صِهيَوْن - خدمات ليجونير
الباطل
۱۰ أغسطس ۲۰۲۳
أبواب
۱٦ أغسطس ۲۰۲۳
الباطل
۱۰ أغسطس ۲۰۲۳
أبواب
۱٦ أغسطس ۲۰۲۳

صِهيَوْن

ملاحظة المُحرِّر: المقالة [الحادي عشر ] من سلسلة "كلمات وعبارات في الكتاب المقدّس يُساء فهمها"، بمجلة تيبولتوك.

تخيّل البهجة العارمة التي ستحلّ على عاصمة مملكةٍ بعد أنْ يُخمد الملكُ الصالح تمرّدًا، فيُصبحُ لديك صورةً لما هي عليه صِهيَوْن في الكتاب المقدس. تُشير كلمة صهيون بشكل أساسيّ إلى الجبل الذي بُني عليه الهيكل في أورشليم. ولكن بينما تتكشّف أحداث الكتاب المقدّس، نكتشف أنّها ترمز إلى انتصار الله على أعدائه، لا بل إلى أكثر من ذلك بكثير.

صهيون الغامضة

تبدأ قصّة صهيون باختيار الربّ لها: "لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱخْتَارَ صِهْيَوْنَ. ٱشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ" (مزمور 132: 13). ولكن لكي يسكن هناك ويُثبّت مُلكَه، احتاج الربّ أوّلًا أنْ يهزمَ أعداءَه الذين ناهضوه واحتلوا جَبَلَه. إنّهم الكنعانيّون، وبالتحديد اليبوسيّون. وبمعونة الله، استطاع داود أنْ يهزم هذا الحصن الأخير لأعداء الله (2 صموئيل 5: 7؛ انظر يشوع 15: 63).

بعد أنْ أخضعَ الله أعداءَه، أسّس مدينتَه. طلب من سليمان أنْ يبنيَ الهيكل وسطَ المدينة الجديدة. وكانت الذروة عندما نقلَ سليمان تابوتَ العهدِ من صهيون (مدينة اليبوسيّين القديمة) إلى صهيون الجديدة (جبل الهيكل؛ انظر 1 ملوك 8: 1). توّج الله هذه الأعمال بحلول مجده ليملأ الهيكل (1 ملوك 8: 11). هو مؤسّس صهيون ومتمّم قصده فيها (إشعياء 14: 32).

يحتفل المزمور 132 بهذه الأحداث بينما يتمّ تتويج الربّ مَلكًا على الأرض. بالطبع، لقد ساد الله بشكل دائم كخالق. ولكن الآن يُعترف بالربّ جهارًا باعتباره الملك الشرعيّ على كلّ الأرض.

لذلك عندما تفكّر في صهيون، فكّر أنّ الربَّ قد مَلَك. الربّ مُتوّج على صهيون كملك عالٍ (مزمور 9: 11؛ إشعياء 24: 23). ثبّت الرب داود على صهيون ليُصبح ملكًا خاضعًا له، ويحكم بالنيابة عنه (مزمور 2: 6؛ 110: 2). وبصرف النظر عن ارتفاع صهيون بالمعنى الحرفيّ للكلمة، فإنّ صهيون هي فعلًا أعلى جبال الأرض (مزمور 48: 2؛ راجع إشعياء 2: 2)، لأنّ الرب يُشرف منها على كلّ الشعوب (مز. 99: 2).

يسود الربّ الملك على الجميع من صهيون الواقعة في وسط العالم. من صهيون يأتي خلاص الربّ الملك (مزمور 14: 7). إلى صهيون يأتي كلّ شعب الربّ ليعبدوه ويقدّموا له إخلاصَهم (مزمور 65: 1؛ 84: 7). صهيون هي المكان الذي لا مثيل له لمجدِ مُلكِ الله: إنّها عدن الجديدة، أروع مكان على وجه الأرض (مزمور 50: 2). يحبّها شعب الله كثيرًا لدرجة أنّهم يتمنّون لو كان بإمكانهم أنْ يعيشوا هناك إلى الأبد (مزمور 84: 2-4).

وهكذا، تُشير صهيون إلى الله بطريقة لا يُمكن لأيّ موقع آخر أنْ يُشير إليه. هناك موضِع اسمه (إشعياء 18: 7). إنّ رؤية مجدِ صهيون هي رؤية مجدِ الربّ (مزمور 27: 4). احتقار صهيون هو احتقار للربّ نفسه (إشعياء 37: 22-23). وكما يُضيء حكمُ الله من أورشليم إلى الخارج، كذلك يُضيء اسمُ صهيون المناطقَ التي تحيطُ بها. تشير صهيون بانتظام ليس فقط إلى جبل الهيكل بل إلى أورشليم ككلّ (إشعياء 40: 9)، وهي تُدعى أحيانًا "بنت صهيون" (أو "سيّدة صهيون"؛ ميخا 4: 10). كما يمكن أنْ تشيرَ صهيون أيضًا إلى كلّ شعب إسرائيل (إشعياء 51: 16).

بما أنّ صهيون ترمز إلى حُكمِ الربّ الذي لا يُقهر على العالم، سيكون من المُدهش أنْ تقعَ صهيون تحت سيطرة الأمم. كيف يمكن للهيكل، عرشِ الله نفسه، أنْ يُصبح رمادًا (ميخا 3: 12؛ راجع مزمور 125: 1)؟ الإجابة هي أنّ الله نفسَه قد تخلّى عن عرشه بسبب تمرّد شعبه على مُلكِه (إرميا ٧: ١٣-١٤).

 
صهيون النهائيّة

ومع هذا، تبقى صهيون، حتّى بعد دمارها، وريثة وعود مُذهِلة. وعدَ الأنبياءُ بأنّ الله سيملِك مرّة أخرى في صهيون بمجد أعظم (إشعياء 4: 3-5؛ 51: 11). ولكن عندما يعودّ الربّ في شخص يسوع المسيح، سيأتي ليملُك ليس من هيكل أرضيّ، بل من هيكل سماويّ على صهيون السماويّة (عبرانيين 12: 22؛ 1بطرس 2: 6). كانت صهيون الظلّ نسخة من صهيون الأخيرة طوال الوقت. فكّر كم كان مجدُ صهيون الأولى عظيمًا، وأدركِ الآنَ كم سيكون مجدَ صهيون النهائيّة عظيمًا بعد أنْ يحقّق يسوع انتصاره. أنتم وأنا مواطنون في صهيون السماويّة هذه. ويومًا ما، سيأتي هذا الجبل ليملأ الخليقة الجديدة بالكامل.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

ماثيو هـ. باتون
ماثيو هـ. باتون
د. ماثيو باتون هو راعي كنيسة العهد المشيخيّة في مدينة فانداليا، في ولاية أوهايو.