افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ
۲۷ يوليو ۲۰۲۰الأنبياء: قبل السبي
۱۲ أغسطس ۲۰۲۰المنارة
كانت المنارة الذهبيَّة أحد ثلاثة مقتنيات داخل قدس خيمة اجتماع إسرائيل. نقرأ عن وصية الله بصُنع منارة تُوضَع داخل المسكن في خروج 25: 31–40 (انظر أيضًا 37: 17–24). إن الكلمة العبريَّة للفظة "منارة" هي مينوراه، الُمشتقَّة من فعل "أشعل" بالعبريَّة. ببساطة يُؤكِّد الاسم مينوراه على الدور العملي للمنارة وهو إضاءتها للكهنة الذين يخدمون داخل قدس خيمة الاجتماع.
في خروج 25: 40، قال الله لموسى أن تُصنَع المنارة خاصةً وتحديدًا "عَلَى مِثَالِهَا الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ". في الواقع، صُمِّم المسكن بكل آنيته وتجهيزاته على مثال ما تم استلامه من الله (انظر آية 9). فكان يجب تصميم خيمة الاجتماع على نموذجٍ آخر؛ أي كان يجب أن تكون صورة طبق الأصل من النموذج السماوي، أي المسكن السماوي. لذا، أعطى الله بنفسه موسى التفاصيل الدقيقة للمنارة على جبل سيناء.
صُنعَت المنارة من الذهب النقي، وخُرِطَت جميع أجزائها من كتلة ذهب واحدة. وكذلك القطع غير الملتصقة بها، مثل الملاقط والمنافض، صُنعَت أيضًا من الذهب النقي. فصُنعَت المنارة وجميع مُلحقاتها معًا من وزنة ذهب نقي واحدة (أية 39). وبحسب خروج 38: 24–31، تُعادل الوزنة ثلاثة آلاف شاقل، أو ما بين 16 و36 كيلو جرامًا.
وشُكِّلَت المنارة الذهبيَّة حول ساق محوريَّة لها ثلاثة أفرع في كل جانب، فيكون الإجمالي سبعة أفرع. فأضحت تشبه الشجرة. في الواقع، كان تصميمها مُماثلًا لنمط الأشجار المُصوَّرة في فن الشرق الأدنى القديم، التي كانت ترمز إلى الحياة والازدهار والإثمار. فالمنارة في الهيكل بالنسبة لشعب الله كانت ترمز إلى الأمر ذاته أي الحياة والبركة اللتين منحهما الله لشعبه، لكنها أيضًا كانت تُذكِّر الشعب العبراني بشجرة بعينها.
فكما قال العديد من العلماء، تم تخطيط وتصميم خيمة الاجتماع والهيكل لتذكير المتعبِّدين بجنة عدن بصفتها هيكلًا مُقدَّسًا وآدم كاهنًا فيها. وفي وسط هذه الجنة-الهيكل، كانت تقف شجرة الحياة. لم ترمز المنارة إلى الحياة فحسب، بل إلى الحياة الأبديَّة لشعب الله الحقيقي. كما لم تُشر إلى شجرة الحياة في الماضي فحسب، بل أنبأت أيضًا بشجرة الحياة الواقفة في السماء الجديدة والأرض الجديدة في رؤيا 22. في هيكل عدن لأورشليم الجديدة، رأى يوحنا الرسول رؤيا:
نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعًا كَبَلُّورٍ، خَارِجًا مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ. فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ، شَجَرَةُ حَيَاةٍ ... وَتُعْطِي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ. (رؤيا 22: 1–2)
كما ينبغي ملاحظة أن المنارة عبارة عن شمعدان من سبعة أفرع. في الثقافة العبريَّة، دائمًا ما كان يحمل الرقم سبعة فكرة الكمال والشمول، وربما كان يشير هذا الرقم إلى مفهوم سبت الاكتمال. لذلك، ربما تُعد المنارة تذكيرًا بأيام الخلق السبعة التي أثناءها أوجد الله النور الأول في العالم. بالنسبة للمُصلي العبراني، تشير المنارة إلى الماضي حين أشرق نور الله على العالم؛ وفي خيمة الاجتماع كانت تطبيقًا حاضرًا يشير إلى النور الكامل الذي أشرق به الله على جماعة العهد.
أما بالنسبة للمؤمن اليوم، لم تعد المنارة ضروريَّة في العبادة لأن الرب يسوع أعلن: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلَا يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 8: 12). وحقًا كان الرب يسوع: "النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ" (يوحنا 1: 9). وفي أورشليم الجديدة، لن يكون هناك حاجة إلى المنارة لأن "الْمَدِينَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلَا إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لِأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا" (رؤيا 21: 23).
في الختام، أوصى الرب هارون وأبناءه في ناموسه بترتيب المنارة "مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ" (خروج 27: 21). وكان على الكهنة القيام بهذا الطقس كل يوم كي تظل المنارة مشتعلة في خيمة الاجتماع (خروج 27: 20). وبعيدًا عن الدور العملي، ترمز استمراريَّة الطبيعة المُشتعلة إلى هبة الحياة الأبديَّة والنور من الله إلى شعبه ... خاصة بتجسُّد الرب يسوع المسيح وعمله.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.