بيان شيكاغو عن عصمة الكتاب المُقدَّس
۲۰ مارس ۲۰۱۹الإرسالية العظمى في العهد القديم
۲۵ مارس ۲۰۱۹ما هو التبرير والتقديس؟
لقد تضاءل استخدام لفظي التبرير والتقديس بحدة داخل الثقافة الغربية. وللأسف يتلاشيان أيضًا من داخل الكنيسة المسيحيّة. إن أحد أسباب هذه الكبوة يعود إلى استخدام الكتاب المقدس للفظي التبرير والتقديس لتوضيح عمل خلاص الرب يسوع للخطاة. أي أن كلا اللفظين يكمنان في قلب رسالة الإنجيل. إذًا، ما الذي يُعلّمه الكتاب المقدس عن التبرير والتقديس؟ وإلى أي مدى يختلفان عن بعضهما؟ وكيف يساعدانا على فهم أفضل لعلاقة المؤمن بالرب يسوع المسيح؟
يعد فهم التبرير أمرًا بسيطًا للغاية. فالتبرير هو عمل من اختصاص الله. لا يصف التبرير كيف يجدّد الله الإنسان ويغيره من الداخل. بل هو مرسوم قضائي، أو تصريح قانوني، فيه يغفر الله للخاطئ جميع خطاياه ويقبله ويحسبه بارًا أمامه. فالله يعلن الخاطئ بارًا فور إيمانه بالرب يسوع المسيح (رومية 3: 21-26؛ 5: 15؛ 2 كورنثوس 5: 21).
ما هو أساس هذا الحكم القضائي؟ إن الله لا يبرر الخاطئ إلا على أساس طاعة وموت ابنه، ممثّلنا، ربُنا يسوع المسيح. فطاعة المسيح الكاملة وتعويضه التام عن الخطية هما الأساس الوحيد الذي يعلن الله من عليه أن الخاطئ بار (رومية 5: 18-19؛ غلاطية 3: 13؛ أفسس 1: 7؛ فيلبي 2: 8). فنحن لا نتبرر بأعمالنا؛ نحن لا نتبرر سوى على أساس عمل المسيح بالإنابة عنَّا. فيُنسَب هذا البر للخاطئ. أي أن الله، في التبرير، يضع بر ابنه في حساب الخاطئ. فكما انتقلت، أو وُضِعَت، خطاياي على المسيح وهو مُعلّق على الصليب، فقد اُحتُسِب بره لي أيضًا (2 كورنثوس 5: 21).
بماذا يتبرر الخاطئ؟ يتبرر الخطاة بالإيمان وحده حين يعترفون بإيمانهم بالرب يسوع المسيح. فنحن لا نتبرر بفضل أي صلاح فعلناه، أو نفعله، أو سنفعله. الإيمان هو الوسيلة الوحيدة للتبرير. الإيمان لا يضيف أي شيء إلى ما فعله المسيح لأجلنا في التبرير. بل فقط يستقبل الإيمان بر الرب يسوع المسيح المُعلن في الإنجيل (رومية 4: 4-5).
أخيرًا، لا بد أن يبرهن الإيمان المُخَلِّص على أنه وسيلة أصيلة من خلال إثمار الأعمال الصالحة. من الممكن الاعتراف بالإيمان المُخَلِص، دون امتلاكه (يعقوب 2: 14-25). إن الأعمال الصالحة هي ما تميز الإيمان الحقيقي عن مجرد الادعاء به (غلاطية 5: 6). فنحن لا نتبرر على الإطلاق بأعمالنا الصالحة. ولكن لا يجوز لأي إنسان اعتبار نفسه مبررًا حتى يرى في حياته ثمار الإيمان المُبَرِر ودلائله؛ أي الأعمال الصالحة.
يُعد كل من التبرير والتقديس من نِعَم الإنجيل؛ فهما متلازمان دومًا؛ ويتعاملان مع خطية الإنسان الخاطئ. لكنهما يختلفان في بعض النقاط المهمة. أولًا، يتناول التبرير عقوبة خطيتنا، أما التقديس يتناول سلطان الخطية وفسادها في حياتنا. إن التبرير هو إعلان الله أن الخاطئ بار؛ والتقديس هو تجديد الله وتغييره لشخصياتنا بالكامل — عقولنا، وإرادتنا، وعواطفنا، وسلوكنا. فباتحادنا بالرب يسوع المسيح في موته وقيامته وسُكنى روحه، نعد أمواتًا عن سلطان الخطية وأحياءً للبر (رومية 6: 1-23؛ 8: 1-11). لذلك لزامًا علينا أن نُميت الخطية ونُقدم أعضائنا "آلاتِ برٍّ للهِ" (رومية 6: 13؛ انظر 8: 13).
ثانيًا، إن تبريرنا هو عمل كامل ومنتهي. يعني التبرير أن كل مؤمن قد تحرر تمامًا ونهائيًا من دينونة الله وغضبه (رومية 8: 1، 33-34؛ كولوسي 2: 13-14). بينما التقديس يعد عمل مستمر ينمو في حياتنا. على الرغم من أن كل مؤمن يتخلص مرة واحدة وإلى الأبد من عبودية الخطية، إلا أننا لا نصل للكمال على الفور. فلن نتحرر تمامًا من الخطية حتى نلبس أجسادنا المُقامة في اليوم الأخير.
لقد ضمن المسيح كلًا من التبرير والتقديس لشعبه. فكلتا النعمتين ركيزة الإيمان بالرب يسوع المسيح لكن بطرق مختلفة. ففي التبرير، ينتج عن الإيمان مغفرة، وقبول لنا، ونُحسب أبرارًا في نظر الله. أما في التقديس يُنفّذ هذا الإيمان عينه، بنشاط وغيرة، جميع الوصايا التي أوصى بها الرب يسوع المؤمنَ. لا نجرؤ على الفصل أو الخلط بين التبرير والتقديس. بل نميّز بينهم. وبكلتا النعمتين ندخل إلى غني وفرح الشركة مع المسيح بالإيمان به.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.