلة الكنيسة الأولى هذه الممارسة، صارت الملخصات العقائدية المبكِّرة "قاعدة إيمان"، أي ملخصًا عقائديًّا سُلِّم من الرسل، ونُقِل إلى الأجيال التالية. وقد دفعت الخلافات المَسِيحِيّة المبكرة حول القضايا الثالوثية والكريستولوجية الكنيسة إلى صقل قواعد إيمانها، فقامت الكنيسة بالتعبير عن قناعاتها المقرَّرة حول القضايا الثالوثية والكريستولوجية في صيغ عقائدية عزَّزت تعليم الكنيسة، وأدانت أي انحراف عنه (على سبيل المثال، مجمع نيقية، ومجمع القسطنطينية، ومجمع خلقيدونية).
أضافت العديد من التقاليد المسيحية إقرارات إيمان إلى قوانين الإيمان القديمة هذه. وما الفرق بين إقرارات الإيمان وقوانين الإيمان؟ إن قوانين الإيمان (التي كُتِبت في القرون الأولى من حياة الكنيسة) هي بوجه عام شهادات وتصريحات عقائدية مختَصَرة جدًا (تركِّز على طبيعة الثالوث أو تجسُّد الابن)، تتبناها الكنيسة العامة (وبالتالي، تُسمَّى قوانين الإيمان المسكونية). وقوانين الإيمان المسكونية الرئيسية الثلاثة هي: قانون إيمان الرسل، وقانون الإيمان النيقاوي، وقانون الإيمان الأثناسي. ومن خلال البناء فوق هذه الأساسات، كانت إقرارات الإيمان التي ظهرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر تعبيرًا عن جوانب معيَّنة من الإيمان المُصلَح (على سبيل المثال، إقرار الإيمان الفرنسي، أو إقرار الإيمان الإسكتلندي)، تواجه التهديدات الخارجية (مثل انحرافات جماعة معيدي المعمودية، أو المعارضة الأرمينية)، أو تقدِّم تطوُّرات أشمل للإيمان المُصلَح والسلوك (مثل لاهوت العهد، والترتيب الكنسي).
عندما تتسبَّب إقرارات الإيمان في الانقسام
تسعى إقرارات الإيمان إلى الحفاظ على وحدة شعب الله في "إِيمَانهم المشترك الثمين" (2بطرس 1: 1). لكن هذه الإقرارات لم تحقِّق دائمًا هدف الوحدة هذا، بل وفي بعض الأحيان تبيَّن أيضًا أنها تسبِّب الانقسامات. فقد أدَّت إضافة الكنيسة الغربية للعبارة الفيليوكية، أي عبارة "ومن الابن" (التي تنص على أن الروح القدس ينبثق من الآب ومن الابن) إلى قانون الإيمان النيقاوي إلى حدوث الانقسام بين المَسِيحِيّة الشرقية والمسيحية الغربية في عام 1054.
سعى مؤتمر ماربورغ الذي انعقد في عام 1529 إلى توحيد الجانبين المُصلَح واللوثري من البروتستانتية، ونجح بالفعل في تحقيق الوحدة والاتفاق حول أربعة عشر بندًا عقائديًّا من أصل خمسة عشر بندًا. لكنَّ مارتن لوثر غادر هذا المؤتمر دون الوصول إلى اتفاق مع هولدريخ زوينجلي بشأن حضور المسيح الفعلي في العشاء الرباني. كانت هذه انتكاسة مأساوية للقضية البروتستانتية، وعبَّر عنها ج. جريشام ماكين (J. Greasham Machen) جيدًا، عندما أشار إلى أن الإخفاق في تحقيق الوحدة حول موضوع العشاء الرباني في ماربورغ كان "كارثةً". لكن ماكين سارع إلى الإشارة أيضًا إلى أنه "كان من الممكن أن تكون هذه كارثة أكبر بكثير"، لو أن لوثر نظر إلى تلك الخلافات حول الأسرار المقدَّسة على أنها "شأن تافه"، مضيفًا: "مثل هذه الاستهانة بأهمية الاختلاف حول العقائد الدينية كان من شأنه أن يكون أشدَّ فتكًا بكثير من كلِّ الانقسامات بين فصائل الكنيسة".
