كيف تبدو التوبة؟
۱٤ مارس ۲۰۲۳طوبى للأنقياء القلب، لأنّهم يُعاينون الله
۲۱ مارس ۲۰۲۳هل ليسوع طبيعةٌ واحدة أم طبيعتَيْن؟
عقدت الكنيسة في عام 451 مَجْمَع خلقيدونيّة العظيم، أحد أهمّ المجامع المسكونيّة على مرّ العصور، بهدف محاربة بِدَعٍ كثيرة، كان أهمّها بدعة تُدعى Monophysite. هذا المُصطلح مُركّب من بادئة وجذر. البادئة هي mono، وتعني "واحد"، والجذر هو phusis، وترجمته "طبيعة".
لذا فإنّ مُصطلح monophusis أو monophysite يعني ببساطة "طبيعة واحدة".
ادّعى أصحاب نظريّة الطبيعة الواحدة أنّ يسوع لم يكن له طبيعتان، طبيعة إلهيّة وطبيعة بشريّة، إنّما كان له طبيعة واحدة لا غير. لم تكن تلك الطبيعة الواحدة إلهية بالكامل، ولم تكن بشريّة بالكامل، بل كانت بحسب طريقة النظر إليها، طبيعة بشريّة مؤلَّهة، أو طبيعة إلهيّة مؤنّسة. كانت هذه البدعة بغاية الخطورة لسببَيْن، فقد أنكرت من جهة ألوهيّة المسيح الكاملة، وأنكرت من جهة أخرى إنسانيّة يسوع الحقّة. لذلك أعلن مجمع خلقيدونيّة ردًّا عليها بأنّ المسيح هو vere homo, vere Deus، أي هو إنسان حقّ وإله حقّ، له طبيعتان في أقنوم واحد.
المسيح هو vere homo, vere Deus، أي هو إنسان حقّ وإله حقّ، له طبيعتان في أقنوم واحد.
كيف يُمكننا فهم اتّحاد الطبيعة البشريّة مع الطبيعة الإلهيّة؟ يقول الكتاب المقدّس إنّه في التجسّد، أخذ الأقنوم الثاني من الثالوث طبيعةً بشريّة. ولكن، عندما أخذَ جسدًا، أي طبيعةً بشريّة، لم يؤلِّه تلك الطبيعة البشريّة، بل بقيت الطبيعة البشريّة بشريّة.
في معالجتِه مسألةَ سرّ التجسّد وتأكيده على طبيعتَيْ يسوع، قال مَجْمَع خلقيدونيّة إنّ الطبيعتَيْن متّحدتان بالكامل بحيث لا يُمكن مزجهما أو تقسيمهما أو فصلهما. لا يُمكننا أنْ نمزجهما ببعضهما كما فعل أصحاب نظريّة الطبيعة الواحدة، بحيث قاموا بتأليه الجسد أو تأنيس الروح. في الوقت نفسِه، يجبُ ألّا نفصلَ بينهما أبدًا. هما متّحدتان في كلّ آن وفي كلّ مكان. تَمَّ فيما بعد إضافة عبارةٍ توضيحيّة إلى عبارات النفي الأربعة هذه الصادرة عن مجمع خلقيدونية: "لقد احتفظت كلّ طبيعة بصفاتها الخاصّة". أي، في التجسّد، لم يتخلَّ الابن عن أيّ من صفاته. لا تزال طبيعتُه الإلهيّة أبديّة، أزلية، كلّية المعرفة، كلّية الوجود، وكلّية القدرة، وتتمتّع بجميع الصفات الإلهيّة. لم يتوقّف الله عن كونه الله عندما أخذ الطبيعة البشريّة في يسوع. في الوقت نفسه، احتفظت الطبيعة البشريّة بصفاتها الخاصّة، فكانت محدودة، غير أبديّة، محصورة، وغير قادرة أنْ تكونَ في أكثر من مكان واحد في وقت واحد، ومعرفتها محدودة، وقوّتها محدودة. بقيت كلّ هذه الصفات الإنسانيّة صفاتَ بشريّة يسوع.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.