نسل المرأة
۱۳ يونيو ۲۰۲۲أمثلة لدعوات في الكتاب المقدس
۲٤ يونيو ۲۰۲۲كن متواجدًا معنا
من أعظم بركات هذه الحياة هي وجود رجال ونساء أتقياء متقدِّمين في العمر في حياتنا. لماذا؟ لأننا جميعًا بحاجة إلى نماذجٍ للقداسة. بكلِّ تأكيد، تمثِّل الكلمات أهمية، لكن الأمثلة الحية عادة ما تخاطب القلوب الشابة المشتَّتة بصوت أعلى. ليس من قبيل المصادفة أن شجَّع الرسول بولس تلميذَه تيموثاوس قائلًا: "لأَنَّنَا لِهذَا نَتْعَبُ وَنُعَيَّرُ، لأَنَّنَا قَدْ أَلْقَيْنَا رَجَاءَنَا عَلَى اللهِ الْحَيِّ، الَّذِي هُوَ مُخَلِّصُ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلاَ سِيَّمَا الْمُؤْمِنِينَ" (1 تيموثاوس 4: 10). فقد جعل بولس نفسه قدوةً لتيموثاوس. ومن المثير للاهتمام أنه أوصى تيموثاوس بعد ذلك بأن يكون هو أيضًا "قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ" (1 تيموثاوس 4: 12). فإن الأمثلة الحية للتمثُّل بالمسيح تترك تأثيرًا في حياة المحيطين بها. وكل مؤمن شاب ليس فقط يستفيد من قدوة مؤمنين أتقياء آخرين، لكنه أيضًا بحاجة ماسة إلى هذه القدوة.
منذ بضعة أشهر، قرَّرت مجموعة من الرجال المتقاعدين في الكنيسة التي أخدمها البدء في عقد اجتماع صلاة صباح كلِّ أربعاء. وفي هذا الأسبوع، دخلتُ إلى مبنى كنيستنا بينما كانوا يختتمون اجتماعهم. وعند مغادرتهم، علَّقت قائلًا لهم: "هذا الاجتماع يُسعِد قلبي. فإنني أشعر بالامتنان لأنكم تجتمعون، وتصلُّون، وتسعون إلى تشجيع بعضكم البعض على خدمة جسد المسيح". وعندئذ، نظر إليَّ واحد من هؤلاء المؤمنين من كبار السن وقال: "من الجيد أن نسمع ذلك، لأننا نشعر بأن لا أحد يحتاج إلينا في المجتمع". وكان ردِّي البسيط على ذلك هو: "ربما كان هذا الشعور حقيقيًّا في المجتمع، لكن ينبغي ألا يشعر أحد منكم بذلك في الكنيسة. فإننا بحاجة إليكم. الكنيسة بحاجة إليكم".
تحتاج الكنيسة إلى تواجُد قديسين مخضرَمين مع قدِّيسين أقل نضجًا سواء من حيث العمر، أو التقوى، أو كليهما. فإننا، كشباب، معروفٌ عنا أننا نشغل عقولنا بما هو عاجلٌ. فالأمر المُلِح هو الذي يتطلب منا اهتمامًا. ولذلك، فإن الحياة الهادئة، والمعتدلة، والمستقرة، والخادمة للآخرين، التي يعيشها القديسون الأكبر عمرًا منا هي التي تنتشلنا من انشغالاتنا الشبابية.
ولمَ نحتاج إليكم؟ لأننا نريد أن نراقب حياتكم. ولا نستطيع أن نراقب ما لا نقدر أن نراه. فقد أثَّرت حياة بولس في حياة تيموثاوس، ثم كان على حياة تيموثاوس بدورها أن تؤثر في حياة المحيطين به في كنيسته. وهذا هو جمال أن يكون القديسون الأكبر عمرًا نموذجًا وقدوة في حياة الإيمان. لكن، يتوقف كلُّ ذلك على تواجُد القديسين الأكبر عمرًا مع القديسين الأصغر عمرًا.
عندما أفكِّر في حياتي الشخصية، أكتشف أن بعض الأشخاص، رجالًا ونساء، يمثِّلون قدوة لي. فعندما أواجه قرارات مختلفة، أفكر عادة في نفسي قائلًا: "ماذا كانت جين لتفعل في هذا الموقف؟" أو "كيف كان من شأن جون أن يتعامل مع هذه المشكلة؟" فعندما أتأمل في حياتي الروحية، نادرًا ما يكون الكلام الذي قاله لي مؤمنون أكبر عمرًا هو الذي يعلق في ذاكرتي، بل إن حياة الأشخاص هي ببساطة التي تعلق في ذهني. فإنني أتذكر أسلوبهم في التعامل، وقدرتهم على تحويل مسار الأحاديث نحو التطرُّق إلى المسيح؛ كما أتذكر فرحهم، وسلامهم، وتناغمهم الأُسري، واستعدادهم للخدمة دون انتظار مديح في المقابل، وأمانتهم، وإيمانهم، واتساقهم مع أنفسهم، وأُذنهم الصاغية. فقد عاشوا طالبين المسيح بالروح لمجد الله، ولم يدروا أنني كنتُ أراقبهم.
لستُ متقدِّمًا في العمر، لكنني أدركتُ هذا الواقع منذ عدة سنوات. فقد كانت أول خدمة رعاية كُلِّفتُ بها هي رعاية العائلات والشباب، وكنتُ أقضي معظم أسبوعي في خدمة طلاب المرحلة الثانوية بسنواتها المختلفة. وبعد ثلاث سنوات قضيتُها معهم، قبلت دعوةً إلى زرع كنيسة جديدة خارج البلاد، وبالتالي أُجبِرت على ترك هؤلاء الطلاب. ثم في السنوات التالية، هالني كمُّ الرسائل الإلكترونية والبريدية التي تلقيتُها من البعض من هؤلاء الطلاب الذين لم أقضِ أي وقت فردي يُذكَر معهم. فقد كانوا فقط بعضًا من طلاب كثيرين يحضرون اجتماع الشباب أو صف مدرسة الأحد، وربما ذهبوا إلى رحلة التزلج الخاصة باجتماع الشباب. ومع ذلك، ذكر هؤلاء في رسائلهم مدى التأثير الذي أحدثتُه في نواحٍ مختلفة من حياتهم، بنعمة الله. وكيف ذلك؟ ببساطة، حدث ذلك بسبب تواجدي معهم.
إن حياتنا هي باستمرار على مرأى ومسمع من الجميع، وهناك من يدوِّنون ملاحظات في عقولهم عن معنى الحياة لأجل المسيح من خلال ما يشاهدونه فينا. لا شك أن هذا كان جزءًا من السبب الذي دفع بولس إلى أن يقول لتيموثاوس: "لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ" (1 تيموثاوس 4 :16). أيها "القديس العزيز الأكثر تخضرمًا"، وجودك في وسطنا ليس مجرد أمر لطيف، بل إننا بحاجة إلى وجودك معنا في الكنيسة، وبحاجة إلى قدوتك، وإلى أن تعيش حياتك أمام أعيننا. نسألك أن توجِّهنا إلى المسيح، وأن تُظهِر لنا من حكمتك التي اكتسبتها عبر السنوات بشقِّ الأنفس كيف يمكن أن نحيا لمجد الله على نحو أفضل.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.