أرنا كيف نُنهي حسنًا
۲۷ أبريل ۲۰۲۱أحبب أولادك وشريك حياتك
۲۹ أبريل ۲۰۲۱طوبى للمساكين بالروح
زارت عائلتنا مُؤخَّرًا مُتحف فيلد (Field) الجميل والفخم في مدينة شيكاغو. يهيمن صرحه الكلاسيكي الجديد على المناظر الطبيعيَّة. يمكنك الاقتراب منه من عدَّة زوايا مختلفة، ولكن يوجد مدخل واحد فقط له. قد تشعر بالقرب منه، ومع ذلك، بحسب مكان وجودك بالنسبة للمدخل، هناك احتمال كبير أنك بعيد جدًا عن الدخول ورؤية الكنوز الموجودة بالداخل.
تعرض التطويبات البنية الجميلة لشخصيَّة المسيح. لا يوجد مدخل إلى معرفة غناه والحصول عليه دون المرور أولًا بتطويبه للمساكين بالروح. إذا كانت التطويبة الرابعة — "طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ" — هي مركز المبنى، فهذه التطويبة هي المدخل. يجب أن ندخل فارغين لكي نتمكَّن من الامتلاء.
ما يعنيه أن تكون "مسكينًا بالروح" هو أن تكون فارغًا روحيًّا. غالبًا ما نتعثَّر في كلمة "مسكين" لأننا نربطها بسرعة بالفقر المادي. لكن في الكتاب المُقدَّس، بما في ذلك العهد القديم، لا يعني مصطلح المسكين بالضرورة الفقر المادي. غالبًا ما يكون المسكين مصطلحًا تقنيًّا يصف مَن يدركون أنهم في الأساس يحتاجون إلى الله في كل شيء جسديًّا وروحيًّا. هذا ما قصده إشعياء عندما أعلن: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (إشعياء 61: 1).
توضِّح هذه الخلفيَّة أن المسيح هو الذي سيُسدِّد احتياجات "المساكين". قال سمعان الشيخ عن يسوع المسيح في لوقا 2 :34: "هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ ". ماذا يأتي قبل القيام؟ السقوط — أي الموت. ماذا قال يسوع؟ "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير" (يوحنا 12 :24). بسبب فقرنا الروحي الطبيعي، يجب أن يكون هناك موت للذات إذا كنَّا نمتلئ بالمسيح.
هذة التطويبة لا تروِّج للتواضع الزائف، أي التواضع غير الصادق كما وصفه الأديب ديكنز في شخصية أوريَّا هيب (Uriah Heep)، الذي قال مرارًا كم كنت شخصًا "متواضعًا". هذا هو التواضع الذي يلفت الانتباه إلى نفسه وبالتالي ليس تواضعًا على الإطلاق. ولا تتطلَّب هذه التطويبة قمع شخصيَّاتنا. لا يتعيَّن علينا الخروج من هذا العالم أو تغيير أسمائنا لنصبح "المساكين بالروح".
إن كون المرء مسكينًا بالروح يعني أن يمنحنا الله موقفًا مناسبًا تجاه أنفسنا وتجاهه. نحن بحاجة لأن نرى أنفسنا نحمل دين الخطية، وبالتالي مُفلسين أمام الله. بمعرفة هذا عن أنفسنا، فإننا نصرخ من أجل الرحمة إلى الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يمحو ديوننا ويكون مُعينًا لنا في إفلاسنا — نحن نصرخ إلى الله.
هذا يقف على النقيض من الكثير ممَّا نراه اليوم. تخبرنا روح العصر الذي نعيش فيه أن "نُعبِّر" عن أنفسنا و "نُؤمن" بأنفسنا. نحن بصدد الاعتماد على الذات، والاكتفاء الذاتي، والثقة بالنفس، وما إلى ذلك. تقول حقائق التطويبات المضادة للثقافة: "أفرغ الذات حتى يدخل الله". عندما نمتلئ بالذات، فإننا نفقد بركة حضور الله. إذا كنَّا دائمًا ممتلئين بالذات، فنحن لسنا حتى مؤمنين.
يجب ألا نستغني أبدًا عن هذه التطويبة الأولى. إنها الأساس الذي نصعد عليه إلى التطويبات الأخرى. إذا استغنينا عنها، فإننا نستغني عن مسيحيَّتنا. قال المسيح لشعب الكنيسة في لاودكية في رؤيا يوحنا 3: 17–18 إنهم يقولون إنهم أغنياء وقد استغنوا ولا يحتاجون إلى أي شيء. يقول لهم إنهم "فقراء"، وبالتالي، عليهم أن يشتروا منه ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ حتى يصبحوا أغنياء، أي أغنياء به.
نجد التوجُّه الرئيسي لهذه التطويبة في الْعَشَّارِ في لوقا 18: 9-14. وثق الفريسي في هذا المَثَل في ذاته وأعماله أمام الله. في المقابل، قال العشار: "اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ!" ثم جاء الوعد: "أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ". إذا أردنا أن ندخل ملكوت السماوات ونشبع هناك بالمسيح، يجب أولًا أن نكون "مساكينًا بالروح".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.