طوبى للأنقياء القلب، لأنّهم يُعاينون الله - خدمات ليجونير
هل ليسوع طبيعةٌ واحدة أم طبيعتَيْن؟
۱٦ مارس ۲۰۲۳
ما هي الكفّارة المحدودة؟
۲۳ مارس ۲۰۲۳
هل ليسوع طبيعةٌ واحدة أم طبيعتَيْن؟
۱٦ مارس ۲۰۲۳
ما هي الكفّارة المحدودة؟
۲۳ مارس ۲۰۲۳

طوبى للأنقياء القلب، لأنّهم يُعاينون الله

قال يسوع إنّ الأنقياء في صميمهم هم الذين سيعاينون الله. نرى في رسالة يوحنّا الأولى الوعدَ بالرؤية المباركة: "اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا ٱلْآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلَادَ ٱللهِ" (يوحنّا الأولى 3: 1أ). بدأ يوحنّا هذا الجزء من رسالتِه بتعبيرٍ يحتوي على دهشةٍ رسوليّة. الأمرُ العجيب والمُذهل جدًّا، هو أنّه تمّ تبنّي مَنْ ليسوا أنقياءَ القلوب في عائلة الله. نحن ببساطة لسنا مؤهّلين لأنْ نكونَ في علاقة مثل هذه بسبب شخصيّاتنا؛ ومع هذا، نحن مدعوّون أبناءَ الله.

يتابع يوحنّا قائلًا:

مِنْ أَجْلِ هَذَا لَا يَعْرِفُنَا ٱلْعَالَمُ، لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ. أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، ٱلْآنَ نَحْنُ أَوْلَادُ ٱللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا ٱلرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ (3: 1ب-3)

غالبًا ما تُخالجُ الناسَ أسئلةٌ حول ما ستكون عليه الأمور في السماء. كيف سنكون؟ هل سنعرفُ بعضَنا؟ هل سنبدو في العمر نفسه الذي كنّا عليه عند مماتنا؟ أم هل سنتمتّع بأجسادٍ مُمجّدة لا تتقدّم في العمر بطريقة ما؟ كيف سنملأ وقتَنا؟ تُحيّرنا هذه الأسئلة دائمًا، وقد حيّرت يوحنّا أيضًا لأنّه قال: "وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ." لدينا وَمضات عمّا ستكون عليه السماء، لكن ليس لدينا صورةً كاملة عمّا يمكننا توقّعه بعد أنْ نعبرَ إلى الجانب الآخر. لقد أدركَ يوحنّا حدودَ معرفة البشر، وحتّى حدود الوحي الذي أخذَه من الربّ حول هذه الأمور، لكنّه لم يتركنا نتلمّس طريقَنا في الظلام. لا نعرفُ كيف سنكون حتّى الآن، ولكن نعلم التالي: سنكون مثلَه، أي مثل المسيح.

يتحدّث العهد الجديد في مكان آخر عن اكتمال مُلك المسيح عند عودته، مُستخدمًا مُصطلحات لغويّة تُعرَف باللغة الإنكليزيّة بـلغة apocalypse، أي "الكشف". سيظهرُ المسيح في هذه المرحلة، وسيظهرُ بملءِ مجده. عندما يذكر الكتاب المقدّس أنّنا سنراه مرّة أخرى، ويقول إنّه عندما يظهر مكشوفًا بهذه الطريقة، سنراه؛ ستراه كلّ عَيْن. بالتالي، يجب أن تُوجِّه قوّة هذه المقاطع انتباهَنا إلى رجاء رؤية المسيح في ملء مجده.

التعريف اللاهوتيّ للثالوث هو أنّ الآب والابن والروح القدس هم ثلاثة أقانيم، ولكنّهم واحد في الجوهر أو في الكينونة. وإنْ كنّا قادرين على التخيّل، فإنّ هذه الحقيقة تَعِدُنا بشيء أعظم من رؤية المسيح وجهًا لوجه في ملء مجده. لن نرى ببساطة تعبيرَ كمال صورة الله؛ بل سنرى الله في جوهره، سنراه وجهًا لوجه. من الواضح أنّ هذا يطرح سؤالًا فلسفيًّا ولاهوتيًّا شائكًا: إنْ كان الله روحًا، فكيف يتحدّث الكتاب المقدّس عن رؤيته في نقاء جوهره، في حين أنّ جوهّره النقيّ روحيّ لا يُمكن أن يُرى؟

قدّم جوناثان إدواردز بعض الأفكار المثيرة للاهتمام للإجابة عن هذا السؤال. أفكارُه تخمينيّة بكلّ تأكيد، لكنّها تجعلني مُتحمّسًا عندما أتأمّل فيها. لقد جعلْنا من شهادة العيان أمرًا بالغَ الأهميّة؛ سيقول أحدهم عن أمر ما إنّه صحيح لأنّه رآه بأمّ عينَيْه. نحن نعلم مدى أهميّة البصر الجسديّ، وماذا سيُقدّم الأعمى لاستعادة بصره. لذلك، يجب أن نتمتّع بعينَيْن صحيحتَيْن لكي نرى، وبدماغ قادر على تفسير الصور التي نراها بشكلٍ صحيح. لكنّ القدرة على الرؤية ليست بكافية. نحن بحاجة إلى النور، ولا نستطيع أنْ نرى في الظلام. اقترحَ إدواردز أنّ التجاربَ التي نعتقد أنّها تجاربَ مباشرة وفوريّة من شهود عيان، هي في الواقع تجارب غير مباشرة وقد احتجنا فيها إلى وسيط. تمرّ هذه التجارب عبرَ خطواتِ النور والإحساس وتحفيز الأعصاب وما إلى ذلك. بحسب إدواردز، ستتمّ الرؤية النهائيّة لله بدون استخدامِ أعيننا. ستكون إدراكًا مباشرًا وفوريًّا من الروح البشريّة لجوهر الله – إنّها طريقة متسامية ودراماتيكية للإدراك، حيث ستُزال جميع الحواجز التي تعيقنا من رؤية الله، وسنمتلئ في أرواحنا بإدراك مباشر وفوريّ لوجود الله.

قال يسوع: "طُوبَى لِلْأَنْقِيَاءِ ٱلْقَلْبِ، لِأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ ٱللهَ." نجاستُنا وخطايانا هي التي تمنعنا الآن من رؤية الله. قال يوحنّا: "وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ." يبقى السؤال المطروح إنْ كان الله سيُمجّدنا في السماء لنراه كما هو، أو إنْ كان سيُظهر ذاته لنا، الأمر الذي سيطهّرنا. لا نعرفُ الإجابة عن هذا السؤال، لكنّ التفكير فيه مُثير للاهتمام، لأنّ لا شيء يقدر أنْ يُطهّرَنا أكثر من رؤيتنا المباشرة والفوريّة لطبيعةِ الله. قال يوحنّا إنّ الوعدَ بهذه الرؤية المستقبليّة يبدأ في تطهيرنا منذ الآن. إذن، حافظْ على هذا الوعد نُصبَ عينَيْك دائمًا باعتباره الوعد النهائيّ لملء روحِك.

هذا المقتطف مأخوذ من كُتيّب بعنوان: كيف أتبارك؟ أسئلة حاسمة، بقلم آر. سي. سبرول

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.