الامتنان الحقيقي
۲٤ يوليو ۲۰۲۰المنارة
۱۰ أغسطس ۲۰۲۰افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ
هل تعرف أقصر آية في العهد الجديد؟ الإجابة الواضحة هي يوحنا 11: 35: "بَكَى يَسُوعُ". إنها أقصر آية في ترجمتنا للكتاب المقدس. ولكن أقصر آية في العهد الجديد اليوناني هي 1 تسالونيكي 5: 16: "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ". إنها آية قصيرة لها آثار كبيرة.
كلمة "افْرَحُوا" هي دعوة للفرح. كان هذا المصطلح عبارة عن شعار بين المسيحيِّين الأوائل. وكان أكثر من مصطلح للعبادة، فقد كانت كلمة تحيَّة. استخدمها يسوع كتحيَّة (متى 28: 9). واستخدمها بولس ككلمة وداع (2 كورنثوس 13: 11). عادةً ما نحيي بعضنا البعض بكلمة "مرحبًا" أو "وداعًا". ولكن كم سيكون مقدار التشجيع إن دخلنا محضر بعضنا البعض ورحلنا منه بدعوة للفرح.
في 1 تسالونيكي 5: 16، حثَّ بولس القدِّيسين على الفرح. إنها وصيَّة توضِّح أن الفرح أكثر من مجرد السعادة. فالسعادة رد فعل عاطفي على الظروف الملائمة، أو الممتعة، أو المجزية. لا يمكنك أن تجبر شخصًا على أن يكون سعيدًا. فهذا يعتمد على ما يحدث للمرء. ولكن الله يأمر المسيحيِّين أن يفرحوا. هذا الأمر بالفرح هو في صيغة المضارع. وهو يعني "استمروا في الفرح". مما يجعل من 1 تسالونيكي 5: 16 وصية صعبة. يكون من السهل قبول هذا التكليف الإلهي إن كان يوجهنا ببساطة إلى الفرح. في الواقع، هناك العديد من الأوقات، والأسباب، والمناسبات التي تدعو إلى الفرح. ولكن الأمر هو أن نفرح كل حين، وليس فقط في بعض الأحيان. كيف يفرح المسيحي كل حين؟
تُقدِّم 1 تسالونيكي 5: 16- 18 ما يُعرف باسم "الوصايا الدائمة للإنجيل". تنطبق هذه الوصايا على كل المسيحيِّين في كل مكان وفي كل ظرف. "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ". قد تكون هذه الوصايا مألوفة. ولكن غالبًا ما يتم تجاهل تبرير هذه الوصايا: "لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ". هل نريد أن نعلم إرادة الله لنا في أي موقف؟ إن إرادة الله هي أن نفرح كل حين، وأن نصلي بلا انقطاع، وأن نشكر في كل شيء. نحن في تمرُّد روحي إن لم نكن فرحين، ومصلين، وشاكرين. إن إرادة الله لحياتنا تعني ما هو أكثر من الظروف التي نواجهها. إنها تعني كيفيَّة تجاوبنا مع تلك الظروف.
إنها إرادة الله لنا أن نفرح كل حين. لكن طاعة هذه الوصية لا تتحقَّق بفعل الإرادة. بل تتحقَّق فقط بالإيمان بالمسيح. إن فرح المؤمن الذي لا ينتهي هو إرادة الله لنا "فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". هذا هو مفتاح حياة الفرح. من لم يخلصوا لا يفرحون بالله، ولا يصلون لله، ولا يشكرون الله. يفرح المتديِّنون أحيانًا، ويصلُّون عندما يشعرون بالرغبة في ذلك، ويشكرون عندما تسير الأمور بشكلٍ جيِّد. ولكن يفرح المؤمنون كل حين، ويصلون بلا انقطاع، ويشكرون في كل شيء. هذه ليست استجابة المؤمن لأننا لا نتأثَّر بمخاطر الحياة، واتعابها، وفخاخها. بل هي استجابتنا للحياة لأننا في المسيح يسوع.
عندما اختتم الرب يسوع خطابه الوداعي في العُلِّيَّة، قدَّم شرحًا مثيرًا لهذه الإرشادات الأخيرة التي أعطاها للتلاميذ قائلًا: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا 16: 33). أراد الرب من تلاميذه أن يعيشوا في سلام. لكن السلام الحقيقي ليس غياب الواقع السلبي، أو المؤلم، أو الصعب. الحقيقة هي أن تلاميذ المسيح سيكون لهم ضيق في هذا العالم. نحن لسنا معفيِّين من المشكلات لأننا في المسيح. على العكس من ذلك، فإن اتِّباع يسوع سيجلب الضغوط التي تختبر الإيمان، وتُثقل النفس، وتُهدِّد الحياة مثل المرض، والحزن، والاضطهاد، والرفض، والإحباط، والخسارة. سنواجه حتى الموت نفسه. ومع ذلك، يمكننا أن نتشجَّع وسط كل هذا لأن المسيح قد غلب العالم.
هناك شيئان أساسيَّان يجب أن تعرفهما عن العالم بصفتك تابع للمسيح. أولًا، العالم مليء بالضيق. ولكن ثانيًا، والأهم من ذلك، هذا الضيق مغلوب. فالرب قد غلب العالم. هذا الإعلان الجريء للسلطة كليَّة السيادة ليس تصريحًا حدث بعد القيامة. فقبل الصليب، بكل ما فيه من ظلم أخلاقي، وألم جسدي، وعذاب روحي، كان يسوع قد غلب العالم بالفعل. من صُلب عن خطايانا قام ثانيةً ليُعلن: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى 28: 18).
إن الضيقات في الحياة أمر حتمي. لكنها لا تملك الكلمة الأخيرة. فالمسيح المصلوب والمُقام من الأموات هو مَن غلب العالم. يملك الرب يسوع المسيح على السماء والأرض. وهذا يشمل كل البركات والأعباء في عالمك الخاص. افرح بهذا الحق المجيد الآن وإلى الأبد.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.