
ما هو مفهوم المؤمن العادي عن الله؟
۵ مايو ۲۰۲۵
ما معنى “العناية الإلهيَّة”؟
٦ مايو ۲۰۲۵لماذا يبقى الله غير منظور؟

أعتقد أن ما من شيء يجعل الحياة المسيحيَّة صعبة أكثر من حقيقة أن الرب الذي نعبده غير منظور لنا. تعرفون جيدًا ذلك القول الدارج: "البعيد عن العين، بعيد عن القلب". هناك صعوبة شديدة تكمُن في أن يكرِّس المرء حياته لشخص أو شيء يعجز عن رؤيته. كثيرًا ما نسمع الناس يقولون إنهم لن يصدقوا أو يقبلوا أمرًا ما إلا عندما يرونه، أو يذوقونه، أو يلمسونه، أو يشمُّونه. هذه واحدة من أصعب مشكلات الحياة المسيحيَّة، وهي أن الله نادرًا ما يُدرك بحواسنا الماديَّة.
في المقابل، أود أن أقول إن واحدًا من أعظم مصادر رجاء للكنيسة المسيحيَّة هو الوعد بما نسميه في علم اللاهوت "الرؤية البهيجة"، أو معاينة الله. تحضرنا هنا رسالة يوحنا التي يقول فيها: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (1يوحنا 3: 2). تقول الترجمة اللاتينية لهذه الآية: "سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ في ذاته". ويعنى ذلك أن ما هو مُخفى تمامًا عن أعيننا الآن، ألا وهو جوهر الله ذاته، سنراه في ملء مجد الله وجلاله وبهائه في السماء.
كثيرًا ما تساءلتُ عن ذلك النص الذي يقول إننا سنكون مثله، لأننا سنراه كما هو. هل يعلِّمنا الكتاب المُقدَّس هنا بأننا سوف نكون طاهرين تمامًا من الخطية، وممجَّدين تمامًا؟ هل هذا الاختبار هو الذي سيبيد الخطية من حياتنا تمامًا؟ هل سيحدث ذلك لأننا سنلقي نظرة مباشرة على جلال الله؟ على سبيل المثال، إذا حدث ورأيتُ الله -أي إذا صار منظورًا لي – فهل هذا هو ما سيطهرني، ويستأصل كل خطية من حياتي؛ أم أن رؤيتي له ستكون نتيجة تطهيره إيَّاي أولًا؟ أظن أن الإجابة الصحيحة هي الخيار الثاني.
تخبرنا الأسفار المُقدَّسة بشكل موحَّد بأن لا أحد يرى الله ويعيش، لأن الله قدوس، بينما نحن لسنا كذلك (انظر خروج 33: 30؛ 1تيموثاوس 6: 15). حتى موسى نفسه، بقدر برِّه، تضرَّع إلى الله فوق الجبل ليسمح له بأن يلقي نظرة على مجده دون حاجز، لكن لم يسمح له الله سوى بأن يرى لمحة من انعكاس مجده من الخلف؛ وقال له: "وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى". منذ سقط آدم وحواء، وطُردا من الجنة، أصبح الله غير منظور للبشر. لكن، ليس هذا لأن الله في جوهره غير قابل للرؤية. لا تكمُن المشكلة في أعيننا، بل في قلوبنا. في الترنيمة بعنوان " Immortal, Invisible, God Only Wise" ("ٱلَّذِي لَا يَفْنَى وَلَا يُرَى، ٱلْإِلَهُ ٱلْحَكِيمُ وَحْدَهُ")، هناك عبارة رائعة تقول: "إليك نرفع الحمدَ، فساعد الأبصارَ لترى، فبهاء هذا النور يحجبك عن العيون".
في الموعظة على الجبل، وعد يسوع بأن يومًا ما، هناك مجموعة معينة من الأشخاص ستعاين الله. "طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ". ولأننا لسنا أنقياء القلب، يبقى الله غير منظور لنا. وفقط عندما نتنقَّى، سيتسنَّى لنا أن نراه.