عندما قام كلٌّ من فرانسيس توريتين (Francis Turretin) وج. ه. هايديجر (J. H. Heidegger) بصياغة إقرار الإيمان السويسري (The Helvetic Consensus) في عام 1675، كانت الكنائس المُصلَحة تواجه الظهور المبكِّر للنقد الكتابي. وردًّا على ذلك، دافع كُتَّاب هذا الإقرار عن الوحي الإلهي لحروف العلَّة في أسفار العهد القديم العبرية. وفي حين حظي هذا الإقرار بالقبول لدى الكنائس السويسرية المُصلَحة، رأى العديد من معاصريهم أن هذا الأسلوب في دعم نزاهة وصدق الكتاب المقدس لا يرتقي إلى مستوى الضرورة الإيمانية والعقائدية. وهكذا، ظلت هذه الصيغة باقيةً في شكل إقرار إيمان سويسري فقط لمدة ستة وستين عامًا. وعلى حدِّ تعبير ج. ف. فيسكو (J. V. Fesko)، كان هذا "تجاوزًا عقائديًّا" لأنه "ضَيَّق أبواب الإيمان القويم بشكل مبالَغ فيه".
ليس الدرس المستفاد من هذه الأحداث هو أن نتخلَّى عن إقرارات الإيمان، بل أن نجاهد أكثر في سبيل صقل وتحسين أساسات إيماننا. لا تقدر إقرارات الإيمان أن تذكر كل شيء، بل وينبغي ألا تفعل ذلك. لكنَّ توخي الحذر والعناية في صياغتها سيسهم في الوحدة الحقيقية للكنيسة. كان فيليب تشاف (Philip Schaff) محقًّا عندما نسب الفضل في هذا الأمر إلى إقرار إيمان وستمنستر، قائلًا إنه عَبَّر عن "الصورة الأقوى، لكن المعتدلة أيضًا، للكالفينية".
لطالما كان الملتزمون بإقرارات وقوانين الإيمان يدركون جيدًا أن قوانين وإقرارات الإيمان التي صاغها بشر هي معايير تشغل مرتبة ثانوية. فهي بمثابة معايير للكنيسة محكومةٌ بالكتاب المقدس، الذي هو الدستور المعصوم الوحيد للإيمان والسلوك العملي. وهكذا، يُمكن تنقيح إقرارات الإيمان من آن لآخر عندما تتمكَّن الكنيسة من الاستعانة بالكتاب المقدس لأجل اكتساب فهم وبصيرة أعمق. على سبيل المثال، أوضحت التعديلات المشيخية الأمريكية لإقرار إيمان وستمنستر، التي صدرت في عام 1789، مفهوم استقلال الكنيسة عن الدولة. لكن تنقيح إقرارات الإيمان هو أمر نادر الحدوث، وهذا جيد. فعندما يُجرَى هذا التنقيح كثيرًا، فإنه يحاول عادة التكيُّف مع روح العصر، ويضعف من الشهادة المُصلحة للكنيسة. كان هذا هو الحال في تعديلات عام 1903، التي أجراها المشيخيون الشماليون على إقرار إيمان وستمنستر، والتي خففت من تعاليمه عن الفساد الكلي للإنسان وعن عقيدة الاختيار.
استياءٌ من إقرارات الإيمان
اليوم، تنظر الكنيسة إلى تاريخ إقرارات إيمانها بكثير من الريبة والشك. فإن الاهتمام بإقرارات الإيمان يتضاءل، وتأثيرها على أساسات الإيمان يتناقص. كذلك، يُثار الشك بصفة خاصة في الادعاء بأن إقرارات الإيمان يمُكنها حقًّا أن توحد بين المؤمنين. ويبدو أن التوجُّه السائد اليوم هو أنه يُمكن للمرء إما أن يكون لديه إقرارات إيمان، وإما أن يتمتع بالوحدة الجامعة؛ لكن لا يمكن لكليهما أن يوجدا معًا.
