طوبى للأنقياء القلب، لأنّهم يُعاينون الله
۲۱ مارس ۲۰۲۳هل للخطيئة درجات؟
۲۸ مارس ۲۰۲۳ما هي الكفّارة المحدودة؟
تقول عقيدة الكفّارة المحدودة (المعروفة أيضًا باسم "الكفارة المُحدّدة" أو "الفداء الخاصّ") إنّ كفّارة المسيح كانت محدودة (في نطاقها وهدفها) للمختارين؛ بمعنى أنّ يسوع لم يُكفّر عن خطايا كلّ البشر في العالم. في الطائفة التي أنتمي أنا إليها، نمتحن الطلّاب الشباب الذين يريدون الانضمام إلى الخدمة، ودائمًا نسألُ أحدهم: "هل تؤمن بالكفّارة المحدودة؟" فيجيب قائلًا: "نعم، أؤمن أنّ كفّارة المسيح كافية للجميع، وفعّالة لبعضهم"، والمقصود بذلك أنّ قيمة موت المسيح على الصليب كانت عظيمة بما يكفي لتغطية خطايا كلّ البشر الذين عاشوا، لكنّها تنطبق فقط على الذين آمنوا بالمسيح، بَيْدَ أنّ هذه العبارة لا تشرح ولا توضّح جوهر الجدل القائم، الذي له علاقة بقصد الله في الصليب.
هنالك طريقتان أساسيّتان لفهم خطّة الله الأزليّة. إحداها هي أنّ الله، منذ الأزل، كان يرغب في إنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس من الجنس البشريّ الساقط، لذلك وضع خطّة فداءٍ بإرسال ابنه إلى العالم ليحمل خطايا البشر الساقطين. سيذهب يسوع إلى الصليب، ويموت من أجل كلّ من سيؤمن به. إذن، كانت الخطّة مشروطة- فقد أتاحَ الله الكفّارة لكلّ من يريد أنْ يستفيدَ منها، أي لكلّ من يؤمن. الفكرةُ هي أنّ المسيح مات من أجل الجميع، لكن، من الممكن نظريًّا أنْ يكون كلّ ما فعلَه باطلًا، لأنّه قد يرفض كلّ إنسان عملَ يسوع، ويختارَ البقاء ميتًا في تعدّياته وخطاياه. وهكذا، يمكن إحباط خطّة الله، لأنّ لا أحد قد يختار أنْ يستفيدَ منها. هذا هو الرأي السائد في الكنيسة اليوم - أنّ يسوع أتاحَ موتَه للجميع. في التحليل النهائيّ، يعتمد نوال الخلاص على كلّ إنسان بمُفرده.
إنّ النظرة المصلَحة تُدرك خطّة الله بطريقة مختلفة. تقول هذه النظرة إنّ الله، منذ الأزل، وضع خطّة ولم تكن مشروطة. كانت خطّة "أ" بدون وجود خطّة "ب" للجوء إليها إنْ لم تنجح الخطّة "أ". وبحسب هذه الخطّة، أعلن الله أنّه سيخلّص عددًا معيّنًا من الناس من البشريّة الساقطة، وهؤلاء هم الأشخاص الذين يسمّيهم الكتاب المقدّس بالمختارين. ولكي تنجح خطّة الاختيار هذه في التاريخ، أرسل ابنَه إلى العالم بهدف مُحدّد، وبتصميم محدّد، لتحقيق فداء المختارين. وقد تحقّقت خطّته هذه بالكمال والتمام، من دون أن تُهدر قطرة واحدة من دم المسيح. فكلّ من اختاره الآب للخلاص، سيَخلُص من خلال الكفّارة.
يتحدّث يسوع في إنجيل يوحنّا عن خرافه، كما لو أنّ الآب هو من أعطاها له.
تفترض وجهة النظر غير المُصلَحة أنّ الله لا يعرف مُسبقًا من هم الذين سيخلصون. لهذا السبب، يقول بعض علماء اللاهوت المعاصرين: "سيُخلّص الله أكبرَ عدد ممكن من الناس". كم عدد الناس الذين يستطيع الله أنْ يخلّصَهم؟ كم عدد الناس الذين لديه القدرة ليُخلّصهم؟ إنْ كان هو الله بالفعل، فهو قادر أن يُخلّصهم جميعًا. كم عدد الناس الذين لديه السلطان ليُخلّصهم؟ ألا يستطيع الله أنْ يتدخّل في حياة أيّ إنسان، تمامًا كما فعل في حياة موسى، أو إبراهيم، أو الرسول بولس، ليأتي بهم إلى علاقة خلاص معه؟ يحقّ له بالتأكيد أنْ يفعلَ ذلك.
لا يمكننا أنْ نُنكرَ بأنّ الكتاب المقدّس يتحدّث عن موت يسوع من أجل "العالم". المثال الأوّل الذي يتبادر إلى ذهننا هو الآية من يوحنا 3: 16 التي استخدمت هذه اللغة. ولكن في العهد الجديد نظرة موازية لذلك، بما في ذلك إنجيل يوحنّا، تُخبرنا أنّ يسوع لم يضع حياته من أجل الجميع، بل من أجل خرافه. يتحدّث يسوع في إنجيل يوحنّا عن خرافه، كما لو أنّ الآب هو من أعطاها له.
نرى في يوحنا 6 أنّ يسوع يقول: "لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ ٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي" (يوحنّا 6: 44)، والمعنى الأصحّ للكلمة التي تُرجمت إلى "يجتذبه" هي "يُرغمه". قال يسوع أيضًا في هذا الإصحاح، "كُلُّ مَا يُعْطِينِي ٱلْآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ" (يوحنّا 6: 37). كانت فكرته، أنّ كلّ من أراد له الآب أنْ يأتيَ إلى ابنه، سيأتي ولن يأتي أحد غيره. بالتالي، فإنّ خلاصَك، من بدايته حتّى نهايته، يعتمد على أمر الله السيّد، الذي قرّر بنعمته أنْ يرحمَك، ليس لأيّ شيء رآه فيك يستحقّ ذلك، ولكن من أجل محبّة الابن. السبب الوحيد تحت الشمس الذي يمكنني أنّ أعطيه لكوني مسيحيًّا، هو أنّني هديّة الآب للابن، وذلك ليس لأيّ شيء فعلته أو يُمكنني فعله.
هذه المقالة هي جزء من مجموعة بعنوان "ما هو TULIP؟
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.