ملك من بيت لحم
۱۳ مايو ۲۰۲۱عاملون، لا سامعون فقط
۲٤ مايو ۲۰۲۱إلهنا المُثلَّث الأقانيم
لقد أصبح من الشائع بشكلٍ متزايد أن يتحدَّث الناس من منطلق صيغتهم عن الحق. فيستخدمون عبارات مثل "الحق بالنسبة لي" و"الحق بالنسبة لك"، كما لو كانت هناك صيغ مختلفة للحق. لقد سمعت أشخاصًا يتحدَّثون عن "الحق بالنسبة لي" في إشارة إلى جميع أنواع الأشياء، بما في ذلك التاريخ، والأخلاق، والعلوم، والدين. وبينما يحق لنا بالتأكيد أن نتمسَّك بآرائنا الخاصة، لا يحق لنا التمسُّك بصيغنا الخاصة عن الحق، لأنه من المستحيل وجود أكثر من صيغة واحدة للحق.
لا ترتبط طريقة التفكير هذه بفلسفة النسبيَّة القديمة أو تعدديَّة ما بعد الحداثة أو محاولات التوفيق بين الأديان فحسب. بل هذه الطريقة الجديدة في التفكير تُجسِّد المذهب التصوُّري (conceptualism). وقد ظهرت العقليَّة الفلسفيَّة للمذهب التصوُّري كنتيجة ضروريَّة لروح ما بعد الحداثة (روح العصر) كوسيلة لنا للتعامل مع أشخاص آخرين نختلف معهم ومع ذلك نتعايش معًا. يُقدِّم المذهب التصوُّري للناس وسيلة لصياغة تصوُّراتهم الشخصيَّة عن الحق حتى يتمكَّنوا من تصديق كل ما يريدون تصديقه وإنكار ما يختارون إنكاره وفقًا لمفهومهم الخاص عن الحق - حتى لو كان تصوُّرهم عن الواقع ليس له أي أساس في الواقع. والآن يمكن أن يكون للبشر تصوُّراتهم الذاتيَّة عن الحقائق والتي يزعمون فيها امتلاكهم للحق الخاص بهم بينما يمتلك الآخرون (الذين يختلفون معهم) الحق الخاص بهم، مع عدم صحة أي من هاذين الحقَّين لجميع الناس. يتم كل هذا حتى يتمكَّنوا من التعايش معًا في بيئتهم المشتركة من الفصل الدراسي، ومكان العمل، والإنترنت، والكنيسة.
بينما يتجلَّى المذهب التصوُّري بطرق مُدمِّرة في العالم، فقد ثبت أنَّه مميت داخل الكنيسة بكل ما في الكلمة من معنى. نرى أسلوب التفكير هذا بكثرة في الطريقة التي يتحدَّث بها الناس عن الله. لقد أصبح من الشائع أن يتحدَّث الناس عن "إلهي" و"إلهك"، قائلين أشياءً للدفاع عن وجهة نظرهم حول مَن هو إلههم وماذا سيفعل إلههم أو لا يستطيع فعله، مثل "إلهي ليس إله الغضب؛ إلهي هو فقط إله المحبة". أو "إلهي لن يفعل ذلك... قد يفعل إلهك ذلك، لكن ليس إلهي". ولكن بما أنَّه لا يحق لنا التمسُّك بصيغنا الخاصة عن الحق، فلا يحق لنا التمسُّك بصيغنا الخاصة عن الله. لا يحق لنا التمسُّك بمفهومنا الخاص عمَّا يفعله الله أو مَن هو الله. علينا أن نتبع الإله الواحد الحقيقي، وهو الآب والابن والروح القدس، ولذا إن أردنا أن نعرف ونعبد هذا الإله، وليس الإله الذي صنعناه بأنفسنا، فيجب أن نعرف عن إلهنا المُثلَّث الأقانيم. يجب أن نعرف ما نؤكِّده وما ننكره بشأن هُويَّة الله. لأنه هناك إله واحد مُثلَّث الأقانيم، ولا يمكننا أن نخلقه على صورتنا أو وفق تصوُّرنا الخاص عن الواقع حول مَن نعتقد أنه ينبغي أن يكون. يوجد إله واحد، ونحن لسنا هذا الإله، ولا يوجد إله آخر غيره.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.