قانون الإيمان الأثناسي
۲۹ مايو ۲۰۲۰معضلة الغفران
۸ يونيو ۲۰۲۰التكليف العظيم
لا أذكر عدد المرات التي سمعت فيها آباء وأمهات من أعضاء الكنائس يقولون لي:
أنا لا أناقش، عمدًا، أي أمور لاهوتيَّة أو دينيَّة مع أبنائي، لأني أريدهم أن يؤمنوا بما يروق لهم عن إخلاصٍ وليس بسبب أننا لقنَّاهم الإيمان في المنزل. لا أريدهم أن يكونوا عبيدًا لتقليد أبوي. بل أريدهم أن يختبروا الواقع بإملاءاته وأن يتوصَّلوا إلى أي نتيجة يستخلصونها من الأدلة.
تربكني مثل هذه الآراء لأنها تخالف تعليم الكتاب المقدس. على سبيل المثال، اقرأ تثنية 6: 4-9:
اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. وَلْتَكُنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلَادِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، وَارْبُطْهَا عَلَامَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ.
ما أراه رائعًا في هذا النص هو مدى ارتباط تكليف تعليم أبناءنا بما دعاه الرب يسوع أعظم الوصايا وهي: "فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ" (عدد 5؛ انظر متى 22: 36-40). فما من وصية أكثر أهميَّة من أن نحب خالقنا، لكن ما الوصية التالية مباشرة في تثنية 6؟ هي أن شريعة الله ينبغي أن تكون على قلوبنا وأن نعلِّمها لأولادنا. أي يتمثَّل التكليف الإلهي في ضرورة أن يُعلِّم الآباء والأمهات أولادهم وصايا الرب. لا يجب أن يرسل الآباء والأمهات أولادهم إلى مكان آخر لتعلُّم هذه الأشياء، بل هذه المسؤوليَّة تقع على عاتق الوالدين.
علاوة على ذلك، فإن تثنية 6 لا تقول إنك "ينبغي أن تعلِّمهم باستخفاف، أو من حين إلى آخر، أو على فترات متباعدة". لا فهي تقول:
قُصَّهَا عَلَى أَوْلَادِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، وَارْبُطْهَا عَلَامَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ. (الآيات 7-9)
أي أن هذه الأشياء ينبغي تعليمها باجتهاد، أي ينبغي تعليمها كل يوم وفي كل مكان، حتى في كل غرفة من غرف منازلنا.
لا أظن أن هناك تكليفًا أعظم من هذا في الكتاب المقدس. إن تعليم أولادنا حق كلمة الله هو مسؤوليَّة مقدسة وجليلة منحها الله لشعبه. وهو ليس بالشيء الذي نؤديه مرة واحدة في الأسبوع في مدارس الأحد. فمن غير المقبول التنازل عن مسؤوليتنا للكنيسة. فالمنوط أولًا بمسؤوليَّة تعليم الأولاد بحسب الكتاب المقدس هي الأسرة، أي الآباء والأمهات. وما تقوله الوصية هو أن نسلِّم التقليد تباعًا.
في عصرنا المتطلع إلى الأمام، ينظر كثيرون إلى التقليد بنظرات ازدراء. يرونه بمثابة كهف الرجعيين والمحافظين الذين يرفضون مجاراة العصر. ولكن حين ننظر في الكتاب المقدس، نجده يذخر بالكثير ليقوله عن التقليد، بعضه سلبي، وبعضه إيجابي. كان سبب إحدى دينونات الله على أمة إسرائيل وعلى معلمي إسرائيل أنهم استبدلوا كلمة الله بالتقاليد البشريَّة، أي حلَّت التقاليد البشريَّة محل الأسفار المقدسة. جرَّاء هذا الخطأ، قد نقفز إلى الاستنتاج بأننا يجب ألا نسترجع التقاليد.
لكن حين نأتي إلى العهد الجديد، نجد تمييزًا بين تقاليد البشر وتقليد الله. على سبيل المثال، قال بولس الرسول إنه لم يبتدع الرسالة التي ينادي بها إلى الكنائس بل كان ينقل إليهم تقليد (paradosis) الله. تعني كلمة "paradosis" باليونانيَّة "تقليد" وهي مشتقَّة من الأصل ذاته للكلمة اليونانيَّة المُترجمة "عطية"، كما أن البادئة "para-" تعني "برفقة" أو "تسليم". أي أن كلمة "تقليد" في الكتاب المقدس تعني حرفيًّا تسليم عطية ما. فالعطية التي نُسلِّمها هي عطية معرفة الله، وما أعلنه عن نفسه في كلمته، وما أوحي به إلى الأنبياء والرسل ليخبرونا عنه في الأسفار المقدسة.
إنها مسؤوليتي بصفتي أبًا، وكذلك مسؤوليتك أن نُسلِّم هذه العطية. وإن لم تكن أبًا أو أمًا بعد، فمسؤوليتك دعم عمل الكنيسة والآباء والأمهات لتسليم هذه العطية. يا لها من دعوة عظيمة ومجيدة أن نقود أولادنا إلى حق كلمة الله. في الواقع، ما من تكليف أعظم كُلِّف به الآباء والأمهات والبالغين في الكنيسة من تكليف تربية أبناء العهد في خوف الرب وإنذاره.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.