عدم الامتنان أساس الخطية
۲۲ يوليو ۲۰۲۰افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ
۲۷ يوليو ۲۰۲۰الامتنان الحقيقي
لقد كانت سنة صعبة. تعرَّضت صديقتي لاعتداء جنسي خطير. والد زوجتي البالغ من العمر تسعين عامًا دخل إلى المستشفى، إذ هو يموت ببطء بسبب مرض السرطان على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي. منذ بضعة أشهر، ظننت أني قتلت والدي البالغ من العمر ثمانين عامًا عندما قدت السيارة بالخطأ فوق ساقه في ممر السيارة أمام منزلي. انتحر ثلاثة رجال من دائرة معارفي الأوسع. وكان هناك عدد كبير بشكل غير عادي من الضغوط والإحباطات أقل حدة.
ثم طلبت مني مجلة تيبولتوك أن أكتب عن "اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ" (1 تسالونيكي 5: 18). علم الرب أنني كنت في احتياج لهذه التذكرة، وأنا مضطر الآن لمعرفة ما يعنيه بالفعل هذا الأمر وكيفيَّة القيام به.
الامتنان المزيَّف:
أعلم أن الله لا يقصد أنه علينا أن نقدِّم الشكر من أجل كل الظروف. أتذكر واعظًا قال ذات مرة إن هذا هو ما تعنيه 1 تسالونيكي 5: 18، ليس بعد وقت طويل من فقدان شخص من أعضاء الكنيسة لابنه بسبب مرض السرطان. صرخت في داخلي بصوتٍ كاد أن يُسمع، قائًلا: "لا!" الله لا يطلب منَّا أن نشكره على مثل هذه الشرور. هذا يضع أحمالًا على ضمائر الناس أثقلَ مما يمكن تحمُّله. يبدو الأمر أنه شديد الروحانيَّة، ولكنه ليست كتابي أو واقعي.
كما أنني أعلم أيضًا أن الله لا يقصد لنا أن نقدِّم الشكر من أجل جميع الأشياء الجيدة وأن نتجاهل كل الأشياء السيئة. نحن نسمع "وعَّاظ الرخاء" يقولون أشياءً مثل: "ركِّز على الأمور الإيجابيَّة فقط؛ ولا تفكر في السلبيَّات". لكن تقدِّم لنا المزامير أمثلةً عديدة على رثاء المؤمنين بروح العبادة أمام الله. حتى أن يسوع حزن على آلامه وبكى بسبب شقاء الناس (لوقا 19: 41-44؛ 22: 41-42؛ يوحنا 11: 35). إنكار الألم أو تجاهله أمر غير واقعي وغير كتابي.
هذا لا يعني أيضًا أننا يجب أن نشكر على الرغم من ظروفنا. فإن طريقة صرير أسناننا وإجبار أنفسنا على قول بعض كلمات الشكر بغض النظر عمَّا نفكِّر فيه أو ما نشعر به هو مجرد شكل من أشكال الفلسفة الرواقيَّة القديمة مُكتسية رداءً مسيحيًّا. إنها روحانيَّة بلا تفكير وآليَّة ولا قيمة لها، لأنه لا يوجد أساس منطقي لها.
الامتنان الحقيقي:
إذًا، إن لم يكن تقديم الشكر من أجل كل الظروف، وإن لم يكن تقديم شكر بتجاهل الظروف، وإن لم يكن تقديم الشكر على الرغم من الظروف، فما الذي تعنيه 1 تسالونيكي 5: 18؟ المفتاح هو في أصغر كلمة في الآية. مهما كانت الظروف التي نحن فيها، يجب علينا أن نجد سببًا للشكر. هذا لا يزال يسمح لنا أن نحزن على الخطية والألم، ولكنه يتطلَّب منَّا أيضًا أن نجد أسبابًا لشكر الله في نفس الوقت، أو على الأقل في نهاية المطاف. دعني أعطيك بعض الأمثلة على كيفيَّة محاولتي أن أقدِّم الشكر المبني على أساس من الحق في وسط الأوقات العصيبة.
بينما أحزن بسبب الاعتداءات الصادمة التي تعرَّضت لها صديقتي، أشكر الله على القوة التي أعطاها لها للسعي في طلب العدالة مع استخدامها لما مرت به لمساعدة الآخرين ممن يعانون. أشكر الله على الأشخاص والمؤسَّسات التي باركها الله بالخبرة لمساعدة هؤلاء الضحايا على الشفاء.
أثناء حزني على ساق والدي المكسورة، كنت أشكر الله أن المشهد والأصوات المُرعبة للثواني القليلة الأولى لا تعكس الواقع، وأنه يسير الآن مرة أخرى، وأنه لا يشعر بأي ألم. أشكر الله من أجل والدي أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أنه كان رؤوفًا وغافرًا لي حتى عندما كان مستلقيًا بجروحه على ممر السيارة.
إنني أبكي بسبب مرض السرطان الذي أصاب والدي زوجتي، لكني أشكر الله على الرعاية في المستشفى، ولأجل مُسكِّنات الألم، ولأجل شهادته الأمينة للمسيح على مدى أكثر من ستِّين عامًا وحتى النهاية.
بينما أبكي بسبب ثلاث حالات انتحار، أشكر الله على كل يوم من الصحة الذهنيَّة ولأجل رجاء الإنجيل الذي يحفظنا عبر التجارب. أشكر الله من أجل كل حياة نالت الخلاص وأنه، على الرغم من أن حتى المؤمنين قد يعانون من الأمراض العقليَّة، إلا أنه يمكننا أن نتطلَّع إلى الرجاء الأبدي للفرح والسلام في السماء.
كمؤمن، أستطيع أن أشكر الله أن كل ظرف أمر به كان من الممكن أن يكون أسوأ، بل وكان يجب أن يكون أسوأ، وأن كل ظرف هو لخيري، وأن كل ظرف سيتحسَّن في النهاية في المجد. لذلك أشكر الله من أجل يسوع المسيح الذي تألَّم بسبب أسوأ ما في جميع الظروف حتى أتمكَّن من الاستمتاع بأفضل الظروف إلى الأبد.
معركة الشكر:
انا لا أقول إنني أصبحت شاكرًا ببراعة. ما زلت أصارع من أجل المزيد من الامتنان في حياتي. ولكن المعركة تستحق ذلك. لقد أثبت العلم أن الامتنان يساعد على التقليل من التوتر، والغضب، والحقد، والطمع، والقلق بينما يحسِّن العلاقات، والطاقة، والقدرة على النوم، والفرح، والصحة العامة. يدعونا الله للامتنان ليس فقط لأن الامتنان يمجدِّه ويُعليِّه، ولكن لأنه يرفعنا نحن أيضًا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.