طوبى للرحماء
٦ أبريل ۲۰۲۱لاهوت الصليب
۱٤ أبريل ۲۰۲۱التمتع بالفرح في عملنا
من المُرجَّح أن يكون يوم الاثنين هو أكثر أيام الأسبوع ترويعًا. ونحن جميعًا نعرف لماذا. إنه اليوم الذي يسحق توقُّعات يوم الجمعة، وفرحة السبت، وراحة الأحد. إنه يوم الاثنين حيث يعود معظمنا إلى العمل، أو على الأقل نعود إلى حالتنا الطبيعيَّة من الانشغال وجداول العمل المزدحمة. يوم الاثنين يخافه معظم الناس إذ يبدو أن معظمهم يخافون من عملهم. ولكن هل يجب أن يكون الأمر كذلك؟ هل هناك طريقة بدلًا من ذلك لإيجاد الفرح الحقيقِي والدائم في أعمالنا، لا سيَّما في الوظائف التي غالبًا ما تشتمل على مطالب عادية وعمل مُتكرِّر؟ تتوافق الأمومة بالتأكيد مع هذا الوصف، وعلى الرغم من أن الأمومة ليست وظيفة بحسب طريقة وصفنا للوظائف (حيث لا عائد مادي لها بالدولار)، إلا إنها عمل.
عندما كان أطفالي صغارًا ورُضَّعًا، بدا عملي اليومي كما هو كل يوم. ولكن أثناء فترة الأمومة التي أنا فيها حاليًا، يبدو عملي اليومي مختلفًا تمامًا كل يوم. ومع ذلك، فإن المهام الأساسيَّة لترتيب الحياة المنزليَّة لم تتغيَّر منذ أن كان أطفالي أصغر سنًا. لا يزال يتعيَّن القيام بغسيل الملابس، وغسل الأطباق، ولا يزال يتعيَّن تقديم الطعام. يومًا تلو الآخر، كل شيء متشابه. وإذا لم نكن يقظين، فمن السهل أن نبدأ في التوق لشيء مختلف، وربما شيء جديد ومثير. يُمكن للعمل وخاصة المُتكرِّر والبسيط منه أن يكون صعبًا للغاية. يُمكن أن تعزِّز تلك المهام المُتكرِّرة والبسيطة الشعور بالخوف الذي نشعر به كثيرًا بخصوص عملنا.
يخبرنا الكتاب المقدس الكثير عن العمل، لكني أريد أن أركِّز على مجالين يُمكن أن يساعدانا في تحفيزنا على وجه التحديد في أعمال المحبة البسيطة واليوميَّة التي نقوم بها نحن الأمُهَّات.
العمل هو للرب:
إحدى الطرق الأولى لمحاربة غواية الشعور بالخوف من عملنا هي أن نتذكَّر أن العمل في نهاية المطاف هو لله خالقنا ومن أجله. يخبرنا العالم أنه يجب علينا السعي وراء عمل مُشبعٍ ومُرضٍ. لا أعتقد أن هناك أي خطأ بطبيعته في أن تحب عملك أو أن تسعي وراء شيء أنت مُتحمِّس له. ولكن إذا كان هذا هو كل ما نركِّز عليه، فيمكننا بسهولة أن نشعر بخيبة أمل لأن العمل صعب ويتأثَّر بالسقوط. بدلًا من ذلك، إذا أدركنا أن كل طبق يتم غسله وكل كومة من الغسيل وكل حفَّاضة يتم تغييرها هي أمور نصنعها للرب، أليس هذا أمرًا محل تركيز أكبر بكثير وأكثر أهميَّة؟
إذا كان لدينا أطفال وبيت، فقد دعانا الله أن نرعى أطفالنا ونعتني ببيوتنا. عندما أركِّز على هذا العمل، من السهل أن أظن أنني في أغلب الوقت أخدم أطفالي وزوجي، ولكن كما يُذَكَّرنا بولس في كولوسي قائلًا: "وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ مِنَ الرَّبِّ سَتَأْخُذُونَ جَزَاءَ الْمِيرَاثِ، لأَنَّكُمْ تَخْدِمُونَ الرَّبَّ الْمَسِيحَ" (كولوسي 3: 23-24). رعاية الأطفال والمنزل لا يتم فصلهما عن أي عمل آخر. مهما فعلنا، علينا أن نفعله من القلب، ليس من أجل أطفالنا ولا من أجل أزواجنا في المقام الأول، ولكن من أجل الرب. والله يكافئنا بنعمته على كل ما نعمل. قد لا نتقاضى رواتبنا بالعملات الماديَّة، لكني أتصوَّر أننا لن يشغلنا ذلك لأننا نعبد مخلِّصنا إلى الأبد. يا له من فرح سيكون في ذلك اليوم! دع هذه الحقيقة تحفِّزك على البحث عن الفرح في عملك اليومي، مع العلم أن الله يرى ما تعمل ويُسر عندما تعمل من أجل مجده. إنه ليس عملًا بلا قيمة — فهناك قيمة كبيرة وفرح يمكن إيجاده فيه.
تعلَّم الاكتفاء:
إذا كنَّا نصارع من أجل العثور على الفرح أو خاب أملنا في عملنا، فمن المُحتمل أن مشاعر السخط دفينة في داخلنا.
يخبرنا بولس في فيلبى 4: 11: "لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ". أنا ممتنَّة لكل الآيات الأخرى الموجودة في سياق هذه الآية. تعلَّم بولس أن يعرف أن يتضع وأيضًا أن يستفضل. في جميع الظروف التي اجتاز فيها بولس، جاءت راحته وقوَّته من الرب (آية 13). وهكذا يجب أن يكون الأمر معنا. لم يقل بولس أبدًا إنه مر بتجارب وإغراءات مختلفة وكان دائمًا مُكتفيًا بشكل تلقائي. لا، لقد تعلَّم بولس أن يكون مُكتفيًا. فالله يعطينا لمحة عن التقديس التدريجي في حياة بولس. يمكننا أن نتشجَّع أننا إذا كنَّا نصارع مع السخط في الحياة العادية، فيمكننا أن نتوب عن هذا ونبدأ في شكر الله على العمل الذي أعطاه لنا. يجب تعلُّم الاكتفاء بما نقوم به، لا أحد موهوب بشكل طبيعي ليكون مُكتفيًا.
العمل شاق، ولا شك في هذا. لذلك دعونا نطلب من الرب أن يعطينا أعينًا لنرى عملنا كعمل نقوم به لأجله. كمؤمنين، يجب نخسر حياتنا حتى نتبع مثال المسيح. دعونا نطلب من ربنا أن يساعدنا لنخدم، ونعمل، ونجتهد، عالمين أن يسوع مثالنا الكامل لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ (متى 20: 28). عندما نفكِّر فيما عمله المسيح، نجد فرحًا عميقًا وهدفًا وقيمةً في إتباع مثاله في حياتنا. إن العمل، حتى أبسط الأعمال، له غرض وهو تمجيد الله. هذا شيء يستحق العمل لأجله.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.