قد يبدو لنا أن تاريخ المشيخية الأمريكية، المقسَّمة إلى مشيخيين ينتمون إلى العديد من الطوائف، يؤيَّد هذه الحُجة. ومنذ ما يزيد على قرن من الزمان، أكَّد ب. ب. وارفيلد (B. B. Warfield) أنه يوجد "توتُّر سائد" بين المشيخيين في أيامه حول إقرارات الإيمان؛ وأرجع ذلك الأمر إلى عدة أسباب. واحد من مصادر هذا الاستياء هو شروط الانضمام المبالَغ فيها (أي التعهُّد الذي يأخذه أصحاب المناصب والوظائف في الكنيسة على أنفسهم بالتمسُّك بمعايير إقرارات الإيمان). كان وارفيلد مؤيِّدًا لهذه الممارسة (التي تأسَّست في المشيخية الأمريكية الاستعمارية)، التي تطالب القساوسة والشيوخ بالتوقيع على معايير وستمنستر في تأييد لها باعتبارها تتضمن "نظام العقيدة" الموجود في الكتاب المقدس. حرَّر ذلك القساوسة من التقيُّد بالكلمات الحرفية لإقرار الإيمان هذا، الأمر الذي أتاح قدرًا من الحرية لتعديل بعضٍ من تصريحاته. وأكَّد وارفيلد أن الالتزام "المتشدِّد" بإقرار الإيمان "يقضي على نفسه بنفسه"، وواصل مصرِّحًا بأن "الإفراط في التشدُّد يؤدي إلى التراخي في الأداء"، ويعمل في المعتاد على التقويض من الجانب العملي من الالتزام بإقرارات الإيمان. وعلى حد تعبير تشارلز هودج (Charles Hodge): "أولئك المفرطون في التشدُّد في كلِّ أنحاء العالم هم الأقل أمانة".
ينشأ الاستياء عادة من مفهوم هشٍّ وركيكٍ عن الوحدة الجامعة، مفاده أننا إذا قلَّلنا من شأن إقرارات إيمان كنائسنا، ستنتج عن ذلك كنيسة أكبر وأكثر وحدة، وسيجتذب إقرار الإيمان الموجز والعام اهتمامًا أكبر. قال وارفيلد إن هذا النهج يشبه "بناء منزل عظيم لتقيم فيه عائلة منقسمة ومفكَّكة". إن وحدة الكنيسة لا تتحقق البتة على حساب نضجها في الإيمان. ثم أضاف قائلًا: "يجب أن نفكِّر جيدًا فيما إذا كان هذا المسار الليبرالي يؤدي في النهاية إلى الاستبداد والطغيان أم لا".
ما تفعله إقرارات الإيمان
هذه المظاهر التي تعبِّر عن الاستياء من إقرارات الإيمان تؤكِّد الخلط واسع النطاق الموجود في يومنا هذا بشأن طبيعة إقرارات إيمان الكنيسة، والغرض منها. مرة أخرى، كان وارفيلد مفيدًا لنا في هذا الصدد، حيث لاحظ أن إقرارات الإيمان، إذا استُخدِمت استخدامًا صحيحًا، فإنها ستؤدِّي للكنيسة ثلاث خدمات: فهي عبارة عن اختبارات، ونصوص، وشهادات.
إقرارات الإيمان تكون بمثابة اختبارات في حالة فحص المرشَّحين لتولي مناصب قيادية في الكنيسة. فهي تشكِّل أساس ثقة الكنيسة في مدى ملاءمة أحدهم للوظيفة المرشَّح لها. فإن هذا الاختبار يُلزِم إيمان الشخص المرشَّح لتولي المنصب – فهل يستطيع أن يتعهَّد من القلب ويلتزم بتعليم ما يعلنه الكتاب المقدس، على سبيل المثال، عن رئاسة آدم الفيدرالية للجنس البشرى، أو عن الميلاد العذراوي للمسيح؟
كذلك، تكون إقرارات الإيمان بمثابة نصوصٍ عندما توجِّه الأمناء في علم اللاهوت. فإن أدلة تعليم الإيمان عن طريق السؤال والجواب (وهي إقرارات إيمان لكن في شكل سؤال وجواب) هي أدوات فعالة بصفة خاصة للتلمذة. ولأنها عادة ما تكون مستندة على قانون إيمان الرسل، والصلاة الربانية، والوصايا العشر، فهي توفر وسائل لتدريب كلٍّ من الصغار والكبار في الإيمان المَسِيحِيّ. وتُضعِف الكنائس من هويتها الإيمانية والعقائدية عندما تهمل واجبها المتمثِّل في تكميل وتأهيل القديسين عن طريق تعليم الإيمان المَسِيحِيّ باستخدام السؤال والجواب.
وتكون إقرارات الإيمان بمثابة شهادات عندما تكون إعلانًا عن إيمان الكنيسة. تنطوي هذه الوظيفة على شهادة الكنيسة الجماعية أمام عالم يراقبها، وأمام الكنائس المسيحية الأخرى؛ لكنها تتجلَّى بشكل خاص في تقديم الكنيسة التسبيح والشكر الجماعي لله في حياتها الليتورجية، وفي عبادتها الجماعية. يتعلَّق ذلك بالقراءة أو الترديد المنتظمين لأجزاء من إقرارات الإيمان خلال فترات العبادة؛ لكن هذا ليس كل شيء. فينبغي أن تُشَكِّل إقرارات إيمان الكنيسة ترانيم الكنيسة أيضًا. فالعبادة الجماعية تستلزم ترنيمًا جماعيًّا. وعندما تحل محل ذلك موسيقى خاصة يقدِّمها مؤدُّون محترفون، تكون الكنيسة بذلك قد سلبت قطيعها امتياز الإقرار بإيمانه. علاوة على ذلك، لا يُمكن اختزال ترنيم الكنيسة إلى مجرد تعبيرٍ عن اختبارات شخصية. فينبغي ألا تكون شهادة الكنيسة هي "أنا أسلم ذاتي"، بل بالأحرى "نسبِّحك يا إلهنا، وفادينا، وخالقنا". فإن إقرار الإيمان الذي لا تُشَكِّل لغته الغنية بعلم اللاهوت تسبيح الكنيسة إنما هو إقرار إيمان أجوف.
هذه الوظائف التي تؤدِّيها إقرارات الإيمان – أي كونها اختبارات، ونصوص، وشهادات - تتيح لهذه الإقرارات أن تكون بمثابة العمود الفقري للكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان. وهي تهدم تمامًا الحُجة المتعلِّقة بكون إقرارات الإيمان هي نقيض الوحدة. فالإقرارات بعيدة كل البعد عن كونها تقوِّض من الوحدة الجامعة، لكنها على النقيض تمامًا تصب في صالح هذه الوحدة. ففي أحيان كثيرة جدًا، كانت الانقسامات المشيخية ناتجة عن عدم الولاء لإقرارات الإيمان. فبدون إقرارات الإيمان، تصير الكنائس محمولةً بكل ريح تعليم، ومنفصلة عن الآخرين بفعل تفسيرات فردية خاصة، بل ومنفصلة أيضًا عن التزامها بالتقليد المُصلح بفعل اعتبارات وأفكار عابرة ووقتية.
إقرارات الإيمان رَحبٌ واسع
في المزمور 18، يحمد داود الله لأنه أخرجه إلى الرحب (الآية 19)، ووسع خطواته (الآية 36). وهذه هي اللغة نفسها الموجودة في مواضع أخرى أيضًا في العهد القديم. ما هو هذا الرحب؟ كان الرحب في غالبية الأحيان مرتبطًا بأرض الموعد. فهو موضع أمان، وحرية، ورخاء.
يُنظر إلى الكنائس الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان في المعتاد على أنها أماكن ضيقة، لأن العقائد التي تتبناها هذه الكنائس في إصرار وثبات لا تسمح بقدر يُذكَر من الانحراف، الأمر الذي يؤدي إلى خوف البعض من الإصابة برهاب الأماكن اللاهوتية المغلقة، الناتج عن إجبار الجميع في استبداد على أن يكونوا متطابقين معًا تمامًا في إيمانهم. من المؤكد أن إقرارات الإيمان يُمكن أن يُساء استخدامها، بل وقد أسيء استخدامها بالفعل. كذلك، من الممكن اختزالها إلى مطارق تفرض التوحيد الصارم بالقوة في الساحات الكنسية.
لكن إقرارات الإيمان تروي لنا قصة مختلفة في تاريخ الكنيسة. فمن الممكن أن تكون هبةً تكون الكنيسة مدعوة من خلالها إلى أن تحافظ على وحدة حارة وقلبية بين أعضائها، وعلى شركة مع الكنيسة الأوسع. وعلى حد تعبير ريتشارد ميولر (Richard Muller)، إن إقرار الإيمان "يرسم حدودًا للتعبير اللاهوتي والديني عن الإيمان، لكنه يوفر أيضًا حرية كبيرة لتطوير هذا التعبير اللاهوتي والديني المتنوع عن الإيمان داخل إطار تلك الحدود". اتسمت أعظم فترات الازدهار اللاهوتي في التراث المُصلح باهتمام كبير بإقرارات الإيمان الخاصة بهذا التراث. فإن قوانين وإقرارات الإيمان بعيدة كل البعد عن أن تكون عائقًا أمام ازدهار الكنيسة، لكنها بالأحرى حيوية لوحدة الكنيسة، وقداستها، ورسوليتها، ووحدتها الجامعة